كارنيجي يحذر من 3 تداعيات جراء اعتقال الغنوشي.. ما هي؟

الجمعة 21 أبريل 2023 05:03 م

"سيقوض اعتقال رئيس حزب النهضة التونسي راشد الغنوشي آفاق الشروع في حوار سياسي، ويفاقم المأزق السياسي"، هكذا حذر تحليل لمركز "كارنيجي" من تداعيات الاعتقال الذي حذر من أن يكون رسالة إلى التيارات الإسلامية بأن الخروج من الإسلام السياسي مستحيل، وأن الاعتدال واستراتيجيات الاندماج في الأنظمة السياسية قد يكون مصيرها الفشل الذريع.

والإثنين الماضي، اعتقلت السلطات التونسية الغنوشي (81 عامًا)، الذي شغل منصب رئيس البرلمان قبل أن يحله الرئيس قيس سعيّد بُعيْد استيلائه على السلطة في 25 يوليو/تموز 2021.

تم اعتقال الغنوشي مع اثنَين من أعضاء الحزب في المكتب التنفيذي، وداهمت قوات الشرطة مقرّه المركزي ومنعت الاجتماعات في كلّ مقرّاته في البلاد.

جاء ذلك عقب قيام السلطات باحتجاز شخصيات سياسية معارضة له بتهم مزعومة مختلفة، تتراوح بين المشاركة في "التآمر على أمن الدولة" إلى انتهاك المرسوم (54)، الذي استنكرته منظمات المجتمع المدني باعتبار أنه يشكّل تهديدًا لحرية الصحافة وحرية التعبير.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، مَثُل الغنوشي أمام المحكمة على خلفية مزاعم بأن حزب النهضة ساعد "الجهاديين" على السفر للقتال في سوريا.

وتم التحقيق معه أيضًا بتهم غسل الأموال في ما يتعلق بحصول منظمات وجمعيات خيرية مرتبطة بالحزب على تمويل أجنبي.

وجاء اعتقال الغنوشي بعد تصريح أدلى به في اجتماع لجبهة الخلاص الوطني(تحالف قوى ساهمت النهضة في تأسيسه ويعارض التدابير التي يتخذها سعيّد)، قال فيه: "تصور تونس بدون هذا الطرف أو ذاك، تونس بدون نهضة، تونس بدون إسلام سياسي، هو مشروع حرب أهلية".

والغنوشي هو أحد أبرز قادة جبهة الخلاص الرافضة لإجراءات استثنائية بدأ الرئيس قيس سعيد فرضها في 25 يوليو/تموز 2021، وأبرزها: حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإقرار دستور جديد عبر استفتاء وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة قاطعتها المعارضة.

وعادة ما تنفي النهضة وبقية قوى المعارضة صحة الاتهامات الموجهة إلى قادتها وتعتبرها ملاحقات سياسية، بينما اتهم سعيد موقوفين بـ"التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار".

ووفق تحليل "كارنيجي"، يترتب عن اعتقال الغنوشي 3 نتائج أساسية، أولها: "سيقوّض الاعتقال آفاق الشروع في حوار سياسي للتوصّل إلى حل للمأزق التونسي".

ويضيف: "تعمل منظمات المجتمع المدني، بقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل، على إطلاق مبادرة للحوار الوطني من أجل المساعدة على إيجاد حل للأزمة السياسية في البلاد، وأفصح الاتحاد أخيرًا أن مبادرته ستُعرَض على سعيّد وسيُكشَف عنها قريبًا إلى العلن".

وسبق أن أشار الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الذي تربطه علاقات جيدة بالرئيس التونسي، في مقابلة معه أخيرًا عبر قناة "الجزيرة"، إلى أن بلاده ستدعم المبادرة، لكن سعيّد رفض الحوار، مدّعيًا أنه يجب أن يحدث فقط في سياق برلمانٍ جديد، ما يعني إقصاء الأحزاب السياسية التي اعترضت على إحكامه قبضته على السلطة.

ويقول التحليل: "قضى اعتقال الغنوشي نهائيًا على فرص انطلاق أي حوار من هذا القبيل، ويُظهر مرةً أخرى، أن سعيّد غير مستعد للتنازل".

ويتابع: "وقد يُستتبَع ذلك بخطوات تصعيدية أخرى، منها اعتقال المزيد من الشخصيات السياسية، وحلّ حزب النهضة، وقمع المجتمع المدني".

أما ثاني هذه النتائج: "يتسبب اعتقال الغنوشي بتفاقم المأزق السياسي في تونس في مرحلةٍ تشهد فيها البلاد أزمة مالية واقتصادية عميقة. تخوض تونس مفاوضات مع صندوق النقد الدولي منذ عامَين لوضع برنامج إصلاحي".

ويتابع: "في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد أو شكل آخر من أشكال الإنقاذ المالي، تواجه تونس خطر التخلّف عن سداد ديونها في الأشهر المقبلة".

وسبق أن أشار سعيّد إلى أنه سيرفض "إملاءات صندوق النقد"، معرِّضًا المفاوضات للخطر.

ويضيف التحليل: "قد يصبّ اعتقال الغنوشي في مصلحة الاستراتيجية التي ينتهجها سعيد بإلقاء اللوم على الآخرين في المشكلات التي تعاني منها تونس، بالطريقة نفسها التي حمّل بها الطبقة السياسية مسؤولية سوء إدارة الاقتصاد، إلا أنه قد يتسبب أيضًا بزعزعة الاستقرار السياسي".

ويتابع: "سيؤدّي ذلك إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية ويُعرِّض تنفيذ الرزمة الإصلاحية للخطر".

أما ثالث التداعيات، حسب "كارنيجي"، فإنه "ربما يوجّه اعتقال الغنوشي رسالة إلى التيارات الإسلامية الأخرى مفادها أن الخروج من الإسلام السياسي مستحيل، وأن الاعتدال واستراتيجيات الاندماج في الأنظمة السياسية قد يكون مصيرها الفشل الذريع".

ويضيف: "تتأكد هذه المقولة أكثر فأكثر في ضوء أن الغنوشي كان زعيمًا إسلاميًا بارزًا أظهر درجةً عاليةً من المرونة، وقد تمكّن من بناء جسور مع العلمانيين وإدارة الانتقال الديمقراطي الذي كان محطّ ثناء من المجتمع الدولي".

ويتابع: "سيرتبط المصير الشخصي للغنوشي ارتباطًا وثيقًا بمستقبل الإسلام السياسي في المنطقة، سواءً سارت الأمور نحو الأفضل أم الأسوأ".

وسبق للغنوشي أن نُفي في حقبة التسعينيات من القرن الماضي، لكنه عاد إلى تونس بعد ثورة شعبية أطاحت بنظام زين العابدين بن علي في 2011.

ومنذ ثورة 2011، والغنوشي لاعب سياسي رئيسي في تونس على رأس حزبه (النهضة) الذي شارك في حكومات ائتلافية متتالية مع أحزاب مدنية.

ومنذ 11 فبراير/شباط الماضي، نفذت السلطات حملة توقيفات شملت قادة وناشطين يعتبرون الإجراءات الاستثنائية "انقلابا على دستور الثورة (2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما يراها فريق آخر "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).

ويتجاهل سعيد الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، دعوات المعارضة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وقال إن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ الدولة "من انهيار شامل".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الغنوشي تونس انقلاب تونس قيس سعيد حوار سياسي

الجزائر نافية الضلوع في سجن الغنوشي: لا نتدخل في شؤون تونس الداخلية

رؤية أمريكية: اعتقال الغنوشي مكسب للمتطرفين وخسارة للغرب

تونس.. الغنوشي يقرر مقاطعة التحقيقات معه وابنته تكشف السبب

سمية الغنوشي: القضاء أصبح أداة لتنكيل قيس سعيد بالمعارضين