استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عندما فشلوا في التخلّص من السلطان العثماني

السبت 20 مايو 2023 01:55 م

عندما فشلوا في التخلّص من السلطان العثماني

ما حدث مع أردوغان هذه الأيام يدفع نحو إعادة تقييم أمورٍ كثيرة لا يمكن الاستهانة بها.

لماذا عادت كل هذه الأطراف الرجل وحزبه، حتى كادت المسألة أن تنقلب إلى قضية شخصية وتنفيساً عن "حقد تاريخي"؟

"توقفوا عن وصم أردوغان بالديكتاتور، الديمقراطية التركية لا تزال بخير، والشخص الذي يذهب إلى جولة الإعادة ليس مزوّراً، أردوغان رئيس منتخب ديمقراطياً".

لم يستوعب خصوم أردوغان التلاحم الحاصل بين الإسلام والقومية، ما أعطى فرصة لبناء تحالفات سياسية واجتماعية جديدة وقوية لها تأثير حاسم بالانتخابات أخيراً.

بدل أن يؤدّي العداء الغربي لشخص أردوغان إلى تحجيمه والقضاء عليه سياسياً، حصل العكس تماماً، فمنحه شعبية، وجعل منه رقماً صعباً يحيي لدى خصومه شبح السلطان العثماني الذي يخشون انبعاثه مجددا.

* * *

لأن تركيا دولة محورية، تحوّلت انتخاباتها إلى حدثٍ دولي، واتّسعت رقعة الأطراف التي عبّرت بوضوح عن رغبتها في خسارة رجب طيب أردوغان، حتى تجاوزت حدود المعقول، فحكومات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل وحكومات عربية كانت تنتظر التخلص من الرجل بشكل فجّ وبكراهية عالية.

جعل هذا الأمر الصحافي البريطاني ديفيد هيرست يصرّح بأن تغطية وسائل الإعلام الغربية للرئيس التركي "عدائية بشكل واضح". وضرب أمثلة على ذلك بدير شبيغل وإيكونوميست ولوبوان وتليغراف. والسؤال: لماذا عادت كل هذه الأطراف الرجل وحزبه، حتى كادت المسألة أن تنقلب إلى قضية شخصية وتنفيساً عن "حقد تاريخي"؟

لستُ من أنصار الرئيس التركي، وسبق أن انتقدت أسلوبه في الحكم، لكن ما حدث معه هذه الأيام يدفع نحو إعادة تقييم أمورٍ كثيرة لا يمكن الاستهانة بها، فما حصل جعل صحيفة نيويورك تايمز تواجه هذا التيار العدائي، وتكتب "توقفوا عن وصم أردوغان بالديكتاتور، الديمقراطية التركية لا تزال بخير، والشخص الذي يذهب إلى جولة الإعادة ليس مزوّراً، أردوغان رئيس منتخب ديمقراطياً".

كتبت الصحيفة ذلك، بعد أن وجهت الإدارة الأميركية رسالة عدائية صريحة إلى الرئيس التركي. كما نجد قناة LCI الفرنسية تختار، في أحد برامجها، عنواناً صادماً بعد نتائج الجولة الأولى من الانتخابات "العمى الغربي".

كما اعتبر الصحافي هيرست السبب الحقيقي لهذا العمى أن "أوروبا تصلي من أجل إسقاط أردوغان"، لكونه "جعل من تركيا دولة مستقلّة لديها قوات مسلحة قوية، دولة لا تنصاع تلقائياً لما يوجّه إليها من إملاءات".

صحيحٌ أن هناك عوامل عديدة عملت ضد الرئيس التركي، وكادت أن تُسقطه انتخابياً، وهي التي راهن عليها جميع خصومه في الداخل والخارج. من هذه العوامل الأزمة الاقتصادية الخانقة، التراجع الكبير لليرة، الزلزال الذي وقع وتمنّى حدوثه أحد معارضيه، واعتبره كافياً للتخلص من أردوغان. يضاف إلى ذلك تراجع الحريات. في المقابل، هناك رصيد هام يتمتع به الرجل، وتغافل عنه خصومُه:

يجب استحضار الانتقال السريع لتركيا خلال سنوات قليلة إلى قوة اقتصادية وعسكرية أهّلتها لكي تكون ضمن العشرين الأقوى عالمياً. هذا إنجاز عظيم لم تتمكّن من تحقيقه دولٌ كثيرة، بما في ذلك دول غربية عديدة.

كما أن هذه القفزة لم تحقّقها بقية التجارب التي خاضتها أحزاب إسلامية مارست الحكم بعد الثورات العربية، التي حدَث معها العكس تماما، بسبب الارتجال وغياب الرؤية وانعدام الكفاءة.

هذا ما قدّره ملايين الأتراك رغم النكسة الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية، بمن في ذلك سكان المناطق التي أصابها الزلزال أخيرا، والذين راهنت عليهم المعارضة لكي يصوّتوا لمرشّحيها، فإذا بـ60% منهم يصرّون على التمسّك بتجديد الثقة في أردوغان.

حتى الشباب الذين لم يعيشوا فترة ما قبل صعود حزب العدالة والتنمية، ولم يتابعوا فترات التحوّل الكبير الذي حصل بعد ذلك، وكان يتوقع أن ينحازوا إلى حزب الشعب وحلفائه، انخرط جزءٌ واسعٌ منهم إلى الرئيس بحماسٍ لافت للانتباه، اعتقاداً منهم أنه جعل من بلادهم دولة وازنة في العالم وفي الشرق الأوسط. وجدوا فيه الزعيم في بلد يفتقر إلى شخصيات كارزماتية قادرة على جرّ الجماهير وراءها، وتوحيد مشاعرها وطموحاتها.

أما الذين لا يزالون يتعاملون مع الرئيس التركي باعتباره عضواً في تنظيم الإخوان المسلمين، فهم لم يفهموا شيئاً كثيراً من التحوّلات التي حصلت خلال السنوات الأخيرة. لم يدركوا بعد حجم التيار المحافظ وتعدّد أشكاله في بلد مثل تركيا.

ولم يستوعبوا التلاحم الحاصل هناك بين الإسلام والقومية، ما أعطى فرصة لبناء تحالفات سياسية واجتماعية جديدة وقوية كان لها تأثير حاسم في الانتخابات أخيراً.

وبدل أن يؤدّي العداء الغربي لشخص أردوغان إلى تحجيمه والقضاء عليه سياسياً، حصل العكس تماماً، إذ منحه شعبية كاسحة، وجعل منه رقماً صعباً يحيي لدى خصومه شبح السلطان العثماني الذي يخشون انبعاثه من جديد.

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط تونسي في المجتمع المدني

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا الغرب أردوغان الليرة التركية الانتخابات التركية الاتحاد الأوروبي السلطان العثماني التيار العدائي العمى الغربي الديمقراطية التركية الإسلام والقومية حقد تاريخي