الشرق الأوسط في التسريبات الأمريكية: تخابر وتسليح وتحريض

الأربعاء 12 أبريل 2023 11:57 ص

تخابر وتسليح وتحريض، حول تلك الثلاثية وردت معلومات في وثائق الاستخبارات الأمريكية المسربة المزعومة عن 4 دول حليفة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، هي الإمارات ومصر وتركيا وإسرائيل، وتتشابك كلها بشكل أو بآخر مع روسيا التي تتبادل العداء مع واشنطن.

وفتحت وزارة العدل الأمريكية تحقيقا في ملابسات تسريب هذه الوثائق التي جرى تداولها على منصة "ديسكورد" (Discord) الأمريكية للتواصل الاجتماعي والرسائل في مارس/ آذار الماضي، قبل ظهورها على مواقع أخرى.

تلك الوثائق عبارة عن تقارير استخباراتية عالية السرية كشفت عن كيفية تجسس الولايات المتحدة على الحلفاء والأعداء على حد سواء؛ مما أثار قلق المسؤولين الأمريكيين من أن تهدد تلك المعلومات مصادرهم السرية الحساسة وتقوض علاقاتهم الخارجية المهمة.

الإمارات.. تعاون استخباراتي

تحت عنوان: "روسيا/ الإمارات: تعميق العلاقات الاستخباراتية"، وبتاريخ 9 مارس/ آذار الماضي، تحدثت وثيقة عن أن "عملاء استخبارات أمريكيين رصدوا ضباط استخبارات روس وهم يتفاخرون بأنهم أقنعوا الإمارات بالعمل معهم ضد وكالات الاستخبارات الأمريكية والبريطانية".

وخلص التقييم الاستخباراتي الأمريكي في الوثيقة إلى أن "الإمارات تفكر على الأرجح في التعامل مع المخابرات الروسية كفرصة لتعزيز العلاقات المتنامية بين أبوظبي وموسكو وتنويع الشراكات الاستخباراتية وسط مخاوف من تراجع ارتباط الولايات المتحدة بالمنطقة".

لكن الحكومة الإماراتية نفت، في بيان، صحة أي اتهام لها بتعميق العلاقات مع الاستخبارات الروسية، مضيفة أن "المسؤولين الإماراتيين لم يروا الوثيقة"، والمزاعم المتعلقة بجهاز الأمن الإماراتي "خاطئة بشكل قاطع".

وقالت الحكومة إنها "نفند أي مزاعم بشأن اتفاق لتعميق التعاون بين الإمارات والأجهزة الأمنية في دول أخرى ضد دولة أخرى.. الإمارات تتمتع بعلاقات عميقة ومتميزة مع جميع الدول".

أما في واشنطن، فرفض مسؤولون أمريكيون التعليق على الوثيقة، بحسب وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية التي قالت إن لدى الولايات المتحدة بالفعل مخاوف متزايدة من أن أبوظبي كانت تسمح لموسكو والروس بالتحايل على العقوبات المفروضة على روسيا بسبب غزوها لجارتها أوكرانيا منذ أكثر من عام.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كانت الإمارات لا تزال تصدر طائرات بدون طيار إلى روسيا، بحسب بيانات للحكومة الروسية حللتها مؤسسة "روسيا الحرة" ومقرها واشنطن، وفقا لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني.

وحظيت الإمارات بمكاسب غير متوقعة من عائدات الطاقة وسط الحرب في أوكرانيا، وازدهرت دبي كمركز أعمال محايد، حيث أصبحت رابع أكثر أسواق العقارات الفاخرة نشاطا في العالم بعد نيويورك ولوس أنجلوس ولندن العام الجاري، بفضل زيادة الاهتمام من الروس الذين أصبحوا أكبر مشترٍ للعقار في الإمارة الخليجية.

مصر.. صواريخ لروسيا 

وثيقة أخرى بتاريخ 17 فبراير/ شباط الماضي رصدت محادثات مزعومة بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وأفادت بأن السيسي أمر مرؤوسيه بإنتاج 40 ألف صاروخ ليتم شحنها سرا إلى روسيا، مشددا على ضرورة الحفاظ على سرية إنتاج وشحن الصواريخ وقذائف مدفعية "لتجنب المشاكل مع الغرب"، وفقا للوثيقة.

ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا في جارتها أوكرانيا؛ مما دفع دولا عديدة، في مقدمتها الولايات المتحدة، إلى فرض عقوبات مشددة على موسكو التي تبرر هجومها بأن خطط كييف للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) تمثل تهديدا للأمن القومي الروسي.

ووصف مصدر مصري مسؤول، في حديث لقناة "القاهرة" الإخبارية الحكومية، التقرير بأنه "لا أساس له من الصحة".

ونافيا أيضا صحة ما ورد في الوثيقة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد، إن "موقف مصر يقوم على عدم التدخل في هذه الأزمة (الروسية الأوكرانية)"، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

وشدد أبوزيد على تمسك القاهرة بـ"الالتزام بالمحافظة على مسافة متساوية مع الجانبين"، مشددا على ضرورة "وقف الأعمال العدائية والتوصل إلى حل سياسي من خلال المفاوضات".

فيما قال مسؤول بالحكومة الأمريكية، شريطة عدم الكشف عن هويته للصحيفة: "لسنا على علم بأي تنفيذ لتلك الخطة (المصرية لتزويد روسيا بصواريخ)".

ومصر من أقدم شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتتلقى نحو 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية السنوية من واشنطن، لكن علاقتهما توترت في السنوات الأخيرة، وأعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في سبتمبر/ أيلول الماضي أنها ستمنع 130 مليون دولار من المساعدات لمصر بسبب قضايا حقوق الإنسان.

ومثل جيرانها العرب، رفضت مصر دعم العقوبات الغربية ضد روسيا، التي تقوم شركتها النووية المملوكة للدولة "روساتوم" ببناء محطة للطاقة في مصر، ويتعاون البلدان في المناطق الساخنة الإقليمية مثل ليبيا، كما ضاعفت القاهرة واردات القمح الحيوية من موسكو.

تركيا.. أسلحة لفاجنر

تركيا، العضو في "الناتو" مع الولايات المتحدة، ورد ذكرها أيضا في وثيقة مزعومة أفادت بأن "العضو في مجموعة فاجنر (مرتزقة روسية) "jöhwg"  تواصل مطلع فبراير/ شباط الماضي مع جهات تركية للحصول على أسلحة ومعدات لأجل العمليات في أوكرانيا ومالي".

كما ذكرت الوثيقة أن أسيمي غويتا، الذي يتولى رئاسة مالي في غربي أفريقيا بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب إبراهيم أبو بكر كيتا، تحدث عن "إمكانية حصول مالي على الأسلحة من تركيا ثم تمريرها إلى فاجنر" التي تصنفها واشنطن "منظمة إجرامية عابرة للحدود".

ولم تتضمن الوثيقة أي معلومات حول ما إن كانت السلطات التركية على دراية بمساعي فاجنر أو ما إن كانت تلك المحاولات قد نجحت بالفعل أم لا، بحسب "واشنطن بوست" التي قالت إن أنقرة رفضت التعليق على الوثيقة.

وفي أكتوبر/شترين الأول الماضي، أفاد "ميدل إيست آي" بأن فاجنر كانت تسعى إلى تجديد قواتها بتجنيد مقاتلين من تركيا وصربيا والتشيك وبولندا والمجر ومولدوفا عبر تقديم رواتب عالية.

وعلى الرغم من أن تركيا عضو في "الناتو"، إلا أنها اتخذت موقفا مستقلا من الحرب الروسية الأوكرانية، ولم تنضم إلى العقوبات الغربية على موسكو، وارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا وروسيا بنحو 200% مع احتدام الحرب، كما استفاد الاقتصاد التركي المنهك من تدفق المهاجرين الروس.

إسرائيل.. "الموساد" وأوكرانيا

وحتى إسرائيل، أقرب حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لم تسلم من تلك الوثائق، إذ جاء في إحداها أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الخارجي (الموساد) كان يشجع الاحتجاجات الشعبية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وتتبنى الحكومة اليمينية في إسرائيل مشروعا لإدخال تعديلات على منظومة القضاء، تعتبره المعارضة "انقلابا قضائيا وبداية لنهاية الديمقراطية"، مما فجّر منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، ولعدة أسابيع، احتجاجات شعبية امتدت إلى الجيش وأجهزة أمنية وأجبرت نتنياهو على تعليق المشروع مؤقتا.

ونيابة عن "الموساد"، رد مكتب نتنياهو واصفا التقرير الاستخباراتي بأنه "كاذب ولا أساس له على الإطلاق".

وتابع أن "الموساد وكبار مسؤوليه لم يشجعوا (المحتجين) ولم يشجعوا أفراد الجهاز على الانضمام إلى التظاهرات ضد الحكومة أو المظاهرات السياسية أو أي نشاط سياسي".

وبعنوان "إسرائيل.. مسارات لتقديم مساعدة مميتة لأوكرانيا"، أفادت وثيقة أخرى بأن تل أبيب "ستنظر على الأرجح في تقديم مساعدات مميتة (لكييف) تحت ضغط أمريكي متزايد أو تدهور ملحوظ" في علاقتها مع روسيا.

وتكتفي تل أبيب حتى الآن بتقديم مساعدات إنسانية لكييف، وترفض تزويدها بأسلحة لأسباب بينها، وفقا لمحللين إسرائيليين، الحفاظ على حرية شن غارات جوية إسرائيلية على ما تعتبرها أهدافا إيرانية في سوريا دون اعتراض من أنظمة دفاع روسيا حليفة رئيس النظام السوري بشار الأسد.

ويرى مسؤولون أمريكيون أن السيناريو "الأكثر منطقية" الذي يمكن أن تتبناه إسرائيل، هو "النموذج التركي"، حيث تقدم المساعدة العسكرية لأوكرانيا عبر أطراف ثالثة، بينما تضع نفسها كوسيط في الصراع.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تسريبات وثائق الولايات المتحدة الإمارات مصر تركيا إسرائيل

التسريبات الأمريكية: مخاوف من ثقل روسيا العسكري بالشرق الأوسط

تنويع العلاقات العسكرية.. مخاطرة قد تجلب عقوبات أمريكية وأوروبية للسيسي

قلق إسرائيلي من تعزيز العلاقات بين الدول العربية وروسيا