نتيجة الخيبة من الغرب.. أفريقيا منطقة جديدة للهيمنة الروسية

الثلاثاء 2 مايو 2023 09:54 م

انعقد في 19 و20 مارس/آذار من هذا العام، المؤتمر البرلماني الدولي الثاني "روسيا - أفريقيا" في مجلس الدوما الروسي، وقد حضره أكثر من 40 وفدا نيابيا من الغالبية العظمى من الدول الأفريقية.

يشير مقال ماتيجا سيريتش في "أوراسيا ريفيو"، والذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن أهمية الحدث تبرز من خلال حقيقة أن فلاديمير بوتين نفسه خاطب المشاركين خلال الجلسة العامة "روسيا وأفريقيا في عالم متعدد الأقطاب"، التي انعقدت في اليوم الثاني من المؤتمر، حيث قال: "أود أن أشير إلى أن بلدنا قد أعطى دائما وسيعطي الأولوية للتعاون مع البلدان الأفريقية".

ووفقا للكاتب، لن يكون من المبالغة القول إن هذه إحدى الأولويات الثابتة للسياسة الخارجية الروسية، حيث أضاف بوتين أن "روسيا مصممة على مواصلة بناء شراكة استراتيجية كاملة مع أصدقائنا الأفارقة، ومستعدة لتشكيل جدول الأعمال العالمي معًا".

روسيا والدول الأفريقية

أشار بوتين إلى أن روسيا "تدافع عن القيم الأخلاقية التقليدية" من خلال "مقاومة الأيديولوجية الاستعمارية الجديدة المفروضة من الخارج". وقد وعد بتوريد الحبوب إلى "الدول الأكثر احتياجًا في أفريقيا" إذا لم يتم تجديد الاتفاقية المهمة بشأن تصدير الحبوب الأوكرانية.

وأكد أن روسيا تعتزم تحسين التعاون مع أفريقيا في مجالات الطاقة والطب والتعليم (زيادة عدد الطلاب الأفارقة في الجامعات الروسية).

وبحسب الروس، تحاول واشنطن وبروكسل السيطرة على الموارد الطبيعية الروسية والأفريقية، وأنهم في الواقع، ما زالوا يديرون سياسة استعمارية، وأنهم يتخذون جميع الإجراءات، بما في ذلك العنف والإرهاب، لمصلحتهم الخاصة".

ومن المقرر أن تعقد القمة الروسية الأفريقية المقبلة، الثانية على التوالي، في الفترة من 26 إلى 29 يوليو/تموز في سان بطرسبرج.

إعادة توجيه السياسة الخارجية الروسية

يشير المقال إلى أنه منذ أن تفاقمت الأزمة الأوكرانية في عام 2022 "أحرقت الجسور" بين روسيا والغرب، واضطرت موسكو إلى إعادة توجيه سياستها الخارجية بمقدار 180 درجة. يوضح هذا تمامًا مفهوم السياسة الخارجية للاتحاد الروسي، والتي نُشرت في 31 مارس/آذار.

توضح الوثيقة أن الولايات المتحدة وشركاءها الغربيين يشنون "نوعًا جديدًا من الحرب الهجينة... في إضعاف روسيا بكل الطرق الممكنة". نتيجة لذلك، تسعى موسكو إلى توسيع العلاقات "البناءة" في أماكن أخرى، مستفيدةً من الوضع العالمي متعدد الأقطاب الأكثر تقلبًا.

ووفقا للكاتب، لا يتوقع صانعو السياسة الروس أن تتحسن علاقاتهم مع الغرب في أي وقت قريب، لذا فهم يبحثون بنشاط عن شركاء جدد لتجنب العزلة السياسية والاقتصادية.

ويريد علماء الاستراتيجية الروسية تقديم بلادهم كبديل مرغوب فيه للقوى الاستعمارية الغربية الجديدة في منطقة كانت تُسمى سابقًا بالعالم الثالث، وهم ناجحون جدًا في ذلك. وبينما يضعف النفوذ الأمريكي في القارة الأفريقية، تحقق روسيا نصرًا تل والآخر على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي وحتى العسكري.

الفتح الروسي لأفريقيا تحت راية الاشتراكية

تتمتع العلاقات الروسية مع أفريقيا بتاريخ طويل ومتعدد الطبقات، وقد وصلت إلى ذروتها خلال الحرب الباردة. في ذلك الوقت، دعم الاتحاد السوفيتي حركات التحرر الوطني الثورية المناهضة للاستعمار (غالبًا الشيوعية والاشتراكية) ضد واشنطن، والتي دعمت الديكتاتوريات القمعية (الاستعمارية) مثل نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

وهكذا، في إفريقيا وأماكن أخرى في العالم الثالث، حدثت المفارقة أن الولايات المتحدة، التي تأسست على أفكار التنوير والليبرالية والحرية، دعمت الديكتاتوريات القمعية، وأن الاتحاد السوفيتي الشيوعي القمعي دعم الحركات الديمقراطية التحررية، ومع ذلك، فإن السياسة الخارجية مليئة بالمفارقات.

ووفقا للكاتب، تعد التحركات الروسية في القارة الأفريقية في السنوات الأخيرة مؤشرا على طموحات موسكو، من خلال الدبلوماسية الكلاسيكية، والترويج للأفكار السياسية الأفريقية، والتجارة (خاصة مبيعات الأسلحة) ونشر شركة "فاجنر" العسكرية الروسية الخاصة، يعمل الكرملين على تقوية شركائها في المنطقة وتقويض نفوذ الغرب.

وقد وضعت روسيا نفسها كمنافس بديل ومباشر للغرب في مجال التعاون الأمني والطاقة والتعدين. وهذا العام، ستعزز القمة الروسية الأفريقية الثانية وقمة "البريكس" في جنوب أفريقيا من تغلغل روسيا في القارة.

جنوب أفريقيا - شريك روسي مهم

وجدت جمهورية جنوب أفريقيا نفسها في وضع حرج لأنها ستستضيف قمة "البريكس" الخامسة عشرة في أغسطس/آب، وفي الوقت نفسه هي عضو في محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي أصدرت مذكرة توقيف بحق بوتين.

ويجب أن يحضر جميع رؤساء الدول، بمن فيهم بوتين، القمة. من الناحية الفنية، من المفترض أن يقوم المضيفون باعتقال ضيفهم، ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يحدث هذا.

ترتبط بريتوريا بعلاقات وثيقة مع موسكو، ورفضت إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، واستضافت مناورات عسكرية مشتركة مثيرة للجدل مع روسيا والصين تزامنت مع ذكرى الغزو الروسي. وقد أفاد مسؤولون في حكومة جنوب أفريقيا أنهم يبحثون عن طرق لحل الوضع المحرج.

سيكون الموضوع الرئيسي لقمة "بريكس" في جنوب أفريقيا هو الالتزام بمبادئ التنمية المستدامة بين دول المجموعة وأفريقيا.

يختتم الكاتب المقال بالتأكيد على أن روسيا تستغل استياء أفريقيا المتزايد وخيبة أملها من العالم الغربي، وأن النظام الدولي الحالي بقيادة الولايات المتحدة لم يقدم ما يكفي للبلدان الأفريقية النامية.

لا يقدم الغرب حلولاً للمشاكل الأفريقية الملحة، والتي ينبغي أن تكون: تخفيض الديون الكبيرة، وقمع فيروس كورونا، وفيروس نقص المناعة البشرية، والملاريا وأمراض أخرى، ومكافحة تغير المناخ.

فيما يتعلق بأفريقيا ومناطق أخرى، تطبق روسيا نهجًا عمليًا في السياسة الواقعية، وموسكو منفتحة على التعاون مع الجميع من أجل المنفعة المتبادلة، مع تجنب الخلافات.

إن الروس في سياستهم الخارجية ليسوا عبيدًا للقيم المثالية، ولا يؤكدون عليها عمليًا في أي مكان كشرط للتعاون؛ لأنهم يعتقدون أن الإصرار على المثالية ليس فكرة سياسية ذكية.

السياسة في نهاية المطاف هي فن الممكن، ومثل هذا النهج السياسي الواقعي الروسي الذي يبدو قاسيًا، ولكنه عملي يحقق نتائج ملموسة ترضي روسيا وشركائها الأفارقة.

المصدر | ماتيجا سيريتش/ أوراسيا ريفيو – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا أفريقيا العلاقات الروسية الأفريقية بوتين جنوب أفريقيا

عبر البوابة الإريترية.. روسيا تسعى للعودة إلى القرن الأفريقي