رون ديسانتيس.. جمهوري شاب يتحدى ترامب ويخشاه بايدن

الخميس 25 مايو 2023 08:32 م

يصنف رون ديسانتيس نفسه على أنه محافظ على غرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لكن من دون أخطائه، حيث يدخل في سباق معه على ترشيح الحزب الجمهوري، للانتخابات الرئاسية المقررة في 2024.

وتشهد حسابات خريطة الانتخابات الرئاسية في أمريكا هزة كبيرة، وذلك إثر انطلاق حملة حاكم ولاية فلوريدا ديسانتيس، معتمدا على سجل حافل من الإنجازات المتعلقة بالقيم المحافظة، والتي حققها خلال مسيرته السياسية، على النقيض من السنوات الأربع لرئاسة ترامب التي حققت القليل من الانتصارات التشريعية.

ولا تقتصر الهزة داخل حزبه الجمهوري، وحملة ترامب، بل تمتد أيضا إلى معسكر الرئيس الديمقراطي جو بايدن، حيث يأتي على رأس حسابات الطرفين ما يمثله ديسانتيس كـ"مرشح شاب" (44 عاما)، في حين تخطى بايدن الثمانين، ولا يبتعد ترامب كثيرا عنه إلا بعامين فقط.

وقال ديسانتيس في تدشينه حملته الرئاسية على منصة تويتر "أنا أترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة لقيادة عودتنا الأميركية العظيمة"، ثم تحدث عن "المستقبل"، وهو ما لم يتردد كثيرا في خطابات ترامب أو بايدن.

ويزدحم المعسكر الجمهوري بكثير من المرشحين، إلا أن هناك إجماعا تدعمه استطلاعات الرأي المتكررة تشير إلى ثنائية الصراع على بطاقة الحزب بين ترامب وديسانتيس.

وكان ترامب دعم ترشح ديسانتيس كحاكم لولاية فلوريدا، الذي وجه الشكر له فيما بعد، قائلا: "أعتقد أننا سنحظى بشراكة رائعة"، لكن سرعان ما تغيرت العلاقة بين الرجلين.

في هذا التقرير، يستعرض "الخليج الجديد" السيرة الذاتية لديسانتيس، الذي يعوّل الآن في مواجهته مع ترامب على صندوق انتخابي قدره 110 ملايين دولار، وهدفه أن يظهر بصورة مختلفة أمام الناخبين، وهي أنه الحرس الجديد لحزب الجمهوريين.

وديسانتيس المولود في 14 سبتمبر/أيلول 1978، لاعب بيسبول جامعي سابق، متزوج وأب لثلاثة أولاد.

هو أمريكي إيطالي الأصل، وُلد جميع أجداده في جنوب إيطاليا، وهاجروا إلى الولايات المتحدة خلال فترة الشتات الإيطالي.

تخرّج ديسانتيس في جامعتي ييل، حيث درس التاريخ، وهارفرد حيث درس القانون.

خلال وجوده في جامعة هارفرد، عمل ضابطاً في هيئة القضاة العامة في البحرية الأمريكية.

وخلال خدمته الفعلية، حاز عدة أوسمة وميداليات، ودعم العمليات في معتقل جوانتانامو سيئ السمعة، ثمّ نُقل إلى العراق، حيث عمل مستشاراً لقائد قوة "سيل"، دعماً لمهمة القوة في الفلوجة والرمادي، وباقي مناطق محافظة الأنبار.

ويُتّهم ديسانتيس بأنّه شهد تعذيب معتقلين وأشرف على إطعام بعضهم بالقوة، خلال مشاركته في قوة المهام المشتركة في جوانتانامو، إلا أنه غالباً ما تُنقَّح سجلات خدمته في البحرية الأمريكية عندما يُفرَج عنها للجمهور.

وبعد عودته إلى الولايات المتحدة، وبعد حوالى 8 أشهر، عيّنته وزارة العدل الأمريكية للعمل مساعداً للمحامي العام في مكتب المدعي العام الأمريكي في المنطقة الوسطى من فلوريدا، وهو المنصب الذي شغله حتى خرج من الخدمة العسكرية مع مرتبة شرف عام 2010، مع استمرار وجوده على قيود الخدمة في احتياطي البحرية الأمريكية.

وفي العام ذاته، تزوّج المراسلة التلفزيونية ومذيعة الأخبار المحلية كايسي بلاك، ثمّ عمل مدعياً عاماً ​​فيدرالياً، حيث استهدف وأدان المعتدين على الأطفال.

انتُخب ديسانتيس للمرة الأولى لعضوية الكونجرس عن الدائرة السادسة في فلوريدا في عام 2012، حيث حارب من أجل تحديد فترة الولاية، وخفض الضرائب، وكان معارضاً بارزاً لإدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباماً.

وأعيد انتخابه لعضوية الكونجرس عامَي 2014 و2016.

كان ديسانتيس خلال فترة ولايته في الكونجرس حليفاً للرئيس السابق دونالد ترامب، وكثيراً ما انتقد تحقيق المحقق الخاص روبرت مولر في مزاعم الصلة بين حملة ترامب والتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.

في عام 2018، فاز بترشيح الحزب الجمهوري لمنصب حاكم فلوريدا، وتفوّق على منافسه الديمقراطي أندرو غيلوم بفارق ضئيل.

وخلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لمنصب الحاكم، شدد ديسانتيس على دعمه لترامب، وعندما سئل عمّا إذا كان يمكنه تحديد قضية يختلف فيها مع ترامب، نفى ديسانتيس الأمر.

وخلال جائحة كورونا التي اجتاحت العالم عام 2020، رفض حاكم فلوريدا اتخاذ العديد من الإجراءات للحدّ من انتشار الفيروس، التي اتّبعتها ولايات عدة أخرى.

وشهدت ولايته نمواً اقتصادياً فوق المتوسط، وأسرع نمو سكاني بين الولايات الأمريكية في تلك الفترة.

وفي مايو/ أيار 2021، وقّع ديسانتيس مشروع قانون يحظر على الشركات، والمدارس، والسفن، والهيئات الحكومية، المطالبة بمستندات تثبت حصول الأفراد على اللقاح المضاد لفيروس (كوفيد-19).

وفي عام 2022، أعيد انتخاب ديسانتيس حاكماً لولاية فلوريدا، لكنّه هذه المرة تفوّق على منافسه شارلي كريست بنسبة 19.4%، وهو هامش الربح الأكبر الذي يُسجّل في الولاية منذ 40 عاماً.

وخلال فترة وجوده في منصبه كحاكم لفلوريدا، سنّ ديسانتيس قوانين محافظة رفيعة المستوى لتسهيل امتلاك السلاح وتقييد تعليم الهوية الجنسية في المدارس، وتشديد قواعد التصويت في الانتخابات، والحد من عمليات الإجهاض.

ويشير استعداده لمواجهة الشركات الكبرى التي يرى أنها تقدم أجندة ليبرالية، إلى أنه يعتقد أن القضايا الثقافية الساخنة هي مصدر قلق أكبر للناخبين الجمهوريين من السياسات التقليدية المتعلقة بالأعمال التجارية.

وبدأت تلك المعركة منذ عام عندما انتقدت ديزني قانون فلوريدا الذي يقيد ما يمكن للمدرسين مناقشته في الفصول الدراسية حول الجنس والهوية الجنسية، بعد احتجاجات على القانون من موظفي ديزني.

كما يطرح ديسانتيس قضية أنه يفوز دائما، ولم يهزم في سباقات الكونغرس أو منصب حاكم فلوريدا.

وقال ديسانتيس خلال زيارته لولاية أيوا قبل أسبوعين: "يجب أن نرفض ثقافة الخسارة التي أثرت على حزبنا في السنوات الأخيرة"، مضيفا: "لقد ولى وقت الأعذار".

كان تصريحه هذا تلميحا لترامب الذي لا يزال يرفض قبول خسارته انتخابات 2020 الرئاسية، والذي ألقى كثيرون باللوم عليه في النتائج المخيبة للجمهوريين في انتخابات الكونغرس العام الماضي.

وبدأت حملة ديسانتيس تأكيد أن ترامب هو الجمهوري الوحيد "الذي يمكن أن يخسر" ضد بايدن.

ومع استمرار تقدم ترامب في استطلاعات الرأي، يبقى على ديسانتيس تحد مهم، يتمثل في إقناع بعض مؤيدي ترامب الأقل حماسا بأنه نسخة أفضل من "الترامبية الأصلية".

وتمثل أجندة ديسانتيس عامل جذب لكثير من الناخبين الجمهوريين الذين صوتوا لترامب في الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين؛ إذ يمثل لهم سياسات ترامب من دون ترامب نفسه وما يسببه من صخب وإثارة لا داعي لهما.

من هنا يدرك ترامب أن ديسانتيس خصم قوي جدا، لدرجة أنه لا يتوقف عن مهاجمته في كل مناسبة ممكنة، في وقت لم يبدأ فيه ديسانتيس حملة الهجوم على ترامب.

ويجذب ذلك الناخبات من النساء في الحزب الجمهوري والناخبين من صغار السن، إضافة إلى ساكني الضواحي المحافظين المعتدلين، خاصة بعدما اهتزت صورة ترامب بشدة بين النساء الجمهوريين بعد إدانته بجرائم جنسية قبل أسبوعين في مدينة نيويورك.

وفي إعلان بثته لجنة العمل السياسي المؤيدة له أخيراً، يمكن رؤية رجل يعلق ملصقاً عليه "ديسانتيس رئيساً" على سيارة فوق ملصق "ترامب 2016"، ما يختزل الرسالة التي يعتزم الحاكم بثها للناخبين، وهي أنه يجسد الحرس الجديد بمواجهة ترامب.

ويزعج الديمقراطيين احتمال أن يضطر بايدن، إلى مواجهة مرشح شاب، أصغر من ابنه هانتر بايدن (53 عاما).

ويفضل الديمقراطيون مواجهة ترامب الذي يصغر بايدن بعامين فقط.

ويمثل ديسانتيس كابوسا للديمقراطيين، حيث يظهر كرجل محب لعائلته ولديه زوجة جذابة و3 أطفال صغار دون العاشرة من العمر، وهو ما قد يجذب إليه نسبة أكبر من المستقلين الذين تحسم أصواتهم الولايات المتأرجحة في نهاية المطاف.

وفي حال فوز ديسانتيس، وظهوره في المناظرات الرئاسية، سيكون الفارق السني شديد الوضوح للناخبين الأمريكيين، إضافة إلى استمرار بايدن في الوقوع في أخطاء لضعف لياقته الذهنية بسبب العمر، وهو ما سيستغله ديسانتيس ويبرزه للناخبين المستقلين.

وبالنسبة للديمقراطيين، يمثل ترامب مواجهة أسهل من مواجهة ديسانتيس، إذ لا يحمل حاكم ولاية فلوريدا إرث 4 سنوات في البيت الأبيض، إضافة إلى ما يمكن لحملة بايدن استغلاله ضد ترامب، خاصة متاعبه القانونية التي لم تنته بعد.

وفي هذا السياق، يؤكد عدد من كبار مساعدي ديسانتيس، أن حاكم ولاية فلوريدا سيطلق قريبا حملة قوية في عدد من الولايات المتأرجحة تقليديا، تهدف إلى إطلاق طاقته الشبابية، حيث يهاجم فيها منافسيه الأكبر سنا: ترامب وبايدن.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

رون ديسانتيس ديسانتيس ترامب بايدن الجمهوريون الديموقراطيون انتخابات انتخابات رئاسية أمريكا

الهجوم على الخصوم.. ترامب يعود لحيلته القديمة في طريقه نحو البيت الأبيض