عضو فيدرالية مسلمي فرنسا مخلوف مامش لـ"الخليج الجديد": نعاني من شيطنة لجمعيات خدمية وحصار لمساجد

الثلاثاء 23 مايو 2023 01:12 م

نواف السعيدي- الخليج الجديد

قال عضو مجلس إدارة فيدرالية مسلمي فرنسا (اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا سابقا) مخلوف مامش إن الجمعيات الإسلامية الخدمة في البلد الأوروبي تتعرض لمخطط شيطنة وحصار مالي بزعم التحقق من مصادر تمويلها، مما يضيق الخناق على العمل الإسلامي.

وفي مقابلة خاصة مع "الخليج الجديد"، استنكر مامش، رئيس الفيدرالية الفرنسية للمدارس الإسلامية الخاصة، الحملات الإعلامية والسياسية التي تعالت ضد ما يُسمى بتيار الإخوان المسلمين والإسلام السياسي في فرنسا، موضحا أنها بدأت في أعقاب اندلاع ثورات الربيع العربي أواخر 2010.

وأضاف: "شهدنا حملات إعلامية وسياسية شرسة لضرب وشيطنة جماعة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي، بل والمسلمين عموما، ونجحت إلى حد كبير في تشويه الإسلام المعتدل، خاصة من قِبل وسائل الإعلام التابعة لليمين المتطرف الذي دائما ما يسلط الأضواء ويروّج الأكاذيب بحق الإخوان والحركات التي تسير في فلك فكر الجماعة".

ضرب العمل الإسلامي

مامش أردف أنه "بكل أسف أي حركة أو جمعية إسلامية تعمل وفق القانون مع المجتمع المدني وتقدم خدمات وتكون قريبة من المصلحة العامة، يتم تصنيفها بأنها تابعة للإخوان المسلمين أو ما يُسمى بالإسلام السياسي، رغم أنها ليست لها علاقة بالإخوان والإسلام السياسي، فهناك مخطط  لشيطنة الجمعيات الإسلامية الناشطة في الساحة".

وعبّر عن استيائه مما نشرته مؤخرا صحيفة "لفيجارو" الفرنسية من أن السلطات الفرنسية تلاحق تمويلات الإخوان، مشددا على أن "هذه مغالطات متعمدة لضرب أي عمل، فقد صرّح القائمون على تلك الجمعيات مرارا بأنه ليست لهم أي علاقة بتنظيم الإخوان".

ولفت مامش إلى أنه "تم بالفعل تجميد أرصدة مجموعة من صناديق الهبات التي جرى فتحها سابقا وفقا للقانون، وهي صناديق لا يُدفع عنها ضرائب وتتمتع بامتيازات، وقد لجأت إليها مجموعة من الجمعيات العامة، ليست الإسلامية فقط، لأنها مفتوحة حتى لعامة المواطنين".

وتابع: "أعرف أربعة صناديق هبات حتى الآن جرى تجميدها وملاحقتها مؤخرا على أساس أنها لم تحترم الشروط الخاصة بصناديق الهبات (...) إذا كان هناك خطأ ما ربما يعود إلى بداية تنفيذ المشروع وتسييره حسب القانون".

واستدرك: "لكن لا أظن أن الأموال التي جرى مصادرتها تبلغ 25 مليون يورو، كما قالت لفيجارو، فهذا رقم مبالغ فيه كثيرا، وربما كانت الصحيفة تقصد كل صناديق الهبات الخاصة بالمسلمين وغيرهم".

وأوضح مامش أن "الصناديق التي جرى تجميدها هي صندوق مدرسة الكندي بمدينة ليون وصندوق المنتدى الأوربي للمرأة المسلمة في باريس وصندوق الوقف الإسلامي بباريس، وهو تابع لفيدرالية مسلمي فرنسا، وصندوق المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بباريس، وهذا التجميد مؤقت لحين البت في شأنها، وتلك الإجراءات تمت بدون سابق إنذار".

وقبل أيام، نقلت "لفيجارو" عن مصادر أمنية لم تسمها قولها إن السلطات تحقق في مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين بفرنسا. واعتبرت السلطات الأمنية أن حوالي 20 صندوق هبات خاص تمارس أنشطة تمويل مشبوهة، وأطلق وزير الداخلية جيرالد دارمانا تحقيقا موسعا بشأنها منذ خريف 2021، وفقا للصحيفة.

(مسجد المركز الإسلامي بمدينة فيلنوف داسك شمالي فرنسا)

حصار لمساجد

مامش قال أيضا إن "بعض المساجد في فرنسا تعاني من الملاحقة والحصار حاليا، وبينها مسجد المركز الإسلامي بمدينة فيلنوف داسك (شمال)، وهو عضو بفيدرالية مسلمي فرنسا، وعينت محكمة مؤخرا إداريا لتولي شؤونه الإدارية والمالية لمدة سنة".

وتابع: "تمت إحالة الفريق الذي كان يسَّير المسجد إلى القضاء وهم ممنوعون حتى من إسداء خدمات للمسجد حتى يتم الحكم القضائي في فبراير/ شباط 2024.. لم نعهد مثل تلك الإجراءات من قبل، خاصة وأن هذا المسجد كبير وبُني بأموال مسلمين".

واستطرد: "كنّا نود أن يكون هناك تواصلا بيننا وبين السلطات قبل أن نصل لىهذه النتيجة المؤسفة؛ وإن كانت هناك أخطاء ما تتم الإشارة إليها ثم يجري تصحيحها بطريقة شفافة وذكية ومقبولة، لكن في الآونة الأخيرة لا يوجد أي حوار، وإنما رقابة مباشرة وإجراءات مباشرة دون أي تمهيد أو إخطار.. يتم سجن أو طرد المسؤول".

          (مسجد المركز الإسلامي بمدينة فيلنوف داسك شمالي فرنسا)

وردا على الجدل الذي يثيره البعض بشأن مصادر تمويل الأنشطة الإسلامية في فرنسا وأوروبا عامة، قال مامش: "منذ نحو 6 سنوات انقطعت تماما المعونة التي كانت تستفيد منها الجمعيات الإسلامية، وكانت تأتي لمسلمي فرنسا بالأساس من دول الخليج لبناء المساجد والمدارس وإقامة الأنشطة، فلم نعد نرى أي تمويل من الخارج".

وأوضح أن "مسلمي فرنسا الآن يعتمدون على التمويل من الداخل، ولذلك أقاموا مؤسسات وشركات خاصة، وكثير من المساجد عندها وقف حتى تستطيع أن تُموّل احتياجات المراكز الإسلامية، وأصبح تمويل المساجد والمراكز الإسلامية يُشكّل تحديا كبيرا في ظل الإجراءات المشددة".

أكذوبة كبرى

ووصف مامش قضية الإسلام السياسي في فرنسا بأنها "أكذوبة كبرى، حتى ينفّروا المجتمع الفرنسي منه. لا يوجد إسلام سياسي يريد الوصول إلى السلطة، فوفقا للقوانين المحلية مَن يريد الوصول للسلطة عليه أن ينشئ حزبا سياسيا".

وأردف: "لكنهم حاليا ينسبون أي عمل تقوم به جمعية أو مركز إسلامي للإسلام السياسي، فمثلا يعتبرون توزيع وجبات مجانية أو تنظيم دروس للتقوية أو صلاة العيد في قاعات كبيرة أعمال للإسلام السياسي بزعم الرغبة في الوصول إلى السلطة أو أسلمة فرنسا".

وأكد أن "الأوضاع الحالية للمسلمين في فرنسا باتت صعبة ومعقدة جدا، فكل شيء يلفقونه بالإسلام السياسي، حتى السياسي اليوم لا يقترب من هذه الجمعيات المنعوتة بالإسلام السياسي حتى يحافظ على منصبه إلا مَن رحم الله".

وزاد مامش بأن تطبيق قانون "مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية" (قانون الانفصالية) أدى إلى "زيادة الرقابة على المساجد والمدارس والمراكز والفيدراليات والشخصيات الإسلامية، فضلا عن زيادة الرقابة على خطاب الأئمة في المساجد والتمويل، وخاصة التمويل الذي كان يأتي من الخارج".

وفي يوليو/ تموز 2021، تبنت الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) مشروع قانون "مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية"، الذي طرحته حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، وجرى التعريف به أول مرة باسم "مكافحة الإسلام الانفصالي"، مما أثار استياء المسلمين الذين اعتبروا أنه يهدف إلى تهميشهم وفرض قيود على كافة مناحي حياتهم.

وينص القانون على فرض رقابة على المساجد والجمعيات المسؤولة عن إدارتها، ومراقبة تمويل المنظمات المدنية التابعة للمسلمين، وفرض قيود على حرية تقديم الأسر التعليم لأطفالها في المنازل، كما يحظر ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي.

وبموجب القانون، تصل عقوبة من يُدان بجريمة "الانفصالية" إلى السجن 5 سنوات، وغرامات تصل إلى 75 ألف يورو (88 ألف دولار) لمَن يهددون أو يعتدون على مسؤول منتخب أو موظف مدني لعدم رغبتهم في اتباع القواعد الخدمات العامة، كرفض الخضوع لفحص طبي من قِبل طبيبة.

واستطرد مامش: "نسأل الله سبحانه وتعالى أن تمر هذه الفترة وتلك الإجراءات بسلام وألا تتصاعد الأوضاع أكثر خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تطبيق قانون الانفصالية بشكل عملي خلال العام الجاري.. الأئمة والخطباء أصبحوا لا يستطيعون قول كل شيء، لأنهم يدركون جيدا أنهم يخضعون لرقابة مشددة وأن أي تصريح خارج الإطار سيدفع صاحبه الثمن غاليا".

                   (مسجد الإيمان بمدينة ليل شمالي فرنسا)

وأوضح أن "والي المنطقة له الحق الآن في أن يُسفّر (إلى بلده الأصلي) مَن يريد بسرعة متناهية في أي وقت بدون الرجوع إلى المحكمة، ويستطيع غلق أي مدرسة مباشرة دون قرار قضائي.. يجري تنفيذ القرار الإداري أولا ثم ينظر فيه القضاء، وهذه الأمور جديدة تماما ونتيجة لقانون الانفصالية".

تصنيف الإخوان

وحول ما يتردد عن احتمال تصنيف جماعة الإخوان كحركة إرهابية في فرنسا، قال مامش إنه شخصيا لم يسمع بذلك، "لكن بغض النظر عن التصنيف الرسمي، هناك تصنيف إعلامي وسياسي حول الإخوان كمنظمة إرهابية".

وتابع: "الإخوان في فرنسا محظورة الآن على أرض الواقع، ويتم شيطنتها بدرجة كبيرة من السياسيين والإعلاميين والإداريين (المسؤولين)، ولا أدري الآن ما الذي سيتغير إذا صدر حكم رسمي بتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية؛ فلم يبق شيئا كي يفعلوه".

وأضاف مامش أن "الحركة الإسلامية في فرنسا وأوروبا عموما تقول إنها ليست لها علاقة تنظيمية بتنظيم الإخوان العالمي، وإنما هي حركة إسلامية في أوروبا، حتى سمّت نفسها بـ"مسلمي فرنسا" و"مسلمي أوروبا"، لأنها تستمد مصداقيتها من القوانين الفرنسية والأوروبية وتخدم المصالح الوطنية بالدرجة الأولى".

وختم بأن علاقة الحركة الإسلامية الأوروبية مع المنظمات الإسلامية الأخرى "تبقى علاقات شكلية.. ربما يكون هناك تعاون وشراكة في مشاريع معينة  مثلا، لكنها لا ترقى مطلقا إلى مستوى علاقات تنظيمية كما يسميها البعض".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مخلوف مامش فرنسا جمعيات إسلامية مساجد شيطنة تمويل الإخوان

المفكر فرانسوا بورغا لـ"الخليج الجديد": فرنسا تريد إسلاما على مقاسها.. والغرب يعادي أردوغان لمقاومته الهيمنة

قمع النشاط الإسلامي.. موقع بريطاني: هكذا صدَّره "المستبدون العرب" إلى أوروبا

خارجة عن السيطرة.. فرنسا تدخل حقبة جديدة من الإسلاموفوبيا