تقدير موقف: المفاوضات اليمنية تقود إلى هدنة وليس لسلام شامل

الجمعة 28 أبريل 2023 07:40 م

"في ظل الضغوط الدولية والإقليمية القائمة يمكن لأي تسوية مقبلة، أن تقود إلى هدنة مطولة، لكن ليس بالضرورة أن تفضي إلى سلام شامل".. هكذا يخلص تقدير موقف لمركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، حول تطورات المفاوضات اليمنية التي تسعى إلى إنهاء الحرب المستعرة منذ 9 سنوات.

في 13 أبريل/نيسان الجاري، غادر وفد سعودي عماني مشترك العاصمة اليمنية صنعاء، بعد مباحثات أجراها مع جماعة الحوثي تتعلق بوقف إطلاق النار والتهيئة لبدء مفاوضات جديدة لحل النزاع في اليمن.

تأتي هذه الزيارة المعلنة بعد جولة من المفاوضات في العاصمة العمانية مسقط، وزيارات سعودية حوثية متبادلة، كما تأتي في سياق دولي وإقليمي استثنائي، تصاعدت فيه بحدة جملة من الأحداث؛ منها الحرب الروسية الأوكرانية، وتنامى التنافس الأمريكي الصيني، وهي سياقات خلفت آثاراً سياسية واقتصادية عمقت من التوجهات الإقليمية لتخفيف الصراع.

غير أن السياق الأبرز المرتبط بملف المباحثات المستجدة في الشأن اليمني يتعلق بالاتفاق السعودي الإيراني الأخير.

لعل أبرز ملف انعكست عليه نتائج التقارب السعودي الإيراني هو ملف تبادل الأسرى.

وتضمنت الصفقة الأخيرة تبادل 887 أسيراً ومختطفاً، وهم: 181 من الحكومة الشرعية بينهم سعوديون وسودانيون، مقابل 706 من جماعة الحوثي.

وكان من ضمن من أفرجت عنهم جماعة الحوثي وزير الدفاع الأسبق اللواء محمود الصبيحي، واللواء ناصر منصور هادي شقيق الرئيس السابق عبدربه منصور هادي.

ووفق التقرير: "حتى الآن لم يتم البت في ملامح أي اتفاقية أو هدنة، وإنما لا تزال المحادثات قائمة، ومن ثم يصعب الحديث عن إمكانية أن تفضي أي هدنة أو اتفاقية قائمة على بنود النقاشات الحالية، إلى أي سلام شامل في اليمن".

ويضيف: "لا تتناول بنود المفاوضات التي تُناقَش حالياً الجذور الأساسية التي أفضت إلى الصراع، بل ينصب التركيز على معالجة الإشكاليات الآنية التي أفرزتها الحرب، فضلاً عن إغفالها للوضع المركب الذي يعيشه اليمن في ظل وجود أطراف خارجية لها مشاريع وحضور داخل اليمن، وعلى رأسها الإمارات، التي تتطلب ضرورة الخروج الكلي من اليمن من أجل تحقيق السلام المنشود".

ويتابع: "يضاف إلى ذلك التعقيدات الإقليمية القائمة، إذ يشكل الصراع اليمني جزءاً من الأزمة الإقليمية الأوسع التي تمر بها المنطقة، وهو ما يزيد من التعقيدات المحتملة في سياق التفاوض".

ويشير التقرير إلى أن الملف الاقتصادي يعد أحد القضايا الشائكة ضمن المفاوضات بين أطراف الصراع، ويتضمن ضرورة توحيد أسعار الصرف وتوحيد العملة، بالإضافة إلى ما يتعلق بعودة تصدير النفط والغاز وعائداتهما.

يشار إلى أنه في 21 فبراير/شباط 2023، أودعت السعودية مليار دولار في حساب البنك المركزي اليمني أجل دعم استقرار صرف العملة الوطنية، ونتيجة للتقارب الذي حدث بين السعودية وإيران واصل الريال السعودي التعافي ببطء أمام الدولار الأمريكي.

أما في ملف إعادة تصدير النفط والغاز فثمة تحديات تعترض البت في المفاوضات، وتتمثل في رفض الحوثيين للضمانات الأمنية التي تشترطها السعودية، حيث يرفضون استئناف تصدير النفط من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة قبل دفع الرواتب.

ويقترح الحوثيون توزيع عائدات النفط وفق ميزانية ما قبل الحرب، ما يعني أن المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون تحصل على ما يصل إلى 80% من الإيرادات، لأنها الأكثر من ناحية عدد السكان.

ويشير التقرير إلى أن "الرغبة في وقف حرب اليمن ليست رغبة سعودية فقط كما يبدو، بل هي رغبة إقليمية ودولية، لأن المزيد من توتير المنطقة ليس في مصلحة إمدادات الطاقة إلى أوروبا وأمريكا، التي تأثرت تأثراً مباشر من الحرب الأوكرانية الروسية التي ستدخل عامها الأول خلال أسابيع قليلة، بمزيد من الضغط على الاقتصاد العالمي الذي لم يتعاف بعد من جائحة كورونا".

ويستطرد: "كما أن الولايات المتحدة وحلفاءها قلقون من حالة الدبلوماسية النشطة للصين في المنطقة، ومن هنا تتالت إشادتها بالجهود العمانية لدعم هدنة اليمن، فضلاً عن تكثيف مبعوثها في اليمن تيم ليندركينج، تحركاته الأخيرة في 15 مارس/آذار ،2023 ضمن جولة خليجية تشمل السعودية وعمان، لدفع عملية سلام شاملة بقيادة يمنية وبرعاية أممية".

ويلفت تقدير الموقف، إلى أن "إرساء قواعد السلام الشامل يتطلب مناقشة إصلاح قطاع الأمن، وشكل الدولة والنظام السياسي، وتوزيع الثروة والسلطة، وإلغاء المركزية، ووضع أسس العدالة الانتقالية، وهي أمور لا يمكن البت فيها دون ضغوط دولية وإقليمية على الأطراف المعرقلة".

ويختتم التقرير بأهمية التفريق بين التسوية التي تقود إلى اتفاق شامل، وبين التسويات التكتيكية التي لطالما تم الانقلاب عليها.

ومنذ نهاية 2014، يعاني اليمن حربا بدأت عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدة محافظات، واشتد النزاع منذ مارس/ آذار 2015، بعد تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة الشرعية، في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اليمن الحرب في اليمن مفاوضات سلام تهدئة

السعودية: كافة الأطراف اليمنية جادة بشأن إنهاء القتال وإرساء السلام

بين الأمل والتردد.. هل تؤدي هدنة اليمن الهشة إلى حل سياسي؟