ماذا عن الثقة في نزاهة الانتخابات الكويتية

بشكل عام، يبدو أن المواطنين الكويتيين لم يعدوا يشعرون بنفس مستوى الثقة السابقة في العملية الانتخابية.

هل تعتبر هذه النتائج انعكاسًا لعدم ارتياح بعض الأشخاص للنتائج الصناديق، أم هي نتيجة واقع تشير إلى حدوث انتهاكات جوهرية على نطاق واسع؟

تتعلق جودة الانتخابات بضمان الحرية والنزاهة في العملية الانتخابية ويعتبر الاهتمام بنزاهتها أمرًا هامًا لقياس ثقة الناخبين في العملية التي تنتج ممثلي الشعب.

تقلصت الثقة بنزاهة الانتخابات إذ شهدت انتخابات 2022 أعلى عدد طعون في تاريخ الانتخابات الكويتية ما قد يعني أن التشكيك بالانتخابات يزداد والثقة تقل.

من الأفضل والمفيد لزيادة الثقة والمشاركة السياسية أن تفتح السلطات الكويتية الصناديق لاستقبال اصوات الناخبين وأيضا الجهات الرقابية ووسائل الإعلام ومنها الدولية.

* * *

تجري الانتخابات في الكويت اليوم، السادس من يونيو، وهي الانتخابات البرلمانية الثالثة في البلاد خلال ثلاث سنوات! حتى لو كانت الانتخابات تتم بصورة دورية فإن هذا وحده ليس كافياً للحكم على جودتها، فالأمر يتعلق أيضًا بضمان الحرية والنزاهة في العملية الانتخابية. لذا، فإن الاهتمام بمدى نزاهة الانتخابات يعتبر أمرًا هامًا لقياس مدى ثقة الناخبين في هذه العملية التي تنتج ممثلي الشعب.

ومن أجل معرفة آراء المواطنين الكويتيين وثقتهم في انتخاباتهم التي تقدم نموذجاً مميزاً في المنطقة العربية بغض النظر عن التحديات وكثرة تكرارها وحل مجلسها، قام استطلاع الباروميتر العربي التابع لجامعة برنستون بطرح سؤال حول موافقتهم على حرية ونزاهة انتخابات مجلس الأمة في دورتيه الثالثة (2012-2014) والخامسة (2018).

في الدورة الثالثة، أعرب 86% من المستجيبين عن ثقتهم في توفر الحرية والنزاهة في الانتخابات، حيث وصف 32.4% منهم الانتخابات بأنها تميزت بحرية ونزاهة مطلقة، واعتبر 42.2% أنها كانت حرة ونزيهة مع وجود بعض المشاكل الثانوية، بينما أشار 11.4% إلى أنها كانت حرة ونزيهة مع وجود بعض المشاكل الجوهرية.

وعلى الجانب الآخر، رأى 5.7% أن الانتخابات عمومًا لم تكن حرة ونزيهة.

أما في الدورة الخامسة للاستطلاع، التي تبعت انتخابات مجلس الأمة لعام 2016، فقد تراجعت النسبة الإجمالية للمقتنعين بحرية ونزاهة الانتخابات إلى 54.3% فقط. وتنوعت آراء المشاركين حيث اعتبر 26.1% منهم أن الانتخابات كانت حرة ونزيهة، ورأى 16.7% أنها كانت حرة ونزيهة مع بعض المشاكل الجوهرية.

وزادت نسبة الذين اعتبروا أن الانتخابات لم تكن حرة ولا نزيهة إلى 11.5%. ولاحظ أيضًا ارتفاع نسبة المشاركين الذين قالوا "لا أعرف" إلى 43.7%، وهي نسبة تقريبًا ستة أضعاف مقارنة بالدورة الثالثة.

وفي الدورة السابعة من الاستطلاع لعام 2020، الذي أجراه مركز عالم الآراء ضمن الباروميتر العربي، تم استبعاد هذا السؤال لأسباب خارجة عن إرادتنا كجهة استطلاعية خاصة.

وبالنظر إلى النتائج الأخيرة في سلسلة هذا السؤال عن نزاهة الانتخابات، تثير هذه النتيجة تساؤلات حول الأسباب المحتملة، خاصةً في ضوء نتائج صناديق اقتراع مجلس الأمة لعام 2016 التي شهدت تغييرًا كبيرًا في تركيبة المجلس وعودة المعارضة بشكل كبير بعد مقاطعتها للانتخابات في 2012 و2013، بالإضافة إلى زيادة تمثيل الشباب والمرأة.

فهل تعتبر هذه النتائج انعكاسًا لعدم ارتياح بعض الأشخاص للنتائج الصناديق، أم هي نتيجة واقع تشير إلى حدوث انتهاكات جوهرية على نطاق واسع؟

ولذا فإن الثقة بنزاهة الانتخابات تقلصت مع استحضار أن الانتخابات الأخيرة في عام 2022 شهدت أعلى عدد طعون في تاريخ الانتخابات الكويتية وهو ما قد يعني بأن التشكيك بالانتخابات يزداد والثقة تقل.

بشكل عام، يبدو أن المواطنين الكويتيين لم يعدوا يشعرون بنفس مستوى الثقة السابقة في العملية الانتخابية.

ولذا، يصبح من الأفضل والمفيد لزيادة الثقة والمشاركة السياسية بأن لا تفتح السلطات الكويتية الصناديق أبوابها لاستقبال اصوات الناخبين فحسب، بل والجهات الرقابية ووسائل الإعلام بما في ذلك الجهات الدولية بما لا يخدش الخصوصية، وأيضًا أن يتم تسهيل وتشجيع استطلاع آراء الناخبين بشكل دوري حول حرية ونزاهة انتخاباتهم حتى تزيد الثقة وما سيتبعها من مشاركة والتي من المتوقع أن تقل هذه المرة عن المستوى المألوف بمشاركة الثلثان الى مشاركة ما لا يزيد عن النصف لأسباب عديدة منها قلة الثقة مع تغيرات متكررة سريعة في المجلس.

*د. سامر أبورمان كاتب وأكاديمي مختص بالإعلام والعلاقات العامة