مطالب إسرائيل وحدود مناورة الأردن في قضية النائب عماد العدوان (خاص)

الأحد 30 أبريل 2023 07:10 م

مصطفى الزواتي - الخليج الجديد

يبدو الصمت سيد الموقف على المستوى الرسمي في الأردن تجاه قضية النائب البرلماني الأردني عماد العدوان، الموقوف في إسرائيل منذ أيام بزعم محاولته تهريب أسلحة وذهب إلى الداخل الفلسطيني، حيث لم يصدر بيان رسمي حتى اللحظة من الحكومة الأردنية ولا مجلس النواب.

لكن مصادر مطلعة في مجلس النواب، طلبت عدم الكشف عن هويتها، قالت لـ"الخليج الجديد" إن "اجتماعا عُقد على مستوى المكتب الدائم للمجلس وبحث قضية العدوان، بعد مطالبات إسرائيلية من الأردن لتوفير ضمانات بخصوص تجميد عضويته في المجلس ورفع الحصانة عنه وضمان محاكمته".

كما شملت المطالبات الإسرائيلية "التخفيف من تشدد الأردن في مواقفه السياسية، خصوصا فيما يتعلق بقضية الوصاية الأردنية على المقدسات في مدينة القدس المحتلة، والتصعيد السياسي الأردني ضد الجانب الإسرائيلي"، وفقا للمصادر.

وتابعت أن "الأردن مُطالب بدفع ثمن سياسي يستهدف إضعاف مواقفه السياسية تجاه القضية الفلسطينية وحيال ما يدور في المسجد الأقصى ومخاوفه تجاه وصايته على المقدسات في القدس". 

وأفادت بوجود "توقعات بعقد جلسة برلمانية طارئة حول القضية"، وأرجعت صمت الجهات الرسمية ومجلس النواب والتأخير في عقد جلسة خاصة إلى أن "الأردن يسعى إلى حل القضية في أسرع وقت ممكن بعيدا عن الإثارة والصخب؛ لما تشكله القضية من إحراج سياسي له خاصة وأن النائب ينتمي إلى عشيرة العدوان، وهي عريقة في المكون العشائري الأردني ويصل تعدادها إلى 100 ألف فرد".

وقال النائب الأردني أيوب خميس لـ"الخليج الجديد" إن "المكتب الدائم في مجلس النواب أجل النظر في قضية النائب العدوان حتى تأخذ القنوات الدبلوماسية مجراها ولحين اتضاح مجريات التحقيق، ومن المتوقع عقد اجتماع خاص في الأيام القادمة على مستوى المجلس لمناقشة القضية".

وأكد خميس رفضه القاطع "للرضوخ للمطالب الإسرائيلية المتعلقة بإسقاط عضوية النائب العدوان أو محاكمته باعتبار أن ما قام به (محاولة دعم المقاومة الفلسطينية) عمل شريف"، مطالبا مجلس النواب بـ"عقد جلسة طارئة لبحث قضيته على الملأ وداخل البرلمان". 

وجرى توقيف النائب العدوان قبل نحو أسبوع أثناء مروره بسيارته عبر جسر "الملك حسين" على الحدود بين الأردن والضفة الغربية المحتلة، وقررت محكمة إسرائيلية الأحد تمديد توقيفه ثمانية أيام على ذمة التحقيق، بحسب محاميه جواد بولس.

قائمة مطالب

ووفقا للمتحدث باسم الحركة الفكرية الأردنية عمر النظامي، في حديث مع "الخليج الجديد"، فإن "إسرائيل وضعت الأردن أمام خيارين: إما محاكمة النائب العدوان بحكم يصل إلى 15 عاما أو تسليمه إلى عمان بشرط إسقاط عضويته وسحب الحصانة الدبلوماسية وتقديمه لمحكمة أمن الدولة لمحاكمته بتهمة تمويل جماعات إرهابية".

كما تشمل المطالب الإسرائيلية، بحسب النظامي، "الإبقاء على إدارة المقدسات في مدينة القدس من جانب وزارة الأوقاف الأردنية بحدودها الدنيا دون مطالب جديدة كان الأردن قد طرحها، ومنها زيادة عدد الحراس والموظفين في المسجد الأقصى".

وأردف: "كما شملت المطالب إعادة فتح مقام النبي هارون في مدينة وادي موسى بمدينة البتراء جنوبي الأردن والسماح للسائحين الإسرائيليين ورموزهم الدينية بزيارة المقام بدون مضايقات وتوفير الحماية الأمنية لهم، بعد إغلاقه قبل سنوات إثر قيام سياح إسرائيليين في 2019 بطقوس يهودي علنية؛ مما استفز السلطات الأردنية وأثارت جدلا اجتماعيا".

وأفاد النظامي بأن "نافذة التواصل في قضية النائب الموقوف باتت منحصرة في دائرة المخابرات، مع الإبقاء على التواصل الدبلوماسي عبر السفير الأردني لدى لإسرائيل غسان المجالي".

واعتبر أن "العاهل الأردني (الملك عبدالله الثاني) سيسعى إلى استغلال مجريات قضية النائب العدوان لإعادة ثقة الشارع فيه بعد أن فقد شعبيته مؤخرا"، على حد تقديره.

دور الاستخبارات

متفقا مع النظامي، قال وزير خارجية الأردن الأسبق جواد العناني لـ"الخليج الجديد" إن "السيناريو الأمني هو الغالب حاليا على قضية النائب العدوان، أما القنوات الدبلوماسية فباتت شبه مغلقة بين الجانبين".

وأرجع ذلك إلى أن "الأردن لم يعد يثق على المستوى السياسي بالحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو وأعضاء اليمين المتطرف الذين يشكلون عنصرا مهما في الحكومة وهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش؛ مما يصعب فتح خطوط اتصال دبلوماسية مع هذه الحكومة".

وتأتي هذه الحالة التي يعيشها الطرفان بعد فشل مؤتمري العقبة وشرم الشيخ (فبراير/ شباط ومارس/ آذار الماضيين)، بحسب العناني الذي شدد على أن "الحكومة الإسرائيلية لم توف بأي من الالتزامات التي تمّ الاتفاق عليها في مؤتمري العقبة وشرم الشيخ".

وتابع أن هذا الوضع "ولد لدى الحكومة الأردنية إيمانا بأن هذه الحكومة من الصعوبة التعامل معها، وهذا يفسر رفض وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي تلقي مكالمة هاتفية من نظيره الإسرائيلي إيلي كوهين على خلفية توقيف النائب العدوان".

وأكد العناني أن "الأردن سيوكل قضية إيقاف النائب العدوان إلى الجهات الأمنية، على اعتبار أن التحقيقات لا تزال جارية معه من الجانب الإسرائيلي.. ومسألة رفع الحصانة وتجميد عضويته في مجلس النواب ستكون بعد معرفة ملابسات وتفاصيل القضية".

سيناريوهات محتملة 

يختلف أثر توقيت إيقاف النائب العدوان على الجانبين، إذ يرى مراقبون أن وقعه سلبيا على السلطات الأردنية وإيجابيا على حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل.

وقال المحلل السياسي الأردني المقرب من الدوائر الرسمية الأردنية محمود بدر الحديد لـ"الخليج الجديد" إن "السلطات الأردنية تحت ضغط عدد من الملفات التي تحكم العلاقات بين الطرفين منذ توقيع اتفاقية السلام بينهما (عام 1994)".

وأوضح أن السلطات "تقع تحت ضغط الشارع الأردني الذي لا يزال يذكر تبعات حادثة القتل في صيف 2017، التي قام بها أحد أفراد حرس السفارة الإسرائيلية في عمان وذهب ضحيتها مواطنين أردنيين، حيث أُطلق سراح الحارس بعد وقت قصير من الحادث".

وتابع أن "نتنياهو تبجح حينها باستقبال الحارس في مكتبه علنا، وهو ما اعتبره الشارع الأردني مساسا فجا بالسيادة الأردنية، ويطالب بإعادة النائب العدوان إلى الأردن ومحاكمته بها كما حدث في موضوع السفارة، ولاسيما بعد انتشار خبر أن ما قام به النائب يأتي في إطار دعم المقاومة الوطنية في فلسطين المحتلة".

وأردف الحديد أن "تغول اليمين المتطرف، المدعوم من الحكومة الإسرائيلية الحالية، عبر زيادة حدة اعتداءاته على المقدسات في القدس الشريف وبما يمثله ذلك من اعتداء على الوصاية الهاشمية الأردنية على المقدسات في مدينة القدس، يمثل هو الآخر ملفا ضاغطا على السلطات الأردنية في علاقاتها مع الكيان الصهيوني".

وزاد بأن "الجانب الإسرائيلي سيستغل حادث النائب العدوان لتبرير تصرفات الحكومة المتطرفة أمام الضغوطات الداخلية والخارجية الغربية، خصوصا بحجة المحافظة على الأمن الإسرائيلي، وهي ذريعة تُحسن إسرائيل توظيفها في خدمة مخططاتها وسياساتها".

وفيما يخص السيناريوهات المحتملة لمعالجة القضية، توقع الحديد أن "تتعنت الحكومة الإسرائيلية في استمرار اعتقال النائب العدوان ومحاكمته لديها وتطبيق العقوبة بحقه، بما يدعم موقفها أمام اليمين الصهيوني المتطرف".

وفي سيناريو آخر، كما أضاف، "يمكن أن تتعاون إسرائيل مع الأردن بإعادة النائب العدوان، وهذا لن يمر بلا ثمن سياسي، وسيكون لزاما على السلطات الأردنية دفع تنازل في ملفات أخرى تحكم العلاقات الملتبسة بين الطرفين".

واستدرك: "الأردن يستند في أي مطلب قد يراه مناسبا له لحل هذه القضية أو التخفيف من تبعاتها السلبية إلى ما حققه في الحفاظ على أمن حدوده مع الكيان الصهيوني على مدى فترة طويلة، وأن الاختراقات محدودة وغير مؤثرة فيما يمس أمن إسرائيل" .

وأردف: "يُضاف إلى ذلك أن الأردن يعتبر إحدى الدول الداعمة للسلام في المنطقة والمحسوبة على الدول المعتدلة المدعومة غربيا، بما يدعم مطالبه بحل هذه القضية والتخفيف من سلبيات تبعاتها".

إجراءات أردنية متوقعة

ولم يصدر عن الأردن أي تعقيب سياسي سوى لقاء السفير الأردني لدى إسرائيل مع النائب الموقوف، حيث أكد أنه بصحة جيدة ولا يتعرض لأي ممارسات مسيئة جسديا ولا نفسيا، وأنه طلب من السفير طمأنة أسرته بأنه في صحة جيدة.

لكن الدبلوماسي الأردني والسفير السابق لدى إيران د. بسام العموش قال لـ"الخليج الجديد" إن "هذه القضية تعتبر أزمة حقيقية، والجهتان الأمنيتان الأردنية والإسرائيلية هما المطلعتان على مجريات التحقيق، وإذ قبلت إسرائيل بالإفراج عنه فلا بد من مقابل".

وتابع العموش متسائلا: "هل هناك إمكانية لإجراء المحاكمة في الأردن؟ أظن هذا ممكن لكن إسقاط العضوية لا يمكن أن يكون شرطا صهيونيا مقبولا، لكن لا بد من قيام الأردن بالتحقيق وربما المحاكمة إذا كان لا يعرف، وهو الأمر المنطقي، فمن أين هذا السلاح؟ وممَّن اشترى؟ وهل هناك ذهب؟ وإلى مَن يريد إيصال ذلك من الفصائل (الفلسطينية)؟، وهل هناك جهة خارجية ذات علاقة؟ أسئلة لا تنتهي كلها في الكواليس".

وزاد العموش بأنه في المقابل "سيبذل الأردن كل جهده للإفراج عن النائب العدوان والخطاب الرسمي سيستخدم هذا للتأكيد على أنه يرعى الشعب، كما سيعمل على إنهاء المشكلة بأسرع وقت، فوجودها يضعف موقفه في موضوع القدس، وسيسعى إلى مساءلة النائب حين عودته من دون طلب الجانب الإسرائيلي".

ورجح أن "الجهات الرسمية في الأردن ستزود مجلس النواب بمعلومات تدفعه إلى إسقاط عضوية النائب كما حصل مع سابقين، مع أن بعض النواب سيعارضون، وهذا يخدم الصورة الديموقراطية".

وشدد على "حرص الأردن على حل الموضوع؛ لأن النائب ابن قبيلة لها وزنها في البلد، والمساءلة أو المحاكمة ستبعث برسالة لكل من يفكر بتهريب السلاح إلى فلسطين، وستستفيد حكومة نتنياهو من الموضوع لتخفيف الضغط عليها".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأردن إسرائيل نائب برلماني عماد العدوان أسلحة فلسطين

ناشطون يطالبون بالحرية للنائب الأردني المعتقل لدى إسرائيل

إسرائيل تفرج عن النائب الأردني عماد العدوان.. والبرلمان يرفع عنه الحصانة

أسبوعان من اعتقال النائب الأردني عماد العدوان حتى إطلاق سراحه (تسلسل زمني)