استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تبّون وتونس مرّة أخرى

السبت 15 أبريل 2023 11:19 ص

تبّون وتونس مرّة أخرى

هل يتخلّى قيس سعيّد عن السند الوحيد له إقليميا ودوليا في ظل العزلة المضروبة حوله بسبب سياسته المعادية للغرب؟

ما هي حظوظ نجاح المبادرة الجزائرية؟ يفهم من كلمات تبّون وتلميحاته أنه أصبح مقتنعا بأن "انهيار الدولة في تونس احتمال قائم".

إن حوّل قيس سعيّد الجزائر إلى دولة لها تحفظات على تونس، فذلك من شأنه أن يزيد من هشاشة السلطة، ويعمّق الشكوك في قدرتها على الصمود.

هل سيقبل الرئيس سعيّد بهذه المساعي الصُلحية، أم سيصرّ على موقفه الرافض كل شيءٍ من شأنه أن يُخرجه من عالمه المغلق الذي يتحرّك فيه؟

الواضح أن السلطة الجزائرية أصبحت غير مقتنعة بفرضية المؤامرة التي يتّخذ منها الرئيس التونسي حاليا رأس حربة لإقناع التونسيين والعالم بصحتها.

لن يسلّم قيس سعيّد بأن الدولة مهدّدة بالسقوط لأنه سيبدو مسؤولا أولا عن ذلك بينما يحاسب الآخرين ولا يقبل أن يحاسب نفسه، أو يتراجع عن مواقفه وقناعاته!

* * *

قال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبّون، في حديثٍ أدلى به لـ"الجزيرة بودكاست"، إنه يسعى إلى المشاركة في الحوار السياسي في تونس. وحتى لا يُفهم ذلك "تدخّلا" منه في الشأن الداخلي، أكّد أن مشاركته ستكون بـ"لطف". وأضاف أن الهدف من ذلك "لم شمل الفرقاء التونسيين من منطلق منع انهيار الدولة التونسية".

تبدو الجزائر في هذه الخطوة كالفيل الذي يتحرّك داخل محل مليء بالقطع البلورية والفخّار. أي خطأ يُرتكب يمكن أن يخلّف خسائر كبرى، فما هي حظوظ نجاح المبادرة الجزائرية؟ يفهم من كلمات تبّون وتلميحاته أنه أصبح مقتنعا بأن "انهيار الدولة في تونس احتمال قائم".

وهي الفرضية التي يرفضها بشكل قاطع الرئيس قيس سعيّد المتمسّك بأن الدولة بخير، وكل ما يجب القيام به القضاء على لوبيات الفساد. وقد سبق لتبّون أن تحدّث في هذه المسألة بالذات مع رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، في زيارتها الجزائر أخيرا.

كما أنها فرضية قائمة عند جميع المهتمين بالشأن التونسي. حتى بابا الفاتيكان في خطبة عيد الفصح تعرّض للحالة التونسية، واعتبر أن "النظام في تونس اتّخذ منحى استبداديا، وفي ظل الظروف الاقتصادية الحالية، أصبح عديد الشبان التونسيين يختارون الهجرة إلى أوروبا معرّضين حياتهم للخطر". وبذلك يكون قد ربط بوضوح بين الاستبداد السياسي وملفّ الهجرة.

سيكون من الصعب أن يقبل قيس سعيّد التسليم بأن الدولة مهدّدة بالسقوط، لأنه سيكون المسؤول الأول عن هذا السيناريو المخيف، وهو الرجل الذي يعمل على محاسبة الآخرين، لكنه لن يقبل أن يحاسب نفسه، وأن يتراجع عن مواقفه وقناعاته.

ومن الواضح أيضا أن السلطة الجزائرية أصبحت غير مقتنعة بفرضية المؤامرة التي يتّخذ منها الرئيس التونسي حاليا رأس حربة لإقناع التونسيين والعالم بصحتها. لكن تبّون رفض التعريج على ذلك، واكتفى بالقول إن "كل خطوة يخطوها في مبادرته سيعلم بها الرئيس واتحاد الشغل".

هكذا علمنا أن قيادة الاتحاد التونسي العام للشغل ستكون الطرف الثاني الذي ستتحدّث معه الجزائر رسميا. وعندما يُذكر "الاتحاد" يعلم الجميع أن مبادرته المعلنة أخيرا ترتكز على بعد سياسي وآخر اجتماعي، كما طالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في غيابِ أي دليلٍ قاطع يدينهم أمام القضاء.

لا يمكن أن تبقى الجزائر محايدة تجاه ما يحصل في تونس التي لها معها حدود مشتركة ممتدّة. والذين احتجّوا على الرئيس تبّون من قادة المعارضة على ما اعتبروه تدخّلا في الشأن الداخلي، وطالبوه بالابتعاد عن الشأن التونسي لم يقدّروا حساسية الوضع بالنسبة للبلدين.

فالمسألة تتعلق بالأمن القومي الجزائري بدرجة أساسية. من شأن تشابك المصالح أن يفرض على كليهما مراعاة أوضاع الطرف الآخر. ولولا إدراك السلطة الجزائرية خطورة ما آلت إليه الازمة التونسية لما فكّر الرئيس تبّون في القيام بهذه المبادرة، ولما صرح بهذا التصريح، فهو يعلم مدى حساسية المسألة لدى عموم التونسيين الذين يرفضون التدخّل في شؤونهم والمساس من سيادتهم.

السؤال المطروح: هل سيقبل الرئيس سعيّد بهذه المساعي الصُلحية، أم سيصرّ على موقفه الرافض كل شيءٍ من شأنه أن يُخرجه من عالمه المغلق الذي يتحرّك فيه.

فهو يعتبر أن له مشروعا يسعى إلى تنفيذه، ولا يرى في اتحاد الشغل والأحزاب والمجتمع المدني شركاء له، بل يرى فيهم معيقاتٍ لا بد من التخلّص منها في أقرب الآجال.

لكنه برفض المبادرة الجزائرية، يكون قد وضع حليفه الإقليمي في وضع حرج، وهو الذي انحاز إليه منذ البداية، ودعمه، واعتبره صديقا شخصيا بعد انفراده بالسلطة وتمكّنه من كل أجهزة الدولة.

فهل يتخلّى عن السند الوحيد له إقليميا ودوليا في ظل العزلة المضروبة حوله بسبب سياسته المعادية للغرب؟ إن فعل ذلك وحوّل الجزائر إلى دولة لها تحفظات على تونس، فذلك من شأنه أن يزيد من هشاشة السلطة، ويعمّق الشكوك في قدرتها على الصمود.

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط تونسي في المجتمع المدني

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

تونس الجزائر تبون قيس سعيد المجتمع المدني المبادرة الجزائرية انهيار الدولة المعارضة التونسية جورجيا ميلوني فرضية المؤامرة