استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«عفريت» النازية الجديد لن يصرفه أحد!

الخميس 15 يونيو 2023 03:37 ص

«عفريت» النازية الجديد لن يصرفه أحد!

الكُتاب أنفسهم الذين هللوا لغزو العراق وتوقعوا له نصًا «وشيكًا» هم الذين يقولون الشىء ذاته اليوم بخصوص أوكرانيا.

يختلف معنى «النصر الوشيك» من كاتب لآخر، وإن كان فى كل الأحوال لا يعنى استعادة أوكرانيا أراضيها بل يعنى سقوط بوتين وهزيمة جيشه.

اليوم تدافع رموز أمريكية عن القوى النازية في أوكرانيا وتؤكد أنهم «ليسوا نازيين» أصلًا بل وتزعم أن تلك مجرد «دعاية حربية روسية لا أكثر»!

اليوم، تغض أمريكا الطرف تمامًا عن النازيين والعنصريين فى صفوف قوات أوكرانيا وتنامى نفوذهم فى أوكرانيا عمومًا، أملًا فى استنزاف روسيا.

مع تنامى القوى النازية فى أوروبا وأمريكا يبدو أن «عفريتًا» جديدًا يتشكل، ولن تستطيع أوروبا ولا أمريكا أن تصرفه بعد أن يخمد رماد الحرب الدائرة الآن!

الصحف الأمريكية التى تهلل اليوم للحرب هى نفسها التى أطلقت، قبل اندلاعها، الإنذارات تحذريرا من تنامى نفوذ القوى النازية بأوكرانيا على مقربة من الحكم وفى دوائره.

* * *

تذكرنى التغطية الصحفية الأمريكية، وأحيانًا البريطانية، لحرب أوكرانيا، بقراءة الصحف نفسها إبان غزو العراق! فالكُتاب أنفسهم الذين هللوا لغزو العراق وتوقعوا له «النصر الوشيك» هم الذين يقولون الشىء ذاته اليوم بخصوص أوكرانيا.

والمراسلون الصحفيون فى العراق، الذين أُطلق عليهم «المرابطون»، أى يعيشون مع الجيش الأمريكى، كانوا ينقلون الأخبار من وجهة نظره ولا يحصلون على معلومات سوى منه.

وأوكرانيا اليوم هي التى تحدد بشكل مطلق أين يذهب المراسلون وما الذى يكتبونه بالضبط. أما معنى «النصر الوشيك» فيختلف من كاتب لآخر، وإن كان فى كل الأحوال لا يعنى استعادة أوكرانيا أراضيها وإنما يعنى سقوط بوتين وهزيمة جيشه. وهناك رفض فى أوساط النخبة الأمريكية لأى محادثات تسوية سلمية قبل تحقيق تلك الأهداف.

غير أن حرب أوكرانيا التى أنفقت عليها الولايات المتحدة حتى اليوم ما يقرب من 75 مليار دولار، حرب بالوكالة لا يجوز تشبيهها بحالة غزو واحتلال مباشر كحالة عزو العراق أو حتى أفغانستان عام 2001.

ومن خلال متابعتى للسياسة الخارجية والعسكرية الأمريكية، فإن العقل الأمريكى عند اتخاذ القرار يقوم، فى تقديرى، على القياس. أى يقيس على أحداث تاريخية. وهو اليوم، على ما يبدو، يقيس على حالة أخرى لحرب بالوكالة خاضتها أمريكا ومثلت «نصرًا»، من وجهة نظره، وهى حالة أفغانستان بعد الغزو السوفياتى لها أواخر السبعينيات.

وقتها قامت المخابرات المركزية الأمريكية بدعم «المجاهدين الأفغان» لمحاربة السوفيات فى أفغانستان. ثم إن تلك الحالة مثلت حرب استنزاف طويلة للاتحاد السوفياتى أدت فى النهاية لخروجه من أفغانستان وعجلت بانهيار الاتحاد السوفياتى، ولأنها حققت نصرًا فماذا يمنع تكرارها.

والحقيقة أن القياس يؤدى غالبًا لنتائج كارثية. ذلك لأن تشابه بعض الحالات التاريخية لا ينفى مطلقًا أن لكل منها طبيعتها وسياقها. لذلك فإن إسقاط حالة على أخرى يغض الطرف عن الأخطاء التى ارتُكبت بالأولى حتى لو مثلت نصرًا فى مجملها مما يعنى بالضرورة أخطاء مضاعفة.

ثم إن هناك قاعدة باتت معروفة فى العلاقات الدولية نطلق عليها «العواقب غير المحسوبة»، أى الأمور التى لم يأخذها صانع القرار فى حسبانه.

وإذا كان صانع القرار الأمريكى يقيس فعلًا على حرب بالوكالة في أفغانستان، فلا أبالغ إن قلت أن العالم مقدم على كارثة جديدة لم تتضح كل أبعادها. فأمريكا تكرر الأخطاء نفسها التى دفع ثمنها العالم كله.

فما لم تحسب أمريكا حسابه حين دعمت «المجاهدين الأفغان» كان أنها حين راحت تجمع الذين أرادوا الحرب من أجل أفغانستان وشكلت منهم جيشًا فدربتهم على السلاح ودفعتهم لحرب القوات السوفياتية، كانت فى الحقيقة تحضر عفريت «القاعدة» الذى سرعان ما انفجر فى وجه العالم.

واليوم، تغض الولايات المتحدة الطرف تمامًا عن القوى النازية والعنصرية فى صفوف القوات الأوكرانية وتنامى نفوذهم فى أوكرانيا عمومًا، أملًا فى استنزاف روسيا.

والولايات المتحدة كانت تعلم بوجود تلك القوى النازية والعنصرية، بل وكانت الصحف الأمريكية التى تهلل اليوم للحرب هى نفسها التى أطلقت، قبل اندلاعها، أجراس الإنذار محذرة من تنامى نفوذ تلك الجماعات في أوكرانيا وعلى مقربة من الحكم وفى دوائره.

أكثر من ذلك فإن رموزًا أمريكية تدافع اليوم عن هؤلاء وتؤكد أنهم «ليسوا نازيين» أصلًا بل وتزعم أن تلك مجرد «دعاية حربية روسية لا أكثر»!

ومع تنامى القوى النازية فى أوروبا وأمريكا معًا، يبدو أن «عفريتًا» جديدًا يتشكل، ولن تستطيع أوروبا ولا أمريكا أن تصرفه بعد أن يخمد رماد الحرب الدائرة الآن!

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

  كلمات مفتاحية

أمريكا أوروبا روسيا أوكرانيا النازية حرب أوكرانيا سقوط بوتين القوى النازية النصر الوشيك غزو العراق حرب بالوكالة العواقب غير المحسوبة