استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تناقضات أمريكية

الخميس 25 مايو 2023 02:59 ص

تناقضات أمريكية

اللافت أن أمريكا تبنت لغة مزدوجة حول نكبة فلسطين قالت فيها الشىء وعكسه أيضا.

التظاهرات في إسرائيل لم تتطرق لقضية فلسطين ولا هى عارضت الاحتلال. وهنا تكمن المفارقة.

بات اليهود الأمريكيون، بعد تولى حكومة إسرائيل الحالية، يواجهون التحدى الأعظم منذ نشأة إسرائيل.

لم يعد بالإمكان، مع خطة نتنياهو لتطويع مؤسسة القضاء، الادعاء بليبرالية إسرائيل أو أنها «تشترك مع الولايات المتحدة فى القيم نفسها».

كيف يمكنك الاعتراف بمحنة اللاجئين دون الاعتراف أصلا بتهجيرهم، أي «النكبة» نفسها، التى اعتبرت الإدارة إحياء ذكراها «انحيازا ضد إسرائيل»!

كانت المظاهرات الحاشدة فى إسرائيل ضد تطويع القضاء هدية لليهود الليبراليين لأنها تمنحهم الغطاء السياسى لانتقاد حكومة نتنياهو علنا دون التخلى عن «دعم إسرائيل».

انتقاد حكومة إسرائيل جائز إذا كان الموضوع «الديمقراطية» للإسرائيليين وحدهم، أما إذا كان الانتقاد يتعلق بالاحتلال أو بالفلسطينيين، صار الاتهام بالعداء للسامية جاهزا!

* * *

أحداث عدة الأسبوع الماضى- فى ذكرى نكبة فلسطين- تكشف عن حجم التحول فى الرأى العام الدولى إزاء قضية فلسطينية. فحين أقامت الأمم المتحدة، لأول مرة فى تاريخها، فعالية فى ذكرى مرور 75 عاما على نكبة فلسطين، كانت تفعل ذلك بناء على تصويت بالمنظمة الدولية، حاز فيه مطلب إقامة الفعالية على الأغلبية. وقد قاطعت حكومات غربية عدة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تلك الفعالية.

لكن اللافت أن أمريكا تبنت لغة مزدوجة حول نكبة فلسطين قالت فيها الشىء وعكسه أيضا.

فبينما قال المتحدث باسم بعثة أمريكا بالأمم المتحدة إن بلاده «لا تحضر فعاليات هدفها الإمعان فى الانحياز ضد إسرائيل»، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية إن «حضور الولايات المتحدة أو تمثيلها فى الفعاليات لا يعكس التزامنا تجاه الشعب الفلسطينى. فنحن لا نزال نعترف بمحنة اللاجئين الفلسطينيين المؤلمة»!

وليس واضحا كيف يمكنك الاعتراف بمحنة اللاجئين دون الاعتراف أصلا بتهجيرهم، الذى هو «النكبة» نفسها، التى اعتبرت الإدارة إحياء ذكراها «انحيازا ضد إسرائيل»!، لكن ما هى ساعات حتى أحرج المتطرفون الإسرائيليون الإدارة فاضطرت لإعلان إدانتها.

فاحتفالا بما يسمونه «توحيد القدس»، نظم هؤلاء مظاهرة هتفوا فيها «بالموت للعرب» ودعوا «لحرق القرى الفلسطينية». والإدارة أدانت الشعارات، دون إدانة المناسبة نفسها، أى ضم إسرائيل للقدس الشرقية، غير المعترف به دوليا!.

والحقيقة أن الفجوة صارت واسعة بين السياسيين والرأى العام، الذى صار أكثر علنية فى تعبيره عن غضبه من ممارسات حكومة إسرائيل ومتطرفيها. ففى ذكرى النكبة، كانت تغطية الإعلام الأمريكى مختلفة نوعيا، ناهيك عن استخدامه لكلمة «النكبة». فعلى سبيل المثال.

استخدمت تغطية قناة «إم إس إن بى سى» مصطلح «التطهير العرقى» لوصف تهجير 750 ألف فلسطينى من ديارهم وتدمير ما يقرب من خمسمائة قرية، بينما قدم البرنامج العام بالإذاعة الأمريكية فقرات كانت موضوعية لحد كبير.

أكثر من ذلك، كان التيار التقدمى مسؤولا عن وصول إحياء ذكرى النكبة لقاعات الكونغرس. فالنائبة التقدمية رشيدة طليب بعد أن استعدت لتنظيم فعالية بمبنى مجلس النواب، قام رئيس المجلس بإلغائها.

ورشيدة طليب، أمريكية من أصل فلسطينى، ونائبة عن الحزب الديمقراطى الذى يشغل مقاعد الأقلية بالمجلس. غير أن ما حدث بعد قرار الإلغاء يظل أهم من الإلغاء نفسه. فلأن الديمقراطيين يتولون الأغلبية بمجلس الشيوخ، ويشغلون رئاسة لجانه.

فقد أتاح السيناتور التقدمى، اليهودى بالمناسبة، برنى ساندرز قاعة اجتماعات اللجنة التى يترأسها لإقامة الفعالية. والحقيقة أن موقف ساندرز لم يعد يمثل أقلية صغيرة بين اليهود الأمريكيين.

فالأجيال الشابة منهم تنتقد علنا السياسات الإسرائيلية. وبينما يظل اليهود الأمريكيون فى أغلبهم ليبراليين، لا تقدميين، فإن ليبراليتهم لم تمنعهم يوما من الدفاع عن إسرائيل باعتبار أنها «ليبرالية» هى الأخرى، خصوصا أن اللوبى الإسرائيلى حرّم عليهم انتقادها علنا.

لذلك بات اليهود الأمريكيون، بعد تولى حكومة إسرائيل الحالية، يواجهون التحدى الأعظم، فى تقديرى، منذ نشأة إسرائيل. فلم يعد بالإمكان، مع خطة نتنياهو لتطويع مؤسسة القضاء، الادعاء بليبرالية إسرائيل أو أنها «تشترك مع الولايات المتحدة فى القيم نفسها».

لذلك، كانت المظاهرات الحاشدة فى إسرائيل ضد تطويع القضاء بمثابة هدية لليهود الليبراليين لأنها تمنحهم الغطاء السياسى لانتقاد حكومة نتنياهو علنا دون التخلى عن «دعم إسرائيل».

غير أن تلك التظاهرات لم تتطرق لقضية فلسطين ولا هى عارضت الاحتلال. وهنا تكمن المفارقة. فانتقاد حكومة إسرائيل جائز إذا كان الموضوع هو «الديمقراطية» للإسرائيليين وحدهم، أما إذا كان الانتقاد للحكومة نفسها يتعلق بالاحتلال أو بالفلسطينيين، صار الاتهام بالعداء للسامية جاهزا!

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

  كلمات مفتاحية

أمريكا الكونغرس إسرائيل ليبرالية الاحتلال رشيدة طليب نكبة فلسطين قضية فلسطين العداء للسامية اليهود الأمريكيون التيار التقدمي اللاجئين الفلسطينيين