المدير الأسبق لهيئة الأمر بالمعروف في مكة أحمد الغامدي لـ"الخليج الجديد": إصلاحات السعودية تصحح الصورة عن الإسلام

الاثنين 1 مايو 2023 06:43 ص

مصطفى الزواتي - الخليج الجديد

قال المدير الأسبق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي إن ما أحدثته وسوف تحدثه السعودية من إصلاحات، بينها على مستوى الخطاب الديني، سيكون له "أثر كبير جدا" من حيث "نشر الوعي الصحيح وتصحيح الصورة عن الإسلام والمسلمين".

الغامدي تابع، في مقابلة مع "الخليج الجديد"، أن "السعودية استطاعت في الخطاب الديني أن تعالج الخلل الذي أحدثته بعض التيارات الدينية".

وأضاف أن الدولة السعودية "لا تدعم تيارا دينيا بحد ذاته، وإنما تأخذ بكتاب الله وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"، مشددا على أن "التيارات الدينية لا تمثل سلطة الدولة في المجتمع السعودي".

وحول التيار الديني البديل المحتمل للحقبة السعودية الجديدة، شدد على أن "الحق يؤخذ بدليله بلا تعصب أو تقليد، فلا تتحيز للمذهبية ولا لفرقة أو طائفة إسلامية معينة".

ودعا المنتمين للتيارات الفكرية إلى "الانخراط في العمل الوطني من خلال مؤسسات الدولة"، و"التخلي عن التحزبات الفكرية التي تنازع السلطة"، معتبرا أن "تلك التوجهات لم تجلب على أصحابها وبلدانهم إلا شرا وهي محرمة".

وهيئة الأمر بالمنعروف والنهي عن المنكر كانت بمثابة شرطة دينية بصلاحيات كبيرة في الشارع السعودي، حيث كان عناصرها يراقبون عن كثب تطبيق بعض مبادئ الشريعة الإسلامية في المملكة، قبل تجريدهم عمليا من صلاحياتهم في 2016 واختفائهم من الشارع تدريجيا.

ومنذ أن تولى الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد في 2017، تشهد المملكة إصلاحات اجتماعية شملت السماح للنساء بقيادة السيارات، وإقامة حفلات غنائية.

وفي ما يلي نص مقابلة الغامدي مع "الخليج الجديد":  

هل ترى ضرورة لإعادة صياغة الخطاب الديني وفق المتغيرات التي تمر بها السعودية؟

تجديد صياغة الخطاب الديني دون المساس بثوابت الدين مطلوب لتحسين إبلاغ أحكام الدين ولتأكيد تفاعل الدين مع التطورات الاجتماعية والثقافية والسياسية في المجتمع السعودي وغيره من المجتمعات؛ فالحياة تتغير وتتطور والأجيال تتجدد ثقافاتها.

وتجديد صياغة الخطاب الديني تهدف إلى تحسين وسائل وأساليب الدعوة المناسبة مع الظروف والحوادث المتجددة في كل مجتمع، توضيحا لمفاهيم الدين وترسيخا لها في الأجيال المتعاقبة.

وإلى أين يتجه الخطاب الديني في السعودية؟ وهل يدخل ضمن إصلاحات رؤية 2030 التنموية؟

الخطاب الديني في السعودية يتجه إلى الأفضل وما شهدته المملكة من إصلاحات شملت الخطاب الديني بلا شك في إطار الإصلاحات الشاملة التي تهدف إليها رؤية 2030، بما فيها الجوانب الاجتماعية والثقافية، وتحسين وإصلاح الخطاب الديني من أهم الإصلاحات.

التيارات الدينية

وما هو مستقبل التيارات الدينية في السعودية وأبرز التيارات التي تصلح لتكوين وتصدير خطاب ديني في المجتمع السعودي في ظل سياسة الانفتاح الراهن؟

التنوع الديني والمذهبي طبيعة المجتمعات والمجتمع السعودي كذلك، وليس هناك تيار ديني مدعوم أو يمثل الجميع، وولي العهد تحدث مرارا عن أن الدولة لا تتبنى مدرسة أو مذهبا معينا، وإنما تأخذ بكتاب الله وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المحكمات.

والتيارات الدينية لا تمثل سلطة الدولة في المجتمع السعودي، وكثير من الفعاليات في السعودية شهدت اهتماما بالتيارات الإسلامية المعتدلة التي تدعو إلى القيم الإنسانية والانفتاح النافع والتسامح والتعايش مع الآخر ورفض التطرف.

وهل يمكن أن تكون الصوفية أو الأشعرية هي البديل الجديد في الحقبة السعودية الجديدة؟

كما أشرت، ما تحدث به ولي العهد حفظه الله يؤكد أن المملكة لا تتبنى مدرسة أو مذهبا معينا، فلا يمكن القول بأن الصوفية أو الأشعرية أو غيرهما سيكون بديلا في التحديثات السعودية الجديدة، والصواب أن الحق يؤخذ بدليله بلا تعصب أو تقليد. والمملكة منذ أن تأسست (1932) تحمل لواء تحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الثابتة والدعوة إلى الإسلام بمعناه الواسع، ولا تتحيز للمذهبية ولا لفرقة أو طائفة إسلامية معينة.

في توجهاتها الجديدة.. هل تستوعب السعودية التعدد المذهبي من التيارات الدينية كافة؟

ما تؤسس له المملكة من وحدة وطنية كفيل بتذليل الصعوبات والتحديات لتوفير بيئة للتعايش السلمي والتسامح بين جميع الأديان والمذاهب وتعزيز الحوار النافع بينها في إطار من التكامل الوطني الذي يحفظ حقوق وحريات الجميع دون مساس بالصالح العام.

وهل يمكن التصالح مع تيارات الإسلام السياسي بالسعودية وقبولها داخل المجتمع، وعلى رأسها التيار الصحوي والسرورية والإخوان؟

المملكة لم تتخذ موقفا عدائيا مع أحد من المسالمين من الخارج فضلا عن أحد المكونات الوطنية فيها، ومواقف المملكة في مواجهة التيارات المتطرفة يمليها عليها الواجب الديني والوطني.

يجب على المنتمين للتيارات الفكرية الانخراط في العمل الوطني من خلال مؤسسات الدولة وتحت مظلتها بصدق والتخلي عن الانتماءات والتحزبات الفكرية التي تنازع السلطة، فتلك التوجهات لم تجلب على أصحابها وبلدانهم إلا شرا، وهي توجهات محرمة لما فيها من الدعوة الخفية إلى الانقسام والتنازع والضعف.

والسلطة ملزمة شرعا بمواجهة التيارات والتحزبات المخالفة والمناهضة لوحدة الوطن وسياسته بقوة وحزم لأنها تهدد الأمن والاستقرار.

تفهم للإصلاحات

وما الذي يمكن أن تقدمه السعودية على المستوى الديني لما لها من مكانة في قلوب المسلمين؟

المملكة منذ أن تأسست أخذت على عاتقها القيام بالدعوة للإسلام والعمل بأحكامه ومناصرة ما هو حق من قضايا للإسلام والمسلمين.

ودأبت على تعزيز الخطاب الديني الوسطي الذي يتفق مع قيم الإسلام الحنيف، والتأكيد على أهمية تعاليم الإسلام الصحيحة والصادقة، ولذلك واجهت التطرف والإرهاب بقوة.

ولم تدخر جهدا في دعم العلماء والمفكرين والدعاة المؤهلين لتعزيز الخطاب الديني الوسطي والإسهام في تحقيق الوعي الديني الصحيح الذي يدعو إلى الحوار والتسامح والتعايش السلمي بين المجتمعات.

والمؤمل مزيدا من تطوير تلك الجهود، وأعتقد أن ما أحدثته السعودية من إصلاحات وما سوف تحدثه سيكون له أثر كبير جدا على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي من حيث نشر الوعي الصحيح بين المسلمين وعند غيرهم وتصحيح الصورة عن الإسلام والمسلمين، وكل ذلك سوف يكون له آثار مفيدة جدا وكبيرة بإذن الله.

لكن البعض يرى أن السعودية تحتاج إلى مراحل للوصول بالخطاب الديني إلى النضج ولا يمكن حرق المراحل بهذه السهولة.. فكيف ترون هذا الأمر؟

الخطاب الديني المعتدل أصيل في السعودية وليس دخيلا وله دور هام في تشكيل الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية في البلاد وليس هناك حرق للمراحل.

والإصلاحات الملاحظة في الخطاب الديني في السعودية إنما كانت لمعالجة خلل وقع في مرحلة ما حاولت فيها بعض التيارات تسييس الخطاب الديني، والملاحظ أن تفهم العلماء وطلاب العلم لقرارات الدولة واستجابة المجتمع لها دال على أن الاعتدال أصيل في المملكة حكوما وشعبا وليس هناك حرق مراحل.

ولذلك نرى أن العموم يشاركون المعنيين في هذه الإصلاحات والتطوير والتحديث، بما في ذلك العلماء وطلاب العلم والدعاة والمثقفون والجمعيات الدينية والمجتمع المدني.

تعايش إنساني 

وهل يمكن أن تتعاون السعودية مع مؤسسات دينية ذات ثقل، بينها الأزهر في مصر والمؤسسات الدينية الرسمية في المغرب والجزائر، لتكوين خطاب ديني معتدل شامل يدعم الوحدة الدينية والمذهبية؟

السعودية تدعم التعاون مع المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي لتعزيز الخطاب الديني المعتدل الشامل، والمملكة رائدة في ذلك وتقوم بدور مهم في تشكيل الرؤى الإسلامية في المنطقة وخارجها لتحقيق الرؤية الدينية الصحيحة للإسلام من خلال التعاون مع المؤسسات الدينية الرسمية في كل دول العالم العربي والإسلامي ودول العالم الأخرى.

ويمكن للتعاون بين هذه المؤسسات أن يسهم في تكوين خطاب ديني معتدل وشامل يدعم الرؤية الدينية الصحيحة ويعزز القيم الإسلامية الحقيقية التي تحث على العدل والمساواة والاعتدال والتسامح والتعايش السلمي بين جميع المجتمعات، وهذا بدوره سيساعد على تحقيق التضامن والتعاون بين الدول الإسلامية والمجتمعات المسلمة في مختلف أنحاء العالم وبينها وبين غيرها في إطار التعايش السلمي الإنساني.

وإلى أين وصلت السعودية على مسار إصلاح وتجديد خطابها الديني؟

المملكة حققت نجاحات كبيرة جدا في كل الجوانب، وفي الخطاب الديني استطاعت أن تعالج الخلل الذي أحدثته بعض التيارات الدينية والمستقبل إن شاء الله واعد بالأفضل.

فالسعودية تسعى إلى تعزيز الوسطية والاعتدال وتحرص على توفير بيئة تشجع على الحوار النافع والتعايش السلمي بين جميع الديانات والثقافات والمذاهب وتحرير العديد من القيود المفروضة على الحريات الشخصية دون إخلال بالقيم، وتؤسس لإصلاحات كبيرة في النظام القضائي والتعليمي والاجتماعي.

وكل هذا سيؤثر في تطوير الخطاب الديني العربي والإسلامي، وهذا التأثير سيحدث أثرا عالميا بالغ الأهمية لما في بلوغ الدين الصحيح من أثر على العقل والروح والفطرة والحياة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحمد بن قاسم الغامدي السعودية الخطاب الديني الإسلام إصلاحات

إحالة صانعة محتوى للنيابة.. الأمر بالمعروف السعودية تنفي شائعات حول عملها

ناشطون يحتفون بالعام الهجري الجديد.. ماذا قالوا؟

الداعية السعودي أحمد الغامدي يثير جدلا بحديثه لقناة عبرية عن التطبيع.. ماذا قال؟