يوما بعد آخر توسع مجموعة موانئ أبوظبي الإماراتية أنشطتها في المنطقة، لاسيما عبر الاستحواذات واتفاقيات التعاون، ضمن تنافس مع مجموعة موانئ دبي العالمية، وبإطار أوسع تنافس بين الإماراتين على النفوذ والعوائد الاقتصادية، وفقا لموقع مختص بالشؤون الاستخباراتية.

وفي أحدث تحركاتها، تقدمت مجموعة أبوظبي، التي يسيطر عليها صندوق الثروة السيادي في الإماراة، إلى الجانب المصري بعرض أولي للاستحواذ على حصة مؤثرة في شركتي بورسعيد ودمياط لتداول الحاويات والبضائع، وفقا لصحيفة "المال" المصرية، السبت، دون تفاصيل بشأن حجم الحصة المستهدفة ولا قيمة العرض المقدم.

وبتلك الخطوة، تنافس المجموعة الإماراتية شركة "مها كابيتال" الذراع الاستثمارية لجهاز قطر (الصندوق السيادى القطري) على الصفقة، بعد أن توقفت المفاوضات مع الجانب القطري إثر خلاف على حجم حصة الاستحواذ، لرفض وزارة النقل المصرية أي استحواذ على حصة أغلبية في الشركتين.

ووقّعت مجموعة موانئ أبوظبي، الأسبوع الماضي، اتفاقية امتياز بقيمة 200 مليون دولار لتطوير وتشغيل محطة متعددة الأغراض في ميناء سفاجا شرقي مصر لمدة 30 عاما.

وسبق وأن وقّعت اتفاقيتين لمدة 15 عاما لإنشاء محطتين لمناولة الأسمنت السائب في ميناءي العريش وغرب بورسعيد المصريين باستثمارات تبلغ 33 مليون دولار.

وفي 2022، استحوذت المجموعة على حصة 70% في شركة الشحن والخدمات اللوجستية المصرية "إنترناشونال أسوسييتيد كارجو كارير" (أي أيه سي سي) مقابل 140 مليون دولار.

والإمارات هي ثاني أكبر شريك تجاري لمصر في المنطقة والدولة الأولى من حيث الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 29%، فيما تعد مصر خامس أكبر شريك تجاري للدولة الخليجية من حيث التجارة غير النفطية، إذ تساهم بـ7% من إجمالي تجارة الإمارات غير النفطية مع الدول العربية.

الكويت والأردن

وضمن نشاط إقليمي مكثف، أعلنت مجموعة موانئ أبوظبي، السبت، عن إطلاق خدمة ملاحية جديدة مباشرة تعزز الربط التجاري واللوجستي وتيّسر حركة التجارة مع الكويت، عبر شحن البضائع المدحرجة من ميناء خليفة بالإمارات إلى ميناء الشويخ الكويتي.

والبضائع المدحرجة، كالمركبات مثلا، يتم شحنها في سفن مزودة بسلالم لتحريك تلك البضائع عليها، بينما يتم الوصول إلى أسطح سفن البضائع الأخرى باستخدام روافع.

وجاء إطلاق تلك الخدمة لدعم التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات والكويت الذي سجل ارتفاعا في 2022 بنسبة 13%، حيث بلغ 43.5 مليار درهم مقابل 38.5 مليار درهم (10.5 مليارات دولار) في 2021.

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، افتتحت المجموعة الإماراتية محطة العقبة للسفن السياحية الجديدة في الأردن، وهو مشروع مشترك مع شركة تطوير العقبة.

وتلك المحطة هي المشروع الأول من بين خمسة مشاريع استراتيجية ضخمة مرتقبة بين المجموعة الإماراتية والشركة الأردنية لتعزيز قطاعات السياحة والخدمات اللوجستية والنقل في المدينة الساحلية.

تعاون مع شركة تركية

كما وقّعت مجموعة موانئ أبوظبي، في يناير/ كانون الثاني الماضي، اتفاقية مبدئية مع شركة "توسيالي"، أحد أكبر منتجي الصلب في القطاع الخاص بتركيا والتي تدير عمليات واسعة في ثلاث قارات.

والاتفاقية تنص على وضع إطار عمل لتعاون المجموعة الإماراتية مع توسيالي في نطاق واسع من الخدمات يشمل الشحن البحري والخدمات اللوجستية والموانئ وخدمات وكلاء الشحن، إلى جانب إمكانية قيام الجانبين بالاستثمار بشكل مشترك في مرافق مينائية جديدة لدعم عمليات التصدير الخاصة بتوسيالي.

وقال مسؤولون في المجموعة آنذاك، إن هذا التعاون سيسهم في تعزيز العلاقات التجارية بين الإمارات وتركيا، إذ سجل حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين نموا بنسبة 54% على أساس سنوي في 2021 ليصل إلى 50.4 مليار درهم إماراتي (13.7 مليار دولار).

أنجولا وكازخستان

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي أيضا، وقّعت المجموعة الإماراتية اتفاقية مع وزارة النقل الأنجولية لبحث تطوير محطة "كايو ديب ووتر" في ميناء كابيندا شمال غربي البلد الأفريقي الغني بالنفط.

ووقّعت المجموعة، في الشهر نفسه، شراكة مع شركة الطاقة الكازاخستانية (KazMunayGas)، واتفاقا أوليا مع وزارة الصناعة وتطوير البنية التحتية في البلاد؛ للتعاون في تطوير أسطول بحري وطني وبنية تحتية ساحلية في بحر قزوين والبحر الأسود.

وفي 2022، استحوذت على منصة الخدمات اللوجستية المتكاملة الإسبانية "Noatum" مقابل 2.5 مليار درهم  (680 مليون دولار)، واشترت حصة 80% في شركة "Global Feeder" العالمية لشحن الحاويات ومقرها دبي بـ2.9 مليار درهم (800 مليون دولار).

زيارة 50% بالأرباح

وبفضل توسيع وتعزيز أنشطتها ولا سيما عبر الاستحواذات، حققت مجموعة موانئ أبوظبي  على مدار العام 2022 صافي أرباح بنسبة زيادة  50% إلى 1.27 مليار درهم (345.8 مليون دولار) ارتفاعا من 854 مليون درهم في 2021، بحسب بيان للمجموعة.

وتأسست المجموعة في 2006، وتعرف نفسها بأنها أحد المحركات الرئيسية للتجارة والصناعة والخدمات اللوجستية في المنطقة، وتشكل حلقة ربط بين أبوظبي وجميع أنحاء العالم، وفقا لموقعها الإلكتروني.

وتضم عددا من قطاعات الأعمال الرئيسية وهي: قطاع الموانئ، وقطاع المدن الصناعية والمنطقة الحرة، والقطاع البحري، والقطاع اللوجستي، والقطاع الرقمي، وتشمل محفظتها على 10 موانئ ومحطات في الإمارات.

وتقول المجموعة إنها تحرص على لعب دور حيوي في تعزيز النمو الاقتصادي لإمارة أبوظبي، إذ تساهم في 13.6% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي للإمارة.

صراع على العوائد

وعبر ذراعها مجموعة موانئ أبوظبي، صعّدت إمارة أبوظبي من منافستها لإمارة دبي (مجموعة موانئ دبي العالمية) في صفقات الاستحواذ على الموانئ ضمن صراع على النفوذ والعوائد الاقتصادي بين الإماراتين، وفقا لموقع فرنسي متخصص في الشؤون الاستخباراتية.

وتحدث موقع "إنتليجنس أونلاين" عن صراع بين إمارتي أبوظبي ودبي بشأن مَن يستحوذ على الموانئ الاستراتيجية في أرجاء العالم، بعدما كان هذا الأمر من اختصاص مجموعة موانئ دبي التي تدير موانئ في كل القارات.

وتخوض إمارة أبوظبي، بحسب الموقع، معركة شرسة لتخطي موانئ دبي العالمية، التي كانت رأس الحربة الإماراتية في هذا القطاع؛ ما يعني أنه لم يعد بمقدور المجموعة الاعتماد على دعم أبوظبي الدبلوماسي والمالي للظفر بموانئ جديدة.