عبر سلسة موانئ.. وجود إماراتي جيوستراتيجي متطور في أفريقيا

السبت 17 يونيو 2023 08:59 م

بَنت الإمارات وجودا جيوستراتيجيا متطورا في أفريقيا بفضل استثماراتها في البنى التحتية لسلسة موانئ، بحيث يمثل كل منها عقدة تربط منطقة الخليج في القارة السمراء الغنية بالموارد الطبيعية والأسواق الاستهلاكية، بحسب إليونورا أرديماجني، باحثة أولى في "المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" (ISPI).

وأردفت إليونورا، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أن "نهج الإمارات في أفريقيا يمثل جانبا آخر من جوانب العلاقات الخليجية الآسيوية المزدهرة، وتسمح استراتيجية سلسلة الموانئ للإمارات بالوصول إلى الاقتصادات والأسواق الأفريقية، ويلعب ميناء جبل علي في دبي دور المحور الرابط بين أفريقيا وآسيا".

وأضافت أن "الإمارات أقامت في العديد من الدول الأفريقية علاقات تجارية قبل الصين، وهي الدولة الوحيدة التي تنافس بكين على الامتيازات والمشاريع، كما رسخت لاحقا في العديد من تلك الدول علاقات دفاعية وعسكرية، مما عزز نفوذها في الخارج".

وقالت إليونورا إنه "نظرا لأن شركات النقل والخدمات اللوجستية والخدمات البحرية الرئيسية التي تتخذ من الإمارات مقرا لها مملوكة للعائلات المالكة الإماراتية عبر شركات قابضة، فإن سياساتها تتداخل إلى حد كبير مع سياسات الحكومة".

وتابعت: "بينما بدأت الإمارات في الاستثمار في الموانئ الأفريقية في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإن القارة تتلاءم تماما مع السياسة الخارجية للاقتصاد التي تتبعها الدولة الخليجية والمبنية على التصدير والتجارة، لذلك تركز الإمارات على استثمارات ضخمة في التجارة واللوجستيات والبنية التحتية".

رابع أكبر مستثمر

و"في السنوات القليلة الماضية، عزز الإماراتيون وجودهم الاقتصادي في أفريقيا، وحاليا تعد الإمارات رابع أكبر مستثمر في القارة بعد الصين والدول الأوروبية والولايات المتحدة، فيما ارتفع عدد الشركات الأفريقية المسجلة لدى غرفة دبي بنسبة 15.5٪ منذ 2019 لتصل إلى  24.800 في 2021، وتمثل أفريقيا 10٪ من إيرادات (شركة) موانئ دبي العالمية اعتبارا من 2021"، بحسب إليونروا.

وزادت بأن "امتيازات الموانئ هي المحرك الأساسي لطموحات الإمارات الاقتصادية في أفريقيا، ومنذ 2006، يشَّغل الإماراتيون (عبر شركة موانئ دبي العالمية ومجموعة أبو ظبي للموانئ) 12 بنية تحتية لموانئ في أفريقيا".

وأردفت أنه" منذ 2016 وقَّع الإماراتيون صفقات لسبعة من أصل 12 بنية تحتية للموانئ، كما توجد 3 موانئ جديدة قيد الإنشاء".

ومضت إليونورا قائلة إنه "غالبا ما تقيم الإمارات علاقات عسكرية (التعاون في صناعة الدفاع، والمشتريات الدفاعية، والتعاون العسكري والتدريب)  مع الدول الأفريقية نفسها التي تدير فيها البنى التحتية التجارية البحرية، حيث يوجد تأثير غير مباشر من الاقتصاد إلى الأمن الدفاعي".

تأثير جغرافي استراتيجي

ومنذ 2022، بحسب إليونورا، "زادت مجموعة موانئ أبوظبي استثماراتها في أفريقيا، وخاصة في الساحل الغربي والبحر الأحمر، وهي لا تتحدى أسبقية موانئ دبي العالمية في هذا المجال، بل تعزز العلامة التجارية الإماراتية في تطوير البنى التحتية البحرية بالخارج، فضلا عن التأثير الجغرافي الاستراتيجي لدولة الإمارات".

وأضافت أن "الإمارات استثمرت في البنى التحتية للموانئ في الدول التي تتمتع فيها كل من الصين وروسيا أيضا بمصالح اقتصادية وأمنية متزايدة (الجزائر ومصر والسودان وجيبوتي وجنوب أفريقيا وأنجولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية الكونغو برازافيل)، وتتنافس الإمارات والصين بهدوء على الامتيازات والمشاريع في أفريقيا إلى جانب التكامل والمصالح المتبادلة".

ولفتت إلى أنه "في العديد من الدول، بدأت الإمارات في الاستثمار في البنى التحتية للموانئ قبل فترة طويلة من الصين وروسيا (في إقليم بونتلاند شرقي الصومال، ورواندا، وموزمبيق، وغينيا، والسنغال)، أو الاستثمار حيث لا ينشط الصينيون والروس (مثل إقليم أرض الصومال)، لذلك تحولت الإمارات بالفعل إلى أفريقيا قبل أن تركز القوى العالمية على استراتيجياتها أو تعيد تركيزها في القارة".

ومن الموانئ والمناطق الاقتصادية التي تديرها شركات إماراتية: الجزائر (الجزائر) والسخنة وسفاجا (مصر)،  وجيبوتي (جيبوتي) وبربرة (أرض الصومال) وبندر قاسم (بونتلاند) وكيجالي (برواندا) ومابوتو (موزمبيق) وكوماتيبورت (جنوب أفريقيا) ولواندا (أنجولا) وبوينت نوار (جمهورية الكونغو برازافيل) وكامسار (غينيا) وداكار (السنغال)، بحسب إليونورا.

واستطردت: ومن الموانئ الجديدة والمناطق الاقتصادية قيد الإنشاء أو المزمع تشييدها: ندايان (السنغال) والموز (جمهورية الكونغو الديمقراطية) وأبو عمامة (السودان)، بالإضافة إلى مشاريع قواعد عسكرية إماراتية، إذ طورت الدولة الخليجية قاعدة عسكرية في ميناء عصب بإريتريا وكذلك مشروع مطار عسكري في بربرة بأرض الصومال.

واعتبرت إليونورا أن "تلك الخيارات تشير بوضوح إلى أن الإمارات لا تهدف فقط إلى السيطرة على جزء كبير من البنى التحتية للموانئ الأفريقية، ولكن أيضا قنوات التجارة والتوزيع الخاصة بها، وبالتالي تشكيل الممرات الاقتصادية".

المصدر | إليونورا أرديماجني/ المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات أفريقيا موانئ بنية تحتية تجارة نفوذ

صفقة باكستانية إماراتية وشيكة لتشغيل محطة حاويات كراتشي

ماذا تريد الإمارات من أفريقيا؟.. تنزانيا نموذجا

عبر مجموعتي دبي وأبوظبي.. كيف تستحوذ الإمارات على موانئ العالم؟