على عكس الروسية والصينية.. شركات النفط الغربية غير مرحب بها في العراق

الثلاثاء 4 أبريل 2023 05:58 م

يجب أن يُنظر إلى الحظر الذي فرضته الحكومة الفيدرالية العراقية الأسبوع الماضي على مبيعات النفط التي تتم بشكل مستقل من قبل حكومة إقليم كردستان شبه المستقل في شمال البلاد، في سياق استئناف العلاقة بين السعودية وإيران.

ويمكن تفسير هذا السياق بسهولة أكبر إذا تم توصيف الصفقة بنطاق أوسع من كونها صفقة سعودية - إيرانية، ولكن بصفتها صفقة دخل بها كل من السعودية، وأوبك، والصين، وروسيا، والهلال الشيعي (الذي يتألف بشكل خاص من إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن)، كما أن تركيا تقع على هامش هذه المجموعة.

يتناول مقال سيمون واتكينز في "أويل برايس"، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، هذا الملف من منطلق تعليق أدلى به مسؤول رفيع المستوى من الكرملين قائلا: "بإبقاء الغرب بعيدًا عن صفقات الطاقة في العراق وجعله أقرب إلى المحور الإيراني السعودي الجديد، ستصبح نهاية الهيمنة الغربية في الشرق الأوسط الفصل الحاسم في الزوال النهائي للغرب".

ويرى المقال أن كل ما كان يفعله المحور الصيني الروسي في الشرق الأوسط قبل الصفقة السعودية الإيرانية، هو المناورة بنفسه في وضع أفضل أمام نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها في مركز النفط والغاز الطبيعي في العالم، والشرق الأوسط.

وبعد الاتفاق السعودي الإيراني، أصبحت الصين وروسيا في المكان الذي تريدان أن تكونا فيه، وهذا هو الوقت المناسب فيما يتعلق بالبناء حتى هذه اللحظة التي ستشهد اندماج جميع قوى إقليم كردستان تدريجياً في قوى الجنوب لإنشاء دولة موحدة مرة أخرى، محكومة من بغداد.

تحرك روسي

ووفقا للمقال، كانت روسيا قد وضعت استراتيجية العمليات في شمال العراق، تم تكرارها بعد ذلك من قبل الصين في جنوبه بعد ذلك بقليل. وبعد التصويت الساحق في كردستان في سبتمبر/أيلول 2017 لصالح دولة كردية مستقلة، كانت هناك احتجاجات ضخمة عندما تجاهلت بغداد التصويت، ولكن تم إخضاع هذه القوى من إيران وتركيا، وفي هذه المرحلة من الفوضى، تحركت روسيا للسيطرة على قطاع النفط في الإقليم الكردي وقد حققت ذلك بثلاث طرق:

أولاً، زودت حكومة إقليم كردستان بتمويل قدره 1.5 مليار دولار أمريكي من خلال مبيعات النفط الآجلة المستحقة الدفع في السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة.

ثانيًا، التعاون في 80% من 5 مناطق نفطية رئيسية محتملة في المنطقة. وثالثًا، أنشأت روسيا ملكية لحوالي 60% من خط أنابيب النفط الحيوي لحكومة إقليم كردستان الذي يمر إلى تركيا من خلال استثمار بقيمة 1.8 مليار دولار أمريكي لزيادة قدرته إلى مليون برميل يوميًا.

كانت روسيا في ذلك الوقت هي التي أثارت الخلاف بين حكومة إقليم كردستان في الشمال والحكومة العراقية، وذلك أساسًا من خلال استغلال السخط الحالي لدى الجانبين بشأن مدفوعات الميزانية مقابل صفقة النفط التي تم الاتفاق عليها بين شمال وجنوب العراق في عام 2014.

وكانت هذه الصفقة - التي تشكل الأساس لحظر الأسبوع الماضي على مبيعات النفط المستقلة من كردستان العراق - هي أن تقوم حكومة الإقليم بتصدير ما يصل إلى 550 ألف برميل يوميًا من النفط من حقول نفط كردستان وكركوك عبر مؤسسة الحكومة الكردستانية ومقرها بغداد لتسويق النفط في الجنوب.

في المقابل، كانت بغداد سترسل 17% من الميزانية الفيدرالية (بعد النفقات السيادية) - حوالي 500 مليون دولار أمريكي في ذلك الوقت - شهريًا في مدفوعات الميزانية للأكراد.

ويفيد المقال أن هذه الصفقة لم تنجح، وقد سعت روسيا منذ عام 2017 إلى خلق خلاف أكبر بكثير بين شمال وجنوب العراق.

تقليد صيني

وفي نهاية عام 2020 وبداية 2021، قررت الصين استخدام نفس الاستراتيجية في جنوب العراق، حيث استخدم الروس تدفقًا هائلاً للتمويل، من خلال صفقة ضخمة للدفع المسبق للنفط، كخطوة أولى للسيطرة بشكل فعال على صناعة النفط في كردستان. انعكاسًا لذلك، وقعت شركة "زيهنهاوا"  الصينية صفقة بقيمة 2 مليار دولار أمريكي مدفوعة مقدمًا لخمس سنوات لتوريد النفط.

ويرى المقال أن هذا التطور كان مقلقًا للغاية لواشنطن لثلاثة أسباب رئيسية: أولاً، من الواضح أن الصفقة كانت مستمدة من قواعد اللعبة التي استخدمتها روسيا للسيطرة على صناعة النفط في كردستان العراق في عام 2017.

ثانيًا، كان من الواضح أن روسيا والصين تعملان معًا بشكل وثيق في العراق بطريقة لم نشهدها من قبل.

على وجه التحديد، كان السبب الرئيسي وراء ترحيب بغداد بالصين في حقولها النفطية والغازية الجنوبية هو أن بكين قالت إنها قد تكون قادرة على تخفيف التوترات بشأن اتفاق مدفوعات الميزانية مقابل النفط من خلال الاتصال بروسيا.

والسبب الثالث هو أنه بالإضافة إلى العناصر العسكرية التي جلبتها روسيا لأنشطتها في إقليم كردستان العراق، فإن الصفقة الصينية الضخمة الجديدة في الجنوب كانت تتم بواسطة شركة "زيهانهوا"، وهي ذراع لشركة "نورنكو" للدفاع الصينية الضخمة.

ولوقت طويل، كان من المناسب تحقيق أغراض الصين وروسيا لإبقاء شمال العراق وجنوبه في حالة صراع اقتصادي دائم يتركز حول مدفوعات ميزانية 2014 مقابل النفط، حيث لم يكن من الممكن الفوز بها من منظور قانوني، وبالتالي كان من الممكن أن تستمر إلى الأبد.

ويشير المقال إلى أن المحور الصيني الروسي الآن، مع إضافة السعودية بقوة إلى مجال نفوذه بعد سنوات من بناء العلاقة مع الرياض، يشعر بالجرأة الكافية للإشارة لهدفه الحقيقي: السيطرة الكاملة على الشرق الأوسط.

ووفقا للمقال، لا يوجد أي خيار أفضل من احتياطيات النفط والغاز عبر جميع البلدان التي تدين بالولاء لزعيمة الإسلام السني (السعودية) أو لزعيمة الإسلام الشيعي (إيران)، واللتان تمثلات معًا كل الدول، وكما هو معلوم فإن العقوبات حاليًا هي فقط على إيران وليس العراق، ويمكن التحايل عليها بسهولة على أي حال،

ويختم المقال بأن الهدف النهائي للصين هو كما كانت منذ أن بدأت طفرة نموها الاقتصادي في التسعينيات؛ أن تتفوق على الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد في العالم من خلال الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بحلول عام 2030 على أبعد تقدير.

وبالرغم من كونها أكبر اقتصاد في العالم بالفعل من خلال تعادل القوة الشرائية، وأكبر اقتصاد صناعي وأكبر دولة تجارية، لكن في الوقت نفسه تقريبًا، تحتاج الصين إلى التأكد من أن لديها كل موارد الطاقة التي تحتاجها لتحمل أي عقوبات قد تُفرض إذا نفذت تعليمات الرئيس شي جين إلى الجيش الصيني ليكون جاهزًا لغزو تايوان بحلول عام 2027.

يرى المقال أن الصين تعلمت من غزو روسيا لأوكرانيا، وسواء ظل هذا الحظر الخاص للمبيعات المستقلة من قبل كردستان العراق ساريًا أم لا، فقد أرسلت بكين وموسكو رسالة مفادها أن كل ما يحدث الآن في جميع أنحاء العراق لن يحدث إلا بمباركتهما.

المصدر |  سيمون واتكينز/ أويل برايس – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصين روسيا العراق السعودية كردستان

بعد قرار مفاجئ بخفض الإنتاج.. ارتفاع أسعار النفط

مباحثات عراقية مع السعودية والأردن وسوريا لإحياء خطوط أنابيب نفطية

صعوبات تواجه دور الصين المتنامي في قطاع الطاقة بالعراق

كماشة.. الصين وروسيا تحكمان السيطرة على أكبر الأصول النفطية في العراق