أردوغان يمسك العصا من المنتصف في التعامل مع الصراع السوداني.. لماذا؟

الاثنين 1 مايو 2023 01:59 م

يمسك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، العصا من المنتصف فيما يتعلق بالاشتباكات في السودان، خشية الرهان على الحصان الخاسر.

هكذا يتحدث تقرير لموقع "المونيتور"، ترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أن أردوغان تعلّم بعض الدروس من الصراعات في سوريا وليبيا ومصر.

يقول التقرير إنه مثل العديد من القادة الآخرين، تواصل أردوغان مع طرفي الأزمة الفريق ركن عبدالفتاح البرهان، القائد الفعلي للسودان وقائد قواته المسلحة، والفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية، منذ اندلاع الاشتباكات الدامية في منتصف أبريل/نيسان.

وفي مكالمات هاتفية في 20 أبريل/نيسان، حثّ أردوغان الزعيمين العسكريين على العودة إلى الحوار وعرض التوسط، حيث اقترح الرئيس التركي إجراء مفاوضات مباشرة بين الجانبين في أنقرة، لكنّ كليهما رفض.

وسعى أردوغان إلى إقامة علاقات متوازنة مع القادة العسكريين في السودان منذ الإطاحة بحليفه المقرب عمر البشير، عام 2019.

وكان حميدتي، الرجل الثاني في مجلس السيادة الذي يدير السودان، قد دعم معارضي حلفاء تركيا في ليبيا، وقدّم قوات إلى الجنرال الليبي خليفة حفتر لحصار طرابلس، وعمل مع مجموعة "فاجنر" الروسية.

كما عزز العلاقات الوثيقة مع الإمارات، حيث انضمّت قوات الدعم السريع إلى التحالف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن.

براجماتية أنقرة

وكانت تحالفات حميدتي أكثر إزعاجًا لأنقرة في ضوء الجهود الإنسانية المكثفة التي تبذلها تركيا في جنوب دارفور، معقل قوات الدعم السريع.

ومع ذلك، وفق تقرير "المونيتور"، خفّفت أنقرة انزعاجها، وحرصًا على إنقاذ الصفقات الموقعة مع البشير، اختار أردوغان الانسجام مع الحكام الجدد للبلاد.

ويرتبط نهج أنقرة البراجماتي بالدروس المستفادة من تدخلاتها السياسية والعسكرية بعد الربيع العربي، كما أن إصلاحها للسياج مؤخرًا مع الإمارات والسعودية ومصر، فضلاً عن تواصلها مع القوات الليبية الشرقية، لم يترك لها أيّ أرضية لتوجيه إصبعها على حميدتي.

يشار إلى أن العلاقات التركية السودانية اكتسبت زخمًا مع زيارة أردوغان للخرطوم عام 2017، وبلغت ذروتها في صفقة تأجير جزيرة "سواكن" المطلة على البحر الأحمر لتركيا لإعادة تطويرها، إلى جانب خطط لتعزيز العلاقات العسكرية والتعاون الاقتصادي.

وأثارت صفقة سواكن غضب القاهرة والرياض، وسط تقارير عن خطط تركية لبناء قاعدة بحرية في الجزيرة، التي كانت ذات يوم موقعًا عثمانيًا، للحصول على موطئ قدم في البحر الأحمر.

وفي عام 2018، وقعت شركة تركية عقدًا بقيمة 1.1 مليار دولار لبناء مطار جديد في الخرطوم.

مع الإطاحة بالبشير، أصبح ما مجموعه 22 اتفاقية موقعة مع السودان في حالة من عدم اليقين.

واستضاف نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، حميدتي في مايو/أيار 2021، ثم البرهان في أغسطس/آب، وتمّ توقيع صفقات جديدة، بما في ذلك تأجير السودان 100 ألف هكتار من الأراضي الزراعية لتركيا.

وفي علامة أخرى للتقارب، كرّم البرهان السفير التركي عرفان نزير أوغلو تقديراً لمساهماته في العلاقات الثنائية.

وخلال حديثه في نهاية فترة ولايته بالخرطوم في سبتمبر/أيلول الماضي، أشاد نزير أوغلو بالتحول السلس في العلاقات الثنائية بعد الإطاحة بالبشير.

وقال السفير: "لم نتدخل في سياساتهم الداخلية ولم ننحز إلى أي طرف.. لقد اتبعنا سياسة الصبر وحصلنا على استجابة إيجابية".

ومع ذلك، لم يتمّ الكشف عن أي شيء ملموس بشأن صفقة سواكن، وخطط تركيا لبناء منشآت تدريب عسكرية في السودان.

ومن المحتمل أن يكون لهذا علاقة بالتحفظات من الرعاة الخليجيين للقيادة العسكرية السودانية.

وفي الوقت نفسه، لا تزال التجارة الثنائية محدودة عند 680 مليون دولار ابتداءً من عام 2022، وهو بعيد كل البعد عن الهدف البالغ 10 مليارات دولار الذي تم تحديده خلال حكم البشير.

اختبار جديد

وبالعودة للصراع الذي اندلع بين البرهان وحميدتي منتصف الشهر الماضي، يقول تقرير "المونتيور": "يشكّل التصعيد في السودان اختبارًا جديدًا للعلاقات الثنائية".

ويشير إلى وصف حميدتي للبرهان بأنه "إسلامي متطرف"، وخطابه الطويل الأمد ضد جماعة الإخوان المسلمين يتردّد صداه مع الخلافات الداخلية في تركيا.

ويتابع: "في الوقت الحالي، لا يزال أردوغان ورفاقه يميلون إلى النظر إلى كلا الجانبين كأصدقاء، ولكن في نهاية اليوم، قد تختار أنقرة دعم البرهان لدعم العلاقة المؤسسية بين البلدين، كما يبدو أن القاهرة تفعل ذلك".

أحد السيناريوهات المقلقة لأنقرة، وفق التقرير، هو أن الفشل في التوصل إلى حلٍّ وسط قد يؤدي إلى سيطرة قوات "الدعم السريع" على دارفور والولايات الجنوبية والتعاون مع حفتر في ليبيا.

لكن حميدتي أقام علاقات عملية ليس فقط مع دول الخليج، لكن أيضًا مع الولايات المتحدة وإسرائيل، مثل أردوغان، الذي سعى إلى الاستفادة من التنافس الغربي الروسي وتقديم نفسه كزعيم يمنع الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا ويكافح من أجل الديمقراطية، وفق التقرير

ويضيف: "وعلى الرغم من سمعة قطر كداعم رئيسي للإخوان، فقد أشاد بأمير قطر لاستضافته كأس العالم لكرة القدم، حيث يمكن لمثل هذه البراجماتية الوافرة أن تستوعب أردوغان أيضًا".

وحسب التقرير، كان أردوغان يقضي وقته في السودان، حريصًا على عدم الرهان على الحصان الخطأ، بينما يستعدّ لاختبار إعادة انتخاب حاسم الشهر المقبل.

ويختتم بالقول: "يتوافق منهجه مع أولويات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهي منع روسيا من الحصول على قواعد في ليبيا والسودان".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أردوغان تركيا البرهان السودان البشير حميدتي

اشتباكات في الخرطوم والبرهان يرحب بأي مبادرة تركية لوقف الحرب