عودة حزب البعث الأردني يثير غضبا واسعا في الأوساط الشيعية بالعراق.. لماذا؟

الاثنين 29 مايو 2023 06:04 ص

أثار قرار السلطات الأردنية بالسماح لحزب البعث العربي الاشتراكي المحظور في العراق، بالعودة إلى العمل السياسي غضب الأحزاب الشيعية في العراق، وسط مطالبات بالاحتجاج لدى الأردن واستدعاء سفيره.

وأعلنت الهيئة المستقلة للانتخابات في الأردن، أنها أسندت منتصف الشهر، تراخيص لـ27 حزبا جديدا من بينها حزب البعث العربي الاشتراكي.

وجاءت خطوة الأردن في سياق "مسار إصلاح سياسي" بدأته المملكة، وأحد أشكاله مراجعة قانون الأحزاب.

لكن هذه الخطوة، أثارت غضب الأحزاب الشيعية الموالية لإيران، وسط تصعيد لتخوف العراقيين من مغبة عودة حزب البعث إلى الساحة السياسية من خلال التأكيد على أنه المسؤول الأول عن غزو العراق وإغراقه في دوامة الإرهاب، في خضم مساعيها المحمومة لضمان هيمنتها على السلطة وحماية مصالحها.

وتصدر حزب الدعوة الإسلامي العراقي، مع مجموعة من الشخصيات الحزبية والشيعية في البرلمان، الحملة ضد الحزب الأردني، متهمين الحكومة الأردنية بإحياء والسّماح بإحياء وترخيص حزب البعث العربي الاشتراكي الأردني، والذي اعتبره حزب الدعوة حزبا مرتبطا بحزب البعث أيام العهد القديم في زمن رئاسة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وقالت تقارير صحفية، صدرت في بغداد أن حزب الدعوة العراقي الذي يحتفظ بكتلة واسعة النفوذ تحت قبة البرلمان العراقي تحرّك بحماس في الاتجاه المُضاد لترخيص والسماح بترخيص حزب البعث الاشتراكي الأردني، الموجود أصلا في الساحة الأردنية منذ أكثر من نصف قرن، قبل إعادة إحيائه.

والأربعاء، قال المكتب السياسي للحزب في بيان له، إن "خبر إجازة الحكومة الأردنية لحزب البعث الصدامي ممارسة النشاط السياسي أثار صدمة وغضبا عارما في صفوف العراقيين"، وفق وكالة "شفق نيوز" الكردية.

وأضاف: "كان يكفي دليلا على منع هذا الحزب الفاشي من العمل تاريخه الأسود وما ترتب على وجوده في السلطة من مآس لشعوب المنطقة بسبب إذكائه للصراعات الداخلية والحروب العدوانية ومنها غزو الكويت وفتح أبواب العراق للاحتلال الأجنبي".

واعتبر أن "هذا القرار سيؤثر على الموقف الشعبي والسياسي"، لافتا إلى أنه "سيضغط بهدف مراجعة العلاقة بين العراق والأردن"، مؤكدا في الآن ذاته أنه "مع الحرص على العلاقة الأخوية المشتركة مع الدولة الجارة والشقيقة الأردن، غير أننا نجد أن هذا الفعل لا ينسجم مع مبادئ حسن الجوار ولا يحترم مشاعر الغالبية العظمى للشعب العراقي بل إنه  ينطوي على نوايا غير سليمة إزاء العراق واستقراره".

وقال إن "هذا الحزب بماضيه الدموي لن يخدم مصالح الأردنيين بل سيؤثر سلبا على علاقتهم بعدد من الدول العربية والإسلامية التي تضررت بسبب سياساته العدوانية الهوجاء".

ودعا "الحكومة الأردنية إلى إلغاء إجازة هذا الحزب ومنعه من ممارسة أي نشاط صيانة للمصالح المشتركة والتي بدأت عهدا جديدا متناميا وحرصا على التعاون والعلاقات الأخوية بين الشعبين".

وطالب الحزب وزارة الخارجية العراقية باستدعاء سفير الأردن في بغداد "للاحتجاج على هذا الإجراء غير الودي إزاء العراق".

في وقت قالت مصادر إن كتلة حزب الدعوة الإسلامي وجهت إنذارا شديدا، وطالبت بعقد اجتماعات لمُحاسبة ومُعاقبة الحكومة الأردنية على هذا القرار، باعتبارها "خطوة استفزازية وتسيء لحقوق وتاريخ الشعب العراقي".

ولم يقف الأمر عند هذا الحد عمليا، فقد دعت لجنة الشؤون الخارجية والتي تعتبر في تركيبتها موالية لحزب الدعوة إلى عقد اجتماع تشاوري لاستدعاء السفير الأردني في بغداد، وتقديم مذكرة احتجاج له على هذا القرار.

بدورها، طالبت لجنة "الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين" النيابية الخميس، وزارة الخارجية العراقية باستدعاء السفير الأردني لدى بغداد وتسليمه مذكرة احتجاج على السماح لحزب البعث بممارسة نشاطه السياسي في المملكة.

وقال رئيس اللجنة حسن سالم: "نحن لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين النيابية التي تمثل صوت الشارع والشعب وبالخصوص الشرائح المضحية التي قدمت الدماء والتضحيات من أجل الحرية والخلاص من الظلم والديكتاتورية تعلن احتجاجها واستنكارها إزاء اجازة المملكة لحزب البعث".

ودعا إلى مراجعة الاتفاقية الأمنية بين بغداد والأردن بما يتناسب مع مصالح الشعب العراقي التي يكفلها الدستور والقوانين، مطالبا بأن تتضمن تسليم المطلوبين من البعثيين المتواجدين على أرض المملكة إلى السلطات العراقية حتى تتم محاكمتهم، واصفا إياهم بـ"الإرهابيين"، مطالبا القوى والمنظمات العراقية بإصدار بيانات الاحتجاج على هذا القرار الأردني.

وحث أهالي الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين وجميع ضحايا ما أسماها "جرائم البعث والارهاب" على الخروج في مسيرات رفض واستنكار واحتجاج وإرسال رسائل احتجاج إلى السفارة الأردنية بالطرق السلمية التي كفلها الدستور والقانون لكونهم الشهداء على تلك الحقبة المظلمة.

ووفق مراقبين، فإن التصعيد العراقي يُعتقد أنه سياسيا ودبلوماسيا، يستهدف ضرب وتقليص النمو الكبير الذي حصل في العلاقات والاتصالات مؤخرا بين الأردن والعراق.

بينما يرى البعض، أن حالة الهستيريا على قرار أردني بمنح ترخيص لحزب كان موجودا منذ نحو 3 عقود في الساحة الأردنية، يعكس حالة الخوف الذي يثيره "البعث" في نفوس المنظومة العراقية الحالية، على الرغم من مرور نحو عقدين من اجتثاث الحزب.

ولم يصدر أي تعليق من جانب الحكومة أو الرئاسة العراقية.

من جانبه، رفض الأردن التصعيد العراقي، بشأن حزب البعث الاشتراكي، مشيرا إلى أن "القرار سيادي، ولا يستهدف أي جهة خارجية".

وقال الناطق الإعلامي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن محمد خير الرواشدة إن "حزب البعث العربي الاشتراكي هو حزب أردني ناشط على الساحة السياسية منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، وقد استطاع الحزب توفيق أوضاعه بموجب قانون الأحزاب النافذ".

وأوضح الرواشدة أن "بعيدا عما جرى تداوله من آراء، فإن الحزب يعمل داخل حدود المملكة الأردنية، وبرنامجه وأهدافه وشعاراته تستهدف عناوين اللحظة السياسية في البلاد"، مضيفا أنه "لا يسمح لأي حزب أردني بالعمل خارج حدود المملكة أو أن يتلقى دعما أو توجيها من الخارج".

وأكد الرواشدة أن "حزب البعث الاشتراكي مرخص كحزب أردني، ونشاطه يجب أن يلتزم بأحكام القانون وتقاليد العمل الحزبي محليا، والتي تتجسد في التعبير عن قواعده وتمثيلها".

ويقول حزب البعث الأردني عن نفسه، إن "اسم هذا الحزب، موجود ومنذ عقود طويلة في غالبية الأقطار العربية مثل سوريا، ولبنان، والسودان، وتونس، وموريتانيا"، لافتا إلى أن أنها "أحزاب قُطرية، تم تأسيسها وفق متطلبات كل قُطر، وإنه لا ضير في أنها تحمل نهجا قوميا، لكن اهتماماتها الأساسية قُطرية".

ومثل باقي الأحزاب، فإن الأحزاب الأردنية "أُسست وتمارس نشاطاتها وفق قانون الأحزاب الأردني. ويعني أن كل الأحزاب في الأردن سواء كانت تحمل فكرا أُمميا، أو إسلاميا، او قوميا، هي أحزاب قُطرية، أردنية، وأن قانون الأحزاب الأردني هو الذي يحكم، ويحدد نشاطاتها، ويمنعها من التمدد، أو التفاعل، أو التواصل مع الخارج سواء أقطاراً، أو أحزابا".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية