آفاق الاقتصاد العالمي

تبنت معظم البنوك المركزية تشديداً هائلاً ومتزامناً للسياسة النقدية وبدأت تؤتي ثمارها مع عودة التضخم نحو أهدافه.

تأهب الاقتصاد العالمي في 2022 للتعافي التدريجي من ضربات جائحة كوفيد-19 وحرب أوكرانيا بعد أن حقق نمواً بنحو 3.4 بالمئة في 2022.

يؤمل أن يجري الصندوق مسحاً لمعرفة استخدام التوقعات في وضع السياسات المعنية والاستفادة بها وعلى ضوء ذلك يقرر الاستمرار بالنهج الحالي أو تغييره.

الاقتصاد الصيني بدأ ينتعش بقوة بعد إعادة فتح اقتصاده، بالإضافة إلى تلاشي اضطرابات سلسلة التوريد، وتلاشي الاضطرابات في أسواق الطاقة والغذاء.

* * *

كان الاقتصاد العالمي في عام 2022 في حالة تأهب من أجل التعافي التدريجي من الضربات القوية لجائحة كوفيد-19 وحرب أوكرانيا، بعد أن حقق نمواً بلغ نحو 3.4 في المئة في عام 2022.

كما أن الاقتصاد الصيني بدأ ينتعش بقوة بعد إعادة فتح اقتصاده، بالإضافة إلى تلاشي اضطرابات سلسلة التوريد، وتلاشي الاضطرابات في أسواق الطاقة والغذاء. في الوقت نفسه، فإن تشديداً هائلاً ومتزامناً للسياسة النقدية التي تبنتها معظم البنوك المركزية تؤتي ثمارها مع عودة التضخم نحو أهدافه.

هذا الوضع الاقتصادي العالمي المرغوب والمطلوب الذي أبرزه صندوق النقد الدولي في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» بتاريخ نيسان / إبريل 2023 تبدل في توقعات الصندوق الأخيرة التي نشرت في أحدث توقعاته: ينخفض النمو الاقتصادي العالمي من 3.4 في المئة عام 2022 إلى 2.8 في المئة في عام 2023، أي أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ينخفض بنسبة 18 في المئة عن المعدل في 2022.

ولكن معدل نمو الاقتصاد العالمي يرتفع بشكل متواضع إلى 3 في المئة في عام 2024. أما التضخم العالمي فيتوقع أن ينخفض من 8.7 في المئة في عام 2022 إلى 7.0 في المئة في عام 2023 وإلى 4.9 في المئة في عام 2024.

حسب بيانات وتوقعات صندوق النقد الدولي ينخفض معدل نمو الاقتصادات المتقدمة من 2.7 في المئة في عام 2022 إلى 1.3 و1.4 في المئة في 2023 و2024 على التوالي.

تجدر الإشارة إلى أن الاقتصادات الصاعدة والنامية تحقق أداء أفضل في بعض المؤشرات: معدل نمو الاقتصاد (الربع الرابع مقارنة بالربع الرابع) قفز من 4.4 % في عام 2022 إلى 5.3 % في 2023.

تجدر الإشارة إلى أن صندوق النقد الدولي يخبرنا في تقريره «آفاق الاقتصاد العالمي» الذي أصدره في شهر نيسان / إبريل 2023 أنه «تم تعديل التقديرات صعوداً خلال العامين الماضيين»، الأمر الذي يشير إلى طلب أقوى من المتوقع، الأمر الذي قد يتطلب سياسة نقدية لمزيد من التشديد أو البقاء مع سياسة نقدية مشددة لفترة أطول.

يتركز التباطؤ الاقتصادي لعام 2023 في الاقتصادات المتقدمة، وخاصة منطقة اليورو والمملكة المتحدة، حيث من المتوقع أن ينخفض النمو إلى 0.8% و -0.3 % العام الحالي قبل أن ينتعش إلى 1.4 و1 % على التوالي في عام 2024. على النقيض من ذلك، رغم المراجعة النزولية 0.5 نقطة مئوية، فإن العديد من الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية تنتعش، مع تسارع النمو من نهاية العام إلى نهاية العام إلى 4.5 % في عام 2023 من 2.8 % في عام 2022. في ضوء ما تقدم، لابد من الإشادة بجهود الذين شاركوا في إعداد تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الأخير وفي الوقت نفسه، نسأل عن استفادة واضعي السياسات الاقتصادية والمالية والمصرفية والاجتماعية في الدول من التقرير خصوصاً من التوقعات قصيرة الأجل التي تتغير عدة مرات في السنة في يناير، وإبريل، ويونيو، وأكتوبر.

بالإضافة إلى ذلك آمل أن يجري الصندوق مسحاً يهدف إلى معرفة استخدام التوقعات في وضع السياسات المعنية والاستفادة منها، وعلى ضوء ذلك يقرر الاستمرار بالنهج الحالي أو تغييره.

*د. علي توفيق الصادق خبير مالي ومستشار اقتصادي