من صحاري دارفور إلى قصر مذهّب على ضفاف النيل.. ماذا يحمل المستقبل لحميدتي؟

الجمعة 2 يونيو 2023 05:46 ص

يصعب فهم رحلة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، من صحاري دارفور إلى قصر مذهّب على ضفاف النيل في الخرطوم، عاصمة السودان المحاصرة. كان في السابق راعي جمال ورجل أعمال صغيرا، بدأ بتعليم رسمي وتدريب عسكري. ومع ذلك، بحلول أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان أقوى قائد ميليشيا في دارفور بأكملها، المنطقة الغربية الشاسعة من البلاد، ويمتلك مفتاحًا لمستقبل السودان.

يتناول تقرير "إيكونوميست" الذي ترجمه "الخليج الجديد" مستقبل حميدتي ويشير إلى أن قواته سيئة السمعة من رعاة الإبل العرب، والمعروفة باسم الجنجويد، اتهمت بارتكاب إبادة جماعية ضد القبائل الأفريقية في المنطقة نيابة عن ديكتاتور البلاد منذ فترة طويلة، اللواء عمر البشير. على حد تعبير دبلوماسي مخضرم يراقب السودان، كان حميدتي مثل "رجل مافيا بدأ في زاوية شارع ثم استولى على المدينة".

وفي غضون عقد من الزمان، تحول الجنجويد، المعترف به رسميًا من قبل الحكومة المركزية باسم قوات الدعم السريع، إلى هيئة شبه عسكرية تضم عشرات الآلاف من القوات المجهزة جيدًا. ويضيف التقرير أن دقلو عقد صفقات مربحة مع الإمارات والسعودية وأرسل رجالًا للمساعدة في حربهم في اليمن.

ووفقا للتقرير بفضل سيطرة الدعم السريع على مناجم الذهب في السودان، أسس إمبراطورية أعمال مترامية الأطراف عبر وطنية.

وبحلول الوقت الذي أطيح فيه بالبشير بمزيج من الاحتجاجات الشعبية أعقبها انقلاب عسكري في عام 2019، ربما أصبح دقلو أقوى رجل في السودان. وقد صافحه دبلوماسيون غربيون. ويقال إن المرتزقة الروس قاموا بتسليحه؛ وعملت له شركة علاقات عامة كندية. وقد قاد نفسه بمهارة إلى منصب نائب الرئيس الفعلي في الحكومة المؤقتة التي تم تشكيلها بعد سقوط البشير.

ويضيف التقرير أنه بالرغم من أن دقلو يقاتل من أجل حياته الآن. فمنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، قاتلت قوات الدعم السريع الخاصة به الجيش النظامي، القوات المسلحة السودانية، في صراع قاتل على السلطة يهدد بتدمير الدولة المركزية.

وبالرغم من أن قوات الدعم السريع اجتاحت كثيرا من مناطق الخرطوم في الأسابيع السبعة الماضية، ولا يزال يسيطر على مناطق رئيسية مثل المطار الدولي والبنك المركزي ومصفاة النفط الرئيسية في البلاد، لكن دقلو لا يزال الأضعف.

ويرى التقرير أنه ربما ساعدت سلسلة من عمليات وقف إطلاق النار التي تمت مراقبتها بشكل متقطع بوساطة أمريكا والسعودية، قوات الأمن السريع على تعزيز موطئ قدمها في العاصمة، ما سمح لها بإعادة تسليحها ونشر قوات جديدة. لكن دقلو لديه فرصة ضئيلة لهزيمة الجيش على الفور.

وبالرغم من أن كلا الجانبين عبارة عن ائتلافات متشاكسة، فإن قوات التدخل السريع قد تكون أكثر فاعلية في القيادة. ويتوقع التقرير أنه سيتعين على دقلو ودائرة مترابطة من عائلته ورجال عشيرته أن يقرروا ما إذا كان ينبغي على قواتهم الاستسلام أو هدم العاصمة أو الفرار إلى معقلهم في دارفور، حيث يمكن أن يلحقوا المزيد من الضرر.

ويضيف التقرير أن أولوية الجيش، تحت قيادة اللواء عبدالفتاح البرهان، هي قتله أو القبض عليه وشقيقه عبدالرحيم دقلو، نائب قائد القوات شبه العسكرية. ولم يُشاهد أي من الرجلين علنًا منذ أواخر أبريل/نيسان الماضي.

برجماتي

ويقتبس التقرير وصف جيروم توبيانا، الباحث الفرنسي الذي عرف دقلو منذ أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بأنه "برجماتي". فذات مرة كان حلفاؤه الرئيسيون هم العرب المتفوقون في دارفور. يدعي هذه الأيام أنه يناضل من أجل الديمقراطية. لكن في الآونة الأخيرة، في عام 2021، انضم مع منافسه، الجنرال البرهان، الرئيس الفعلي، للإطاحة بالحكومة التي يقودها المدنيون في انقلاب.

ولكسب الدعم من الحلفاء المحتملين في الخليج يصور نفسه على أنه معارض قوي للإسلام السياسي، بالرغم من أنه كان لسنوات مشاركًا متحمسًا في نظام البشير الإسلامي.

ويشخص التقرير ضعف دقلو في أنه يفتقر إلى قاعدة شعبية أوسع. وبالرغم من جهوده الأخيرة لتصوير نفسه على أنه المنبر الأصيل للجماهير المضطهدة في السودان، فإن قوات الدعم السريع لا تزال في صميم اهتمامات الأسرة التي تركز على قبيلة الرزيقات التي ينتمي إليها دقلو.

وقد أدى سلوكها الوحشي بشكل استثنائي منذ اندلاع الحرب الأهلية في أبريل/نيسان إلى نفور المزيد من الناس. ويقول مسؤول سابق في حكومة السودان المؤقتة: "لقد فقد قلوب وعقول الناس". وإذا أُجبر السودانيون على الاختيار بين الدعم السريع والجيش، فإن معظم السودانيين سيختارون الأخير.

ويشير التقرير إلى أن أكبر مكافأة لدقلو هي المال. لقد استخدم ذهبه لشراء شبكة من الأصول الخاصة والعامة، ما مكنه من تهريب الأسلحة والوقود من ليبيا ومن دول عبر البحر الأحمر. كما تمكن دقلو من دفع تكاليف المرتزقة الذين تم تجنيدهم من القبائل العربية عبر منطقة الساحل.

ومنذ اندلاع الحرب الأهلية قيل إن مقاتلين أجانب كانوا يأتون إلى جانبه من تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى.

ويرى التقرير أنه من غير الواضح ما إذا كان بإمكان قوات الدعم السريع خوض حرب طويلة. قد يكون الدافع وراء معظم قوات دقلو هو المال والتضامن العشائري أكثر من الأيديولوجية.

وبالرغم من وقف إطلاق النار المتقطع، قد يكون القتال في معقلهم في دارفور أكثر شراسة، مع تفاقم الأزمة الإنسانية.

ووفقا لمارتن جريفيث، رئيس الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة "فإن ما يجري ثقب أسود.. لا نعرف ما الذي يحدث هناك".

ويشير التقرير إلى أن الاستياء من دقلو داخل الدعم السريع قد يبدأ في النمو، حتى بين قبيلته. ويقال إن العديد من أفراد عائلته مختبئون بأمان في الخليج. ويقول مجدي الجزولي من معهد ريفت فالي، وهو مؤسسة فكرية تعمل في جميع أنحاء المنطقة: "إنه يجعل شعبه يدفع ثمناً باهظاً للغاية مقابل طموحه"، وفي نقطة ما  سيقررون أن الأمر لا يستحق كل هذا العناء.

المصدر | إيكونوميست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السودان دقلو البرهان الإمارات

خلال أسبوعين.. الاتفاق على أول لقاء بين البرهان وحميدتي منذ بدء الصراع