تنقسم توقعات محللين سياسيين بشأن مستقبل الشراكة بين تركيا وقطر في حال فوز مرشح المعارضة التركية كمال كليتشدار أوغلو في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية يوم 28 مايو/ أيار الجاري على حسا بالرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان، بحسب نسيبة هجرة بتّال أوغلو، وهي مساعدة باحث في مركز دراسات الخليج بجامعة قطر.

وفي الجولة الأولى يوم 14 مايو/ أيار الجاري حصد أردوغان (69 عاما)، الذي يحكم منذ 20 عاما، 49.52% من الأصوات، مقابل 44.88% لكليتشدار أوغلو (74 عاما). أما في الانتخابات البرلمانية، فاحتفظ تحالف الشعب، بقيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002 بزعامة أردوغان، بأغلبية مقاعد البرلمان، يليه تحالف الأمة بقيادة حزب الشعب الجمهوري بزعامة كليتشدار أوغلو.

وأضافت نسيبة، في تقرير بـ"معهد الخليج الدولي" (Gulf International Forum) ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "نظرا لنطاق وعمق العلاقات الثنائية على مدى العقود الخمسة الماضية، أدت العلاقات السياسية والاقتصادية الوثيقة بين تركيا وقطر إلى نشوء واحدة من أقرب الشراكات وأكثرها فاعلية في الشرق الأوسط".

واعتبرت أن "استمرار تلك العلاقة الوثيقة حتى بعد توقيع اتفاقية العلا (خلال القمة الخليجية بالسعودية في يناير/ كانون الثاني 2021)، التي أنهت الحصار المفروض على قطر وأعادت علاقات الدوحة مع جيرانها، تشير إلى الطبيعة المرنة للشراكة بين البلدين".

وأردفت أن "انتخابات الإعادة تثير أسئلة حول ما إذا كانت العلاقة بين البلدين يمكن أن تستمر في شكلها الحالي أم لا"، مشدة على حدة المنافسة وغموض النتيجة بقولها إن "جولة الإعادة لا تزال محل نزاع حاد".

تراجع كبير

وفقا لجورجيو كافيرو، الرئيس التنفيذي لشركة "جالف ستايت أتاليتكس" (Gulf State Analytics)، في حديث للمنتدى، فإنه "إذا خسر أردوغان، فإن العلاقة بين تركيا وقطر ستتراجع بشكل كبير".

وأضاف أن "حزب الشعب الجمهوري انتقد حكومة أردوغان لوقوفها بقوة وراء الدوحة في الخلاف العربي (2017-2021)".

كما لفت إلى أن "كليتشدار أوغلو أدلى بتصريحات متكررة تنتقد استحواذ الدوحة على مصنع صفائح الدبابات في ولاية سكاريا (غربي تركيا)، وقال إن حزبه لن يبيع مصنعا للجيش القطري وتعهد بإعادته إلى الأيدي التركية في حال انتخابه".

ورجح كافييرو أن "فوز كليتشدار أوغلو سيؤدي أيضا إلى إحداث تغييرات في نهج تركيا تجاه سوريا (جارها الجنوبي)، مما يقلل بشكل أكبر من تحالف أنقرة مع الدوحة في قضية حكومة (رئيس النظام السوري) بشار الأسد".

وأضاف أنه "بشكل عام، من المتوقع أن يحول كليتشدار أوغلو، إذا تم انتخابه، تركيز سياسة تركيا الخارجية تجاه الغرب وبعيدا عن الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الأوسع، مما يجعل قطر بطبيعة الحال أقل أهمية لأجندات أنقرة على المسرح الدولي".

شراكة مستمرة

على عكس كافييرو، قال الدكتور علي بكير، باحث تركي في مركز ابن خلدون بجامعة قطر، إن "فوز حزب العدالة والتنمية سيؤدي إلى فترة ممتدة من العلاقات الممتازة بين تركيا وقطر".

وأضاف بكير للمنتدى: "بالنظر إلى التصريحات غير العادلة والسلبية السابقة للمعارضة التركية تجاه قطر، إذا انتصرت المعارضة فهناك فرصة كبيرة لتقليل هذه العلاقات".

كما قال الدكتور بولنت أراس، مدير الأبحاث في مركز أبحاث السياسات الدولية ومقره الدوحة، إن "العلاقات بين تركيا وقطر تعتمد على الحساب العقلاني للمصالح المشتركة، ولا تقتصر على شخصيات أو مستفيدين محددين".

وأردف أراس، في حديث للمنتدى، أن "العلاقات الحالية بين الدوحة وأنقرة في مستوى جيد للغاية، ومن المرجح أن تستمر في المستقبل المنظور".

واعتبر أنه "على الرغم من التخوف، فمن المعقول الاعتقاد بأن المصالح المشتركة القوية بين البلدين ستدعم الشراكة، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، فهناك عوامل محلية وإقليمية كبيرة تشير إلى أن تلك الشراكة لن تتضرر".

ورأى أراس أنه "من المرجح أن يعطي كل من أردوغان وكليتشدار أوغلو الأولوية للاستقرار الاقتصادي في الأشهر المقبلة، وكلاهما يواجه تحدي إعادة إعمار جنوبي البلاد الذي دمره الزلزال (في 6 فبراير/ شباط الماضي)".

وزاد بأنه "من المرجح أن تُنزل السياسة الخارجية لتركيا بشكل عام، بما في ذلك علاقتها مع قطر، إلى أهمية ثانوية خلال السنوات الأولى من ولاية الرئيس (للتركيز على إصلاح الأوضاع الداخلية)".

ومضى قائلا إنه "على الصعيد الإقليمي، يبدو أن الدبلوماسية والمصالحة، حتى بين الخصوم اللدودين، باتت روح العصر حاليا، وهذا الاتجاه يضع حاجزا فكريا وعمليا أمام أي تدهور في العلاقات الثنائية بين تركيا وقطر، وبالتالي، من المرجح أن تظل العلاقة بين البلدين قوية ومستدامة، على الرغم من الشكوك الحالية المحيطة بنتيجة الانتخابات".