سوريا واليمن.. لماذا تصر أمريكا على إطالة أمد صراعات الشرق الأوسط؟

الجمعة 7 أبريل 2023 10:03 ص

كانت قمة موسكو التي عُقدت في منتصف مارس/آذار الماضي بين الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره الروسي فلاديمير بوتين جديرة بالإعلان عنها مسبقًا. فمنذ اندلاع الحرب السورية، لم يتم الكشف علناً عن زيارات الأسد الخارجية إلا بعد حدوثها. وتشير هذه التفاصيل الصغيرة ولكن المهمة إلى أن الرئيس السوري باتت لديه ثقة جديدة في الظروف السياسية والأمنية خارج حدوده الوطنية.

يذكر مقال حسن عليق في "ذا كاردل" الذي ترجمه "الخليج الجديد" أن الرئيسين السوري والروسي ناقشا عدة قضايا على رأسها العلاقات الاقتصادية مع التركيز على قطاع الطاقة السوري، كما أعرب بوتين عن استعداد موسكو لمساعدة سوريا في تلبية احتياجاتها الحيوية من الحبوب. كما تناول اللقاء العلاقات مع تركيا حيث ورد أن الأسد رفض عقد اجتماع رباعي بين نواب وزراء خارجية سوريا وتركيا وروسيا وإيران.

الصراع السوري

وجدد الرئيس السوري التأكيد على أن تركيا "تحتل" الأراضي السورية، وأن المفاوضات بين البلدين لا يمكن أن تنتقل من المستوى الأمني إلى المستوى السياسي دون تعهد واضح وعلني من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسحب قواته العسكرية من الأراضي السورية، وفتح الطرق الرئيسية التي تربط المحافظات السورية، لكن موسكو ضغطت، وتوصلت إلى اتفاق بين دمشق وأنقرة ينص على استمرار مفاوضاتهما والانتقال إلى المستوى السياسي، على أن يكون البند الأساسي للنقاش هو الانسحاب التركي من الأراضي السورية.

وستتم مناقشة أساس القمة التي طال انتظارها بين الأسد وأردوغان في وقت لاحق. تقول المصادر إنه لأغراض سياسية داخلية، يحتاج أردوغان إلى مقابلة الأسد قبل الانتخابات الرئاسية في تركيا في مايو/أيار، لإبلاغ الناخبين أنه يسعى لوقف الحرب على الحدود الجنوبية لبلاده، وأنه ينوي إعادة ما يقرب من 3 ملايين لاجئ سوري إلى الوطن، وللتأكيد للناخبين العلويين الأتراك أنه ليس معاديًا لطائفتهم التي ينتمي إليها منافسه كمال كيليتشدار أوغلو.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع السعودية؛ أطلع بوتين، الذي يقود جهود الوساطة لتطبيع العلاقات السعودية السورية، الأسد على نتائج محادثاته مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وبحسب مصادر رسمية في دمشق وموسكو، فإن مبادرة بوتين أحرزت تقدماً في إعادة تنشيط الاتصالات المهمة بين دمشق والرياض.

ويضيف المقال أن وزارة الخارجية السعودية، أعلنت في 23 مارس/آذار 2023، بدء مباحثات مع سوريا لإعادة تفعيل العمل القنصلي، تمهيداً لعودة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية بين البلدين

وأكدت المصادر للمقال أن أي تقدم محتمل في العلاقات السورية السعودية هو نتيجة جهود الوساطة الروسية، ولا علاقة له بالاتفاق السعودي الإيراني الذي يغير قواعد اللعبة والذي تم توقيعه في بكين في 10 مارس/آذار الماضي.

وتعتقد المصادر أن لقاء الرياض ودمشق قد يحدث بعد نهاية شهر رمضان، في حين أن نجاح المفاوضات السعودية الإيرانية برعاية صينية، والانفراج المحتمل في العلاقات السعودية السورية برعاية روسية، يشير إلى تحول استراتيجي نحو الشرق للمملكة، تؤكد مصادر مقربة من الرياض أنه لا يوجد تغيير في العلاقة السعودية الأمريكية.

حرب اليمن

وفي اليمن يرى المقال أن الأمير محمد بن سلمان أدرك أن مشاريعه الاقتصادية والمالية والترفيهية الضخمة ستظل مهددة ما لم ضمان الهدوء على حدود المملكة. لذلك، منذ أواخر عام 2022، بدأ مفاوضات جادة مع إيران، ورد بجد على الجهود الروسية للتوسط مع سوريا، وبدأ محادثات مباشرة مع الحوثيين في معقلهم في صنعاء.

وبحسب ما ورد حققت المناقشات تقدمًا كبيرًا، ثم توقفت عند عدة نقاط رئيسية، بما في ذلك "عدم قدرة" الرياض أو عدم استعدادها لرفع الحصار عن اليمن، وسحب القوات الأجنبية من البلاد. وتقول الرياض إنها "لا تستطيع إجبار شركائها" في التحالف؛ تحديدا الإمارات، والولايات المتحدة التي تمارس نشاطها بشكل مستقل، على سحب قواتهم من الأراضي اليمنية.

وقد قدر العديد من حلفاء الحوثيين أن السعوديين يريدون إنهاء الحرب، لكن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإمارات وفرنسا منعتهم من القيام بذلك. ومع ذلك، تغير هذا التقدير بعد أن تراجعت السعودية عن عدد من التعهدات التي قدمتها في المفاوضات.

وبعد وقف القيود المفروضة على ميناء الحديدة في البداية، عادت الأمم المتحدة لعرقلة وصول بعض السفن إلى الميناء. وتزامن تجديد الحصار مع زيارة السفير الأمريكي في اليمن ستيفن فاجن إلى موظفي آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة في جيبوتي المكلفة بتفتيش السفن المتجهة إلى الحديدة.

وفي تصعيد متجدد للتوتر، هدد أنصار الله بطرد بعثة الأمم المتحدة في صنعاء خلال 72 ساعة إذا لم يتم الإفراج عن سفينة حاويات استولى عليها المفتشون في جيبوتي. وقبل انتهاء الموعد النهائي، أفرجت الأمم المتحدة عن السفينة.

ويرى المقال أنه رغم أن التهديد تزامن مع زيارة السفير الأمريكي "الاستفزازية"، وبينما يبدو أن الأمريكيين كانوا يحاولون تقويض التفاهمات بين السعودية وأنصار الله، فإن مصادر يمنية تقول لـ"ذا كرادل" إن عرقلة السفن لم يكن قرارًا أمريكيًا حصريًا، بل قرارًا سعوديًا أيضًا.

ويتساءل المقال: إذن ما الذي تنوي الرياض فعله؟ ومن الذي يعرقل حقًا الحل النهائي للحرب في اليمن؟ هل السعوديون أم الأمريكيون؟ وتقول مصادر مقربة من حكومة صنعاء إن "إجماعا أمريكيا سعوديا شاملا" ما زال قائماً بشأن اليمن. قد يختلف الحليفان في بعض الأحيان، لكن حتى الآن لا تزال واشنطن والرياض متفقتين على تهدئة الأمور في اليمن، مع الإبقاء على الحصار.

كما اتفقتا على أن اليمن لا ينبغي أن يكون دولة مستقلة وقوية، قادرة على السيطرة على مواردها أو استغلال موقعها الجغرافي، لأن ذلك ينطوي على مخاطر استراتيجية على دور السعودية الإقليمي، وعلى المصالح الأمريكية والإسرائيلية في غرب آسيا والقرن الأفريقي والبحر الأحمر".

وتضيف المصادر: "لا تستطيع السعودية وأمريكا تحمل منح جماعة الحوثي شروطًا تمكنها من حشد قوة إضافية وترسانة أكبر وأكثر فاعلية". ببساطة، الثنائي لا يسعيان إلى إنهاء فعلي للحرب، لكنهما يسعيان بدلاً من ذلك إلى هدنة طويلة الأمد.

ويشير الكاتب إلى أن الأمير محمد بن سلمان يريد بعض الهدوء لضمان عدم سقوط الصواريخ والطائرات بدون طيار على مشاريعه الترفيهية والتطويرية الطموحة، بينما تريد الولايات المتحدة والإمارات إبقاء اليمن مجزءا، والاستمرار في "سرقة" موارده النفطية الحيوية، وفي الوقت نفسه، تحميل جماعة أنصار الله (في شمال اليمن) المسؤولية عن إدارة بلد لا يزال ينهار تحت الحصار.

يختم المقال بأن اتفاقيات الهدنة ليست معاهدات سلام، ونظرًا لأن التعددية القطبية تلوح في جميع أنحاء العالم، لم يتضح بعد ما إذا كانت الجهود الصينية والروسية لتحقيق الاستقرار في المنطقة من أجل تعزيز التواصل الشامل والمشاريع الاقتصادية والتنموية سوف تكون قادرة على التغلب على "إدارة الصراع" القديمة و"الحروب الأبدية" في نموذج النظام أحادي القطب المتدهور.

المصدر | حسن عليق | ذا كاردل – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا السعودية الأسد أردوغان روسيا

اليمن في 9 سنوات.. من شرارة الحرب إلى مخاض السلام (تسلسل زمني)

التطبيع الإقليمي.. تهديد لاستراتيجية الولايات المتحدة في سوريا