أعداء الصدر يدبرون لإعادته إلى الحياة السياسية.. كيف؟ ولماذا؟

الاثنين 22 مايو 2023 11:50 ص

يعمل أعداء زعيم التيار الصدري رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر على دفعه للعودة إلى الحياة السياسية، وهم ينقسمون بين باحث عن "غطاء لأعمال غير قانونية" وراغب في شخصية قادرة على "ردع" أطراف أخرى.

تلك القراءة قدمتها سعاد الصالحي مراسلة موقع "ميدل إيست آي" البريطاني (Middle East Eye) في بغداد عبر تقرير استعانت فيه بآراء مصادر مطلعة وفاعلة في مشهد عراقي معقد ومتشابك وترجمه "الخليج الجديد".

وفاز التيار الصدري بالأغلبية في انتخابات برلمانية مبكرة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وكان يرغب في تشكيل حكومة أغلبية وطنية بعيدا عن المحاصصة المعتادة.

لكن التيار الشيعي أخفق في مسعاه جراء إصرار الإطار التنسيقي الشيعي (مدعوم من إيران) على تشكيل حكومة توافق وطني، ما قاد إلى اشتباكات مسلحة سقط فيها ضحايا، ثم أعلن الصدر اعتزاله الحياة السياسية وشكَّل الإطار حكومة برئاسة محمد شياع السوداني.

وقالت سعاد إنه "مرَّ نحو عام منذ أن أعلن الصدر، صاحب النفوذ، انسحابه من السياسة، وخلال الأشهر القليلة الماضية، ومع تشكيل حكومة جديدة دون مشاركته، رفض رفضا قاطعا الدخول في أي حوار سياسي أو استقبال زوار يحاولون التحدث إليه حول التطورات أو القضايا التي تواجهها البلاد".

فيديو المهدي المنتظر

لكن "في 13 أبريل/نيسان الماضي، وبعد صلاة العشاء مباشرة، بدأ انتشار مقطع فيديو قصير على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيه شاب ملتحٍ يرتدي زيا دينيا أسود وقناعا أسود، ويدعو إلى مبايعة الصدر واصفا إياه بالمهدي المنتظر".

وأضاف الملثم أن مسجد الكوفة سيشهد إطلاق "حملة كبيرة" لإعلان الولاء للصدر أثناء إقامته هناك. وبعد ساعات، تجمع العشرات من أنصار الصدر أمام منزله لإعلان ولائهم، لكن حراس الصدر اعتدوا عليهم وسلموهم إلى الشرطة، بحسب مصادر محلية.

بدلا من أن يكون عرضا للدعم، نُظر إلى الفيديو على أنه محاولة لزعزعة استقرار الصدر، وقال أحد مساعديه لـ"ميدل إيست آي": "كان هذا تهديدا واضحا لحياة الصدر وتهديدا بالفوضى".

واعتبر أنه "أيا كان من يقف وراء الفيديو، فقد أراد استفزاز الصدريين للتجمع في مسجد الكوفة ثم مواجهة رجال الدين الشيعة في النجف، الذين لم يقبلوا الادعاء بأن الصدر هو منقذهم الذي طال انتظاره.. هؤلاء الناس خطرون للغاية ويمكنهم ارتكاب جرائم باسم الصدر".

القاعدة الشعبية

وفي 29 أبريل/نيسان الماضي، بحسب سعاد، طلب الصدر من أتباعه تقديم تعهد مكتوب موقع بالدم، حيث وعدوا بعدم اتباع أي عالم ديني لم يكن صدريا منذ فترة طويلة، وتعهّدوا بعدم الانضمام إلى أي "مجموعات مشبوهة تريد تقويض العراق والطائفة والتيار الصدري".

وقال مساعد سابق للصدر انشق قبل سنوات للانضمام إلى فصيل مسلح تدعمه إيران: "بصراحة القضية بعيدة كل البعد عن الفقه والدين والإيمان، إنها صراع على القاعدة الشعبية للصدر".

وتابع أن "التشكيك في سلطة الصدر الدينية والعقائدية، وطرح التساؤلات حول طبيعة العلاقة بينه وبين أتباعه، من الأسلحة المستخدمة في المعركة".

وأردف أن "الصدر يعتمد بشكل كبير على الجيل الأصغر للحركة، وهؤلاء الشباب ما زالوا ملتزمين به روحيا وسياسيا، وتحصين هؤلاء الناس وإبقائهم تحت السيطرة بعيدا عن نفوذ المعارضين هو الهدف الرئيسي للصدر حاليا".

منافسة أخوية

ووفقا لسعاد، فإن أشد خصوم الصدر شراسة هم رفاقه السابقون الذي نشأوا في المدرسة الفقهية نفسها التي أسسها والده وعمه، ومن هؤلاء عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله، التي تتداخل أيديولوجيا وديمغرافيا وإقليميا مع التيار الصدري، وهما من أبرز الفصائل الشيعية المسلحة.

وشددت على أن "هذا التقاطع الديموغرافي والأيديولوجي يُعقد المنافسة بين الفصائل، ما يجعل قتالها أكثر قسوة، والطبيعة الأخوية لمنافستهم تعني أن الصدريين وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله يعرفون بالضبط كيف يقوضون بعضهم البعض ويغرون مقاتليهم بالاشنقاق".

وعلى حد سواء، فإن أصدقاء وأعداء الصدر يفتقدونه ويتمنون عودته إلى الحياة السياسية، "لتخليصهم من الإحراج وتزويدهم بالغطاء المطلوب لأعمالهم غير القانونية"، بحسب تعبير قيادي في  الإطار التنسيقي الشيعي.

وقال القيادي إن "العديد من الأطراف الدولية والمحلية تعتقد أن وجود الصدر خارج العملية السياسية أكثر ضررا لها من وجوده داخلها، وقد حان الوقت لعودته".

وتابع أن "عصائب أهل الحق بدأت في أخذ حصص غنائم من الحكومة أكثر مما يرضي شركاؤها، وإذا استمرت الأمور على هذا النحو فإن هذا الفصيل سوف ينقلب على البقية ويبتلعهم".

وزاد بقوله: فيما "أصبح آخرون مكشوفين ولا يمكنهم المضي في أنشطتهم غير القانونية دون وجود شخص يمكنهم استخدامه كغطاء لإلقاء التهمة عليه.. الصدر أداة ردع ويوفر نوعا من الحماية للعديد من الأطراف".

واعتبر أنه "لا يمكن القول إن لاعبا واحدا فقط يقف وراء كل ما يحدث للصدر الآن، لكن من المؤكد أن عدة جهات دولية ومحلية تسعى لإعادته إلى الساحة.. لكن كيف ومتى يعود؟ هذا يعتمد بشكل أساسي على قدرته على الصمود".

المصدر | سعاد الصالحي | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العراق مقتدى الصدر التيار الصدري عصائب أهل الحق حزب الله الحياة السياسية

عراق ما بعد 2003.. حركات تدعمها جيوش ونخبة يخدمها العنف

بعد تجربة مصر وتونس.. هل تراجع كل الإسلاميين في الشرق الأوسط؟

الصدر يتهم أطرافا بالسعي لنشر فتنة شيعية-شيعية.. ويدعو البرلمان للتحرك