استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الجدل الإسرائيلي بشأن "جيش الشعب"

الأربعاء 3 مايو 2023 04:04 ص

الجدل الإسرائيلي بشأن "جيش الشعب"

حدث تآكل في نموذج "جيش الشعب"، بتأثير عوامل عديدة، ديموغرافية واجتماعية واقتصادية.

انخفاض مستمر في معدّلات التجنيد بصفوف الجيش الإسرائيلي، ويتجسّد في انخفاض نسبة الذكور المتجندين، لأسباب عديدة.

برزت مقاربة ترى أن الظروف تغيّرت، وأن الدوافع لم تعد أيديولوجية لا في المجتمع ولا في الجيش. لذا هناك حاجة لإقامة جيش احترافي.

تخوّفٌ من احتمال أن يؤدّي استمرار التراجع والانخفاض في معدّلات تجنّد أبناء وبنات الشبيبة في صفوف الجيش لانهيار نموذج "جيش الشعب".

عاد الحديث حول ضرورة اعتماد خدمة إلزامية ليست عسكرية بالضرورة، وربما عبر ربط الحقوق بالواجبات، ما يستلزم استمرار المتابعة مستقبلا.

* * *

الجدل الدائر في إسرائيل عن الطابع المنشود لجيشها مرتبط، أساسًا، بتحوّلات ديموغرافية وغيرها التي طرأت عليها، وهو جدل له امتداد في الزمن، وكذلك في نصوص وكتابات بحثية عديدة تشكّل، في مجملها، مرجعًا للتعرّف على البيئة الاجتماعية في دولة الاحتلال بنماذجها البشريّة.

الطابع القائم هو المعروف باسم "جيش الشعب" المُعتمد منذ إقامة الدولة، ويستند، بصورة أساسية، إلى "الخدمة العسكرية الإلزامية" التي تكون مفروضةً بواسطة القانون على جميع السكان بشكل عام، باستثناء حالاتٍ قليلة ولأسبابٍ مُحدّدة. ونُظر إليه باعتباره "بوتقة انصهار الشعب اليهودي في إسرائيل".

ومن هنا، أتت أهمية التجنيد الإلزامي بمن في ذلك أبناء طوائف اليهود الأرثوذكس (الحريديم) ممن يعلنون أن "إيمانهم توراتهم". وبمرور الأعوام، برزت مقاربة أخرى ترى أن الظروف تغيّرت، وأن الدوافع لم تعد أيديولوجية لا في المجتمع ولا في الجيش. ولذا هناك حاجة إلى إقامة جيش احترافي.

يُضاف إلى ذلك أنه منذ عام 2011 نشر رئيس "مديرية القوى البشرية" في الجيش الإسرائيلي، الجنرال آفي زامير، تحذيرًا وقف في صلبه تخوّفٌ من احتمال أن يؤدّي استمرار وجهة التراجع والانخفاض في معدّلات تجنّد أبناء وبنات الشبيبة في صفوف الجيش إلى انهيار نموذج "جيش الشعب" حتى عام 2020. وطبعًا، لم تتحقّق توقعات زامير، ولكن تآكلا حدث، في الوقت عينه، في نموذج "جيش الشعب"، بتأثير عوامل عديدة، ديموغرافية واجتماعية واقتصادية.

ووفقًا لبحث جديد في هذه المسألة، صدر عن المعهد الإسرائيلي للديمقراطية قبل عام تحت عنوان "صدوع في الإجماع: تحدّيات جيش الشعب ونمط التجنيد للجيش الإسرائيلي في واقع متغير"، انعكس التآكل المذكور في جانبين أساسيين:

- الأول، الانخفاض المستمر في معدّلات التجنيد لصفوف الجيش الإسرائيلي، والذي تجسّد في انخفاض نسبة الذكور المتجندين، لأسباب عديدة، منها الارتفاع الحادّ والمستمرّ في معدّلات طلاب المدارس الدينية (ييشيفوت) بين اليهود الحريديم، والذين باتوا يشكّلون اليوم نحو 13% من مجمل عدد السكان في إسرائيل، ومعدلات التكاثر الطبيعي بينهم هي الأعلى بفارق كبير عن المجموعات السكانية الأخرى.

وكذلك الارتفاع الحادّ في نسبة شريحة الشباب بين المواطنين الفلسطينيين، ما يعني ارتفاعًا حادًا في نسبة المعفيين بموجب القانون من واجب الخدمة العسكرية الإلزامية؛ والازدياد المستمرّ من جانب الفتيات اليهوديات في استغلال بند في "قانون الخدمة الأمنية" يتيح لهنّ الحصول على إعفاء من واجب تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية.

- الجانب الثاني يتمثّل في زيادة مسارات الخدمة العسكرية المُخصّصة لقطاعات مُحدّدة من المواطنين المتجنّدين، مع العلم أن مفهوم نموذج "جيش الشعب" اقتضى عدم إنشاء وحدات عسكرية مخصصة لفئات معينة من السكان، غير أن إدراك القيادات العسكرية كما السياسية بأنه لولا إنشاء هذه المسارات الخاصة لما تجند كثيرون هو الذي دفع إلى تخصيص هذه الوحدات.

غير أن الجديد في الجدل الراهن كامن، بدايةً، في أنه لا يقتصر على قيادة المؤسّسة العسكرية، مثلما كان حتى وقت قريب، بل يتسم بكونه نقاشًا جماهيريًا واسعًا، اجتماعيًا وسياسيًا، يهدف إلى عدم ترك هذه المسألة وما ستتمخّض عنه من قرارات حاسمة في أيدي قادة الجيش والأجهزة الأمنية فقط.

كما أنه كامن أيضًا في أن ثمة شبه إجماع على عدم التخلّي عن نموذج "جيش الشعب"، وعلى إعادة التفكير في مسألة الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي وطريقة التجنيد لتأديتها سعيًا إلى تغيير هذه الطريقة، من خلال إعادة صياغة "العقد الاجتماعي" ما بين مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية من جهة، والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى، ومن خلال تحديث منظومة التوقّعات حيال التغييرات المشار إليها آنفًا في مكانة نموذج "جيش الشعب" وموقعه.

وفي هذا المحور، عاد الحديث حول ضرورة اعتماد خدمة إلزامية ليست عسكرية بالضرورة، وربما عبر ربط الحقوق بالواجبات، ما يستلزم استمرار المتابعة في المستقبل.

*أنطوان شلحت كاتب وباحث في الشأن الإسرائيلي

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

إسرائيل حريديم جيش الشعب الخدمة العسكرية العقد الاجتماعي تحوّلات ديموغرافية المدارس الدينية التجنيد الإلزامي اليهود الأرثوذكس