بتنويع العملات وتغيير المناخ.. هل تقترب نهاية "البترودولار"؟

السبت 25 مارس 2023 05:04 م

الاعتماد المتزايد من جانب عدد من الدول على عملاتها الوطنية في التجارة البينية وكذلك سياسات مكافحة التغير المناخي، ولاسيما انبعاثات الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغازي الطبيعي) قد تقضي على نظام "البتردولار" وتؤدي إلى "نظام نقدي عالمي أكثر لامركزية بعيدا عن الدولار".

ذلك ما خلص إليه الباحثون ليديا باول وأخيليش ساتي وفينود كومار تومار، في تحليل نشره موقع "أوراسيا ريفيو" (eurasiareview) وترجمه "الخليج الجديد".

و"البترودولار" هو مزيج من كلمتين "البترول" و"الدولار"، وهو نظام جعل معظم النفط في جميع أنحاء العالم يتداول اليوم بالدولار الأمريكي.

ويعود هذا الترتيب إلى اتفاقية وقّعت عام 1974 بين الولايات المتحدة والسعودية، في أعقاب حرب يوم الغفران (السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973) والحظر النفطي اللاحق الذي فرضته دول الخليج على واشنطن والغرب لدعمها إسرائيل ضد العرب.

ووفقًا لتك الاتفاقية، وعدت الحكومة الأمريكية بتقديم المزيد من الابتكارات والمساعدات الاقتصادية والعسكرية للسعودية، وفي المقابل وافقت الرياض على تسعير كامل نفطها بالدولار الأمريكي. واتبع أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) السعودية في اعتماد نظام "البترودولار" في 1975.

وكان هدف الولايات المتحدة من إنشاء هذا النظام هو حماية قيمة الدولار وزيادة الطلب عليه، وبالفعل بدأت الدول في جميع أنحاء العالم في شراء العملة الأمريكية واحتفظت بها كاحتياطي في كثير من الأحيان في البنوك الأمريكية لشراء النفط لبلادها، مما جعل الدولار قويًا وعملة الاحتياط في العالم.

استيراد وأصول

وقال الباحثون إن "النمو الاقتصادي المتميز بزيادة الطلب على النفط وما يترتب على ذلك من ارتفاع أسعار النفط لم يفد الاقتصادات المعتمدة على عائدات تصدير النفط في الخليج فحسب، بل استفادت منه أيضا الدول الغنية الأخرى وخاصة الولايات المتحدة، التي حصلت على عوائد النفط بوسائل مختلفة، أبرزها إعادة تدوير البترودولار".

وتابعوا: "كانت هناك قناتان يتم من خلالهما إعادة تدوير البترودولار، الأول عبر إنفاق دولارات البترودولار على تمويل الاستهلاك والاستثمار المحلي، وبالتالي زيادة الطلب على استيراد السلع والخدمات".

والقناة الأخرى هي "حفظ أموال البترودولارات التي لم يتم إنفاقها على الواردات في الأصول الأجنبية المحتفظ بها في الخارج (...) وكانت هذه الأصول تحتفظ بها البنوك المركزية كجزء من احتياطياتها الدولية أو من جانب صناديق أسستها الدول المصدرة للنفط"، وفقا للباحثين.

تجارة الأسلحة

وأفاد الباحثون بأن "فائض العائدات لدى البلدان المصدرة للنفط في منطقة الخليج وجد طريقه مرة أخرى إلى الاقتصادات الصناعية من خلال تجارة الأسلحة".

وأوضحوا أن ذلك حدث تنفيذا لـ"عقيدة نيكسون، ومفادها أن تزويد الولايات المتحدة للدول الصديقة بالأسلحة والخبراء والقوات هي أفضل طريقة لتأمين المصالح الاقتصادية الغربية.

وفي 1976، أخبر نائب لمساعد وزير الدفاع الكونجرس أن مبيعات الأسلحة ساعدت الولايات المتحدة في الحفاظ على استمرار القاعدة الصناعية العسكرية المتدهورة وخفضت التكاليف وحسنت وضع ميزان المدفوعات الأمريكي، بحسب الباحثين.

وأردفوا أن "تدفق النفط إلى الولايات المتحدة وتدفق الأسلحة إلى منطقة الخليج هو جزء مهم من الاقتصاد الأمريكي، وباتت دول منطقة الخليج أكبر مستورد للأسلحة والمعدات الدفاعية".

وأضافوا أنه "خلال فترات ارتفاع أسعار النفط، أقرض مصدرو النفط من الخليج وأماكن أخرى جزءا من احتياطياتهم من العملات الأجنبية إلى صندوق النقد الدولي لتمويل ميزان مدفوعات احتياجات عدد من البلدان المستوردة للنفط".

ولفتوا إلى أنه "غالبا ما كان يُطلب من البلدان النامية التي ساعدها صندوق النقد أن تتبنى سياسات سعت إلى فتح اقتصاداتها أمام السلع والخدمات الغربية وكذلك السياسات الغربية".

وشددوا على أن الاعتماد المتزايد من جانب عدد من الدول على عملاتها الوطنية في التجارة البينة وكذلك سياسات مكافحة التغير المناخي، ولاسيما انبعاثات الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغازي الطبيعي) قد تقضي على "البتردولار" وتؤدي إلى "نظام نقدي عالمي أكثر لامركزية بعيدا عن الدولار".

نهاية محتملة

لكن كل من الهند وباكستان والعراق والإمارات صفقات مع روسيا والصين لدفع ثمن النفط أو سلع أخرى بعملاتها المحلية، وهي سياسية قد تؤدي إلى "نظام نقدي عالمي أكثر لامركزية بعيدا عن الدولار" الأمريكي، وفقا للباحثين.

وأضافوا أن السعودية أعلنت أنها تدرس تداول نفطها مع الصين باليوان، وأنها على استعداد للتداول ليس باليوان فحسب، ولكن أيضا بمجموعة متنوعة من العملات الأخرى.

كما أنه "على المدى الطويل، فإن سياسات احتواء تغير المناخ ستحد أو حتى تقضي على إنتاج واستخدام النفط مما يجعل نظام البترودولار زائدا عن الحاجة"، بحسب الباحثين.

المصدر | ليديا باول وأخيليش ساتي وفينود كومار تومار/ أوراسيا ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الخليج النفط الدولار البترودولار الولايات المتحدة أسلحة الصين روسيا

كيف يهدد تغيير المناخ بأزمة إنسانية في الشرق الأوسط؟

في 2023.. ضعف البترودولار يبشر بنظام نقدي عالمي أكثر لامركزية

تعامل الإمارات والهند بالدرهم والروبية.. ماذا يعني؟

الهند تشتري نفط الإمارات بالروبية للمرة الأولى.. ماذا يعني؟