من بورتسودان إلى جدة.. رحلة آلاف "المحظوظين" فرارا من اقتتال السودان

الأربعاء 3 مايو 2023 09:59 م

تمثل مدينة بورتسودان الساحلية، على البحر الأحمر، منطقة تجمع لآلاف "المحظوظين" الذين يمكنهم الفرار من الاقتتال الدائر في السودان إلى السعودية، حيث تلعب المملكة دورا محوريا في عمليات إجلاء الفارين منذ اندلاع أعمال العنف، في منتصف أبريل/نيسان الماضي.

فلدى المسؤولين السعوديين علاقات مع القيادات العسكرية المتقاتلة، وبعضهم أعضاء في المجموعة الدبلوماسية المكونة من 4 دول، والمعروفة باسم اللجنة الرباعية حول السودان، والتي أشرفت مؤخرا على جهود نقل الحكم من الجيش لحكومة مدنية، حسبما أورد تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

ويشير التقرير إلى أن مهمة الإنقاذ السعودية، تتماشى مع الجهود التي يبذلها ولي عهد المملكة الأمير، محمد بن سلمان، "لتصوير بلاده على أنها قوة عالمية صاعدة، وهو نفسه ممثل دولي ووسيط محايد، يمكنه الاتصال بزعماء العالم المتباينين".

وفي هذا الإطار، أرسلت السلطات السعودية سفنا حربية وأخرى تجارية مستأجرة في أكثر من 12 رحلة عبر البحر الأحمر، وأجلت ما يقرب من 6 آلاف شخص حتى الآن، بينهم أقل من 250 سعودي.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن متحدث عسكري سعودي قوله إن السفن ستواصل استعادة الأشخاص الذين تم إجلاؤهم طالما كانت الرحلات آمنة.

ومن بين الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، أحمد الحسن، وهو طالب طب في السودان يعمل في حملة لمساعدة اللاجئين من دولة مجاورة، واضطر للفرار من بلاده وترك وراءه منزله وكتبه المدرسية وأوراقه الثبوتية بأنه طالب، للهرب مع والدته المريضة.

وبعد رحلة مروعة بالحافلة استمرت 14 ساعة عبر البلاد، وصلا إلى مدينة بورتسودان الساحلية، حيث تجمع الآلاف من السودانيين والأجانب على أمل ركوب قارب أو طائرة خارج البلاد بحثًا عن الأمان.

وبينما كان يقف في طابور بين الذين تم إجلاؤهم في انتظار صعود سفينة إنقاذ إلى السعودية صباح الأربعاء قال الحسن (21 عامًا) إنه كان يعلم أنه كان أحد السودانيين القلائل "المحظوظين"، لكونه مولود في السعودية، ولديه إقامة قانونية هناك، ما يمنحه هو ووالدته مخرجا للهرب بعيدا، مستفيدا من جهود الإجلاء التي تبذلها السلطات السعودية.

وأضاف: "لقد كانت فرصة ذهبية (..) في بورتسودان، هناك الكثير من الأشخاص الذين يريدون المغادرة؛ كانت هناك فرصة بنسبة 1% فقط لحدوث شيء كهذا بالنسبة لي".

وحتى أثناء فراره، قال الحسن، إن أفكاره كانت مع أولئك الأقل حظا، بما في ذلك زملاء الدراسة من جنسيات أخرى الذين سافروا إلى الحدود البرية مع مصر لمحاولة الهرب، واللاجئين اليمنيين والسوريين الذين كانوا يعيشون في السودان.

وقال في الصدد: "تخيل أن بلدك يعاني من الحرب لفترة طويلة، ثم أتيت إلى هنا في بلدنا وحاولت أن تجد الأمل لكنك لا تجده". وتابع "صعب أن تكون لديك عائلة تحميها وليست لديك أية قوة".

وفي السياق، تشير الصحيفة الأمريكية إلى أن مدينة جدة الساحلية السعودية أصبحت مركزا لرحلات الإجلاء الأخرى التي رتبتها الولايات المتحدة والهند أيضًا.

وأعلنت وكالات الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، أن أكثر من 100 ألف شخص فروا بالفعل من السودان في أقل من 3 أسابيع منذ اندلاع القتال، وأن أكثر من 300 ألف نزحوا داخليا، وعبر الكثير منهم حدود الولايات السبع المجاورة للسودان، والتي تعاني بدورها من أزمات عديدة ولم تكن مجهزة للتعامل مع كل هذا التدفق.

وأصبحت بورتسودان، التي يسيطر عليها الجيش السوداني، مكانا للجوء مع احتدام القتال في الخرطوم، ولا تزال الحاويات مكدسة على أرصفتها ومتاجرها مفتوحة على مدار الساعة لخدمة طوفان المقيمين السودانيين والأجانب.

وفي الساعات الأولى من صباح الأربعاء، اندفعت الزوارق المحملة بالأشخاص الذين تم إجلاؤهم عبر المياه لصعود السفن البحرية السعودية، فيما كان العشرات من الرجال والنساء والأطفال ينتظرون بهدوء في صفين بينما كان الجنود السعوديون يتفقدون حقائبهم.

وتمكنت، رحاب مهدي، 45 عاما، وهي أم سودانية لـ 5 أطفال، وعائلتها من تأمين مكان بين الفارين "لأن زوجها عمل لسنوات كضابط أمن في السفارة الأمريكية في الخرطوم"، وهو ما عبرت عنه بقولها: "هناك فرص قليلة للغاية للظفر بمكان، الكثير من الناس يريدون المغادرة".

ورغم شعورها بأنها محظوظة، إلا أنها عبرت عن حزنها لمغادرة منزلها، قائلة: "من الصعب أن تغادر بلدك وعائلتك وأصدقاءك".

وردا على سؤال حول سبب عدم تمكنهم من إحضار المزيد من السودانيين الذين تم إجلاؤهم، قال المتحدث العسكري السعودي، تركي المالكي، إن سلطات المملكة "تبذل أقصى جهد ممكن"، وتعطى الأولوية للمسنين والنساء والأطفال.

وحتى الأربعاء، استمر الجيش السوداني، بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، بقيادة الفريق محمد حمدان "حميدتي"، في الاقتتال، حيث استيقظ سكان الخرطوم على دوي انفجارات عنيفة وإطلاق نار بالقرب من منازلهم، مع تحليق الطائرات الحربية بالمدينة وقصف بعض الأهداف بداية من الساعة الخامسة .

وبحلول الظهيرة، كانت الاشتباكات مستمرة في أحياء قريبة من مطار المدينة الدولي، حسبما قال أحد السكان للصحيفة الأمريكية.

وأظهرت لقطات بثها التلفزيون ونُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تصاعد الدخان من مكان قريب من القصر الرئاسي في وسط الخرطوم.

وكانت اتفاقات هدنة سابقة بين طرفي الصراع، قد أخفقت في الالتزام التام بوقف إطلاق النار، في ظل نزوح نحو نصف مليون شخص منذ بدء الصراع قبل 18 يوما.

المصدر | الخليج الجديد + نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

السعودية السودان بورتسودان الخرطوم

السودان.. الجيش يوافق على مبادرة إيغاد بتمديد الهدنة 7 أيام

من الانقلاب على البشير إلى الاقتتال على السلطة.. من يدعم طرفي الصراع بالسودان؟

وفدان للجيش السوداني والدعم السريع يغادران إلى السعودية لإجراء مفاوضات

انفجار السودان يضر 11 دولة.. والهدوء مصلحة للإمارات وروسيا وأمريكا

تستمر أياما.. مفاوضات طرفي الصراع في السودان تبحث الجوانب الإنسانية