استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أمريكا مأزومة داخليا.. وزعامتها متراجعة خارجيا

الثلاثاء 9 مايو 2023 04:37 ص

أمريكا مأزومة داخليا.. وزعامتها متراجعة خارجيا

لا تغير حقيقي يجسر الخلافات في سنة انتخابات قادمة وحاسمة تستنزف بايدن ومنافسه ترامب، إذا لم يُدان ويُسجن.

هوة الخلافات والانقسام السياسي والاجتماعي والعنف المتلفت في الداخل، لن تعيد لأمريكا دورها القيادي في الخارج-فلنعتاد على هذا الواقع!

منذ ذلك الانقلاب على النظام الانتخابي والسياسي، لا يتوقف النقاش بأمريكا عن التحذير من تراجع الديمقراطية الأمريكيةوالاعتداء عليها.

الدول المنقسمة وتشهد صراعات وغير مستقرة وموحدة داخليا لن تنجح في تخطيط وتنفيذ سياسة خارجية ناجحة وفعالة، ولو كانت دولة عظمى واستثنائية.

يستمر التصعيد مع روسيا بحرب أوكرانيا والصين في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان. آخر موقف لغياب أمريكا فشل وقف حرب الجنرالات بالسودان.

* * *

تشير أدبيات العلاقات الدولية أن السياسة الخارجية تبدأ وتتأثر وتتفاعل في الداخل. والدول المقسمة والتي تشهد صراعات وغير مستقرة وموحدة في الداخل لن تنجح في التخطيط وتنفيذ سياسة خارجية ناجحة وفعالة، حتى إذا كانت دولة عظمى واستثنائية كالولايات المتحدة.

وذلك بسبب الانقسام والصراع الداخلي ونظرة الخارج وخاصة خصومها وأعداءها بأنها منقسمة ومنهمكة وتعيش في حالة فوضى وعدم استقرار وصراع بين قياداتها وأحزابها.

وهذا ما نشهده منذ أكثر من عامين في الولايات المتحدة منذ اعتداء أنصار الرئيس الخاسر دونالد ترامب على مبنى الكونغرس في 6 يناير 2021 لمنع تنصيب الرئيس بايدن دستورياً ورسمياً الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية.

وكان ملفتاً توجيه وزارة العدل الأمريكية تهماً لخمسة من قادة جماعة «الأولاد الفخورون» (Proud Boys) اليمينية المتطرفة المؤيدة لترامب والتي قادت الهجوم والاعتداء على مبنى الكونغرس في 6 يناير 2021 لمنع تنصيب بايدن رئيساً في الكونغرس، بتهم الفتنة والتآمر على الولايات المتحدة لعرقلة الإجراءات الرسمية للحكومة الأمريكية ومنع تطبيق القانون وتدمير أملاك الدولة ومقاومة وعرقلة عمل الجهات الرسمية. ما يعني أن الولايات المتحدة تواجه أزمة حقيقية في الداخل الأمريكي وهذا ينعكس سلباً على مكانتها وسمعتها.

ومنذ ذلك الانقلاب على النظام الانتخابي والسياسي، ولا يتوقف النقاش في أمريكا عن التحذير من تراجع والاعتداء على الديمقراطية الأمريكية. ما يهدد مكانة وسمعة ودور الولايات المتحدة في عيون شعبها، ويلقي الشك بقدرة بقائها زعيم النظام العالمي، وقيادته. والاستمرار في القاء محاضرات على دول وشعوب العالم باحترام الديمقراطية وحقوق الانسان ونتائج صناديق الاقتراع ومحاربة الطغاة والأنظمة المستبدة حول العالم. وهذا ما يصوره الرئيس بايدن في حرب أوكرانيا واصطفاف الغرب ضد عدوان وحرب بوتين وجيشه بأنها مواجهة بين الديمقراطية والاستبداد وصراع بين الخير والشر والقيم والمبادئ وشريعة الغاب.

كذلك تراجعت نظرة أمريكا وشعبها للتفرد وللاستثنائية الأمريكية لنفسها بتخبطها وصراعها والتشكيك بديمقراطيتها وقبلها بحروب أمريكا على الإرهاب والإسلام وأفغانستان والعراق وعملياتها العسكرية في باكستان واليمن وليبيا والصومال والسودان وفضائح سجون أبو غريب وغوانتانامو وباغرام في أفغانستان بسقوط أمريكا الأخلاقي بسجن «المقاتلين الأعداء» والاعتقالات بلا محاكمة والتعذيب.

في آخر استطلاعات الرأي وبعدما كانت أغلبية الأمريكيين يرون أن بلادهم الأقوى والأغنى والأفضل في العالم. يرى اليوم واحد من كل خمسة أو خُمس الأمريكيين فقط، أن أمريكا أفضل من الدول الأخرى في العالم. بينما ارتفعت نسبة الأمريكيين الذين يرون أن وضع دول أخرى أفضل من الولايات المتحدة من 19% عام 2016 إلى 27% اليوم! كما تراجعت نظرة تميز وتفوق الولايات المتحدة الأمريكية بنظر شعوب حلفائها وخصومها.

كما كان ملفتاً تحذير أفريل هاينز مديرة مجلس الاستخبارات الوطنية الأمريكية المسؤول عن 17 جهاز استخبارات في الولايات المتحدة الأمريكية في شهادة أمام مجلس الشيوخ الأمريكي-من الخشية من احتمال تفسير واستغلال كل من روسيا والصين النقاش حول تضخم الدين العام في الولايات المتحدة الذي تجاوز31.5 تريليون دولار-الأعلى في العالم-بأن أمريكا غارقة في الفوضى والتراجع والضعف! ما سيعمق غياب الثقة بين الدول الكبرى.

خاصة مع المواجهة المفتوحة مع روسيا وآخرها اتهامات روسيا لأمريكا بالضلوع في الاتهام المزعوم باستهداف أوكرانيا للكرملين بمسيرتين بعمل إرهابي لاغتيال الرئيس بوتين، مع التلويح باستخدام النووي التكتيكي، برغم تأكيد مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية للكونغرس أنه لا أدلة على عزم روسيا اللجوء لاستخدام السلاح النووي التكتيكي في الحرب في أوكرانيا كما يلمح الرئيس بوتين منذ الخريف الماضي للدفاع عن الأراضي الروسية بما فيها شبه جزيرة القرم التي احتلها وضمتها روسيا من أوكرانيا عام 2014. ما يعمّق الأزمة والتصعيد بين العملاقين لأسوأ مستوى له منذ الحرب الباردة قبل أكثر من ثلاثة عقود!

كما يغيب دور أمريكا القيادي في تشكيل وقيادة محور للعمل على حل الأزمات التي يعاني منها العالم. من غياب الدور القيادي في عملية السلام والعجز عن لجم اعتداءات ووحشية إسرائيل وطمأنة الحلفاء الخليجيين والعودة للاتفاق النووي مع إيران على عتبة النووي!

ويستمر التصعيد مع روسيا في حرب أوكرانيا ومع الصين في بحر الصين الجنوبي وتايوان. آخر موقف للغياب الأمريكي في حل الأزمات، الفشل بوقف حرب الجنرالات في السودان، وخاصة بعد تحذير وتقييم مديرة مجلس الاستخبارات الوطنية الأمريكي للجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ مؤخراً من خطورة الحرب في السودان على الأمن القومي الأمريكي.

وتوقعت أن الحرب في السودان لن تتوقف قريباً لأن كلا الطرفين المتصارعين يعتقدان امتلاكهما القوة لتحقيق الانتصار التي انهت أسبوعها الثالث. وليس لدى الطرفين حوافز للتفاوض لوقف الحرب.

والأخطر حسب تقويم الاستخبارات الأمريكية الخشية من تمدد لخارج السودان ما يشكل تحدياً للمنطقة. والخشية أن إطالة أمد الحرب سيؤدي بالتأكيد إلى حرب بالوكالة وأزمة إنسانية وفقدان الأمن الغذائي والصحي، وأزمة لجوء تقترب حالياً من مليون لاجئ في السودان وجوارها. وبدل من دور أمريكي قيادي، أغلقت سفارتها وتأخرت بإجلاء رعاياها!

لكن مأزق أمريكا الأكبر هو كلفة وتداعيات حرب أوكرانيا التي تستنزف الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في حلف الناتو دون أن يلوح في الأفق أي بادرة لوضع حد للحرب التي تدور رحاها للشهر الخامس عشر وبلا أفق. مع تجاوز قيمة المخصصات المالية الأمريكية والأوروبية لأوكرانيا حاجز 75 مليار دولار!

لا يلوح في الأفق تغير حقيقي يجسر الخلافات في سنة انتخابات قادمة وحاسمة تستنزف الرئيس بايدن ومنافسه الرئيسي ترامب، إذا لم يُدان ويُسجن، هوة الخلافات والانقسام السياسي والاجتماعي والعنف المتلفت في الداخل، لن تعيد لأمريكا دورها القيادي في الخارج-فلنعتاد على هذا الواقع!

*د. عبد الله خليفة الشايجي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت

المصدر | الشرق

  كلمات مفتاحية

أمريكا بايدن ترامب انقلاب الانقسام الداخلي سياسة خارجية الصراع الداخلي حرب أوكرانيا روسيا السودان Proud Boys