قارب المتوسط الغارق.. تضاؤل فرص النجاة واتهامات لليونان ومصر تخرج عن صمتها (محصلة)

الأحد 18 يونيو 2023 08:33 ص

مرة أخرى عاد أخطر طريق للهجرة إلى دائرة الضوء، على أشلاء أكثر من 500 شخص فقدوا حياتهم عندما غرق قارب مزدحم بالمهاجرين الحالمين بجنة أوروبا "القاتلة"، وسط انتقادات لليونان بالتقصير في عمليات الإنقاذ ومطالبات بردع المتسببين في الكارثة، فيما خرجت مصر عن صمتها ببيان نعت فيه ضحاياها بالحادث.

القارب المخصص للصيد انقلب وغرق في وقت مبكر من صباح الأربعاء، على بعد حوالي 50 ميلاً (80 كيلومتراً) من بلدة بيلوس الساحلية بجنوب اليونان، كان يحمل على متنه ما بين 400 و750 شخصا مكدسين على متن قارب الصيد الذي يتراوح طوله ما بين 20 و30 متراً، حسب روايات شهود العيان.

وأخرجت السلطات اليونانية 104 ناجين وجثث 82 غريقا إلى الشاطئ في أعقاب الكارثة مباشرة، لكنها لم تعثر على أي شخص آخر منذ ذلك الحين، مع استمرار عمليات البحث والإنقاذ المكثفة، لكن الآمال تضاءلت في العثور على ناجين آخرين.

وأشارت السلطات إلى أن الناجين هم 47 من سوريا و43 من مصر و12 من باكستان و2 من فلسطين.

وقال جورجيوس فاسيلاكوس، طبيب الإنقاذ المتطوع في الصليب الأحمر اليوناني، إنه لم يكن من بين الناجين نساء وأطفال.

وأضاف أن الناجين أفادوا بأن "جميع النساء والأطفال كانوا معزولين في قاع القارب".

وتابع قائلا: "لهذا السبب، والأحداث المتلاحقة وانقلاب القارب الذي حدث بسرعة كبيرة، لم يتمكن الضحايا من الخروج في الوقت المناسب". ورجح أن من كانوا على متن القارب شربوا من مياه البحر لمدة يومين على الأقل قبل غرقه.

ووصل عدد من أسر المفقودين إلى مدينة كالاماتا بحثا عن ذويهم.

وقال اثنان من أقارب الشباب في مصر، إن عددا من المصريين المتواجدين في اليونان وإيطاليا، أخبروهم أن عدد المصريين الذين كانوا على متن المركب يتجاوز نحو 79 شخصا، بينهم صبية صغار وغالبيتهم من قرى محافظات الشرقية والمنوفية (دلتا النيل/شمال) وأسيوط (جنوب)، وعلموا بنجاة بعضهم، لكن مازال العشرات مفقودين.

وقال أفتاب، الذي سافر من المملكة المتحدة، إن 4 على الأقل من أقاربه من باكستان في عداد المفقودين، مؤكدا: "كان أقاربي على متن الزورق".

وانهار رجل سوري من هولندا وهو يؤكد أن زوجته وصهره في عداد المفقودين.

وقال قسام أبوزيد: "السلطات تبحث عن جثثهم في البحر.. يبحثون في المستشفيات ويبحثون بين الجثث وبين الناجين".

فيما أكد أقارب بعض الضحايا في مصر، أن مركب الموت هذا يعود إلى شخص ليبي يدعى محمد أبوسلطان، يعاونه أشقاؤه في تهريب المهاجرين عبر سواحل المتوسط من طبرق في ليبيا إلى إيطاليا.

وكشفوا أن مركبا آخر يعود لهذا المهرب الليبي، غرق الأسبوع الماضي، لكن العناية الإلهية أنقذت ركابه.

كما أشاروا إلى أن مندوبين تابعين للمهرب الليبي جمعوا كافة المهاجرين الراغبين في السفر، وتقاضوا من كل واحد منهم 140 ألف جنيه (4600 دولار).

وقال إن خط سير المهربين يبدأ بتجميع الشباب ونقلهم إلى الجانب الليبي عبر دروب معينة من خلال الوسيط المصري ليتم تسليمهم عقب وصولهم الحدود الليبية لمجموعة أبوسلطان، بعد انتزاع هواتفهم والأموال التي بحوزتهم، ثم ينقلونهم من مخزن لآخر (المخزن هو مكان يتم تسكين الشباب فيه لحين موعد تسفيره) لوضعهم لاحقا في مدينة طبرق قبل موعد السفر بيوم أو يومين.

أما بعد كل ذلك، فيطلب أبوسلطان ومعاونوه من الشباب التواصل مع أسرهم لإرسال المبالغ المطلوبة كاملة (بعد أن يكون قد تقاضى دفعة أولى)، قبل أن ينطلقوا في رحلتهم.

ومنذ غرق قارب الصيد، أصبح دور خفر السواحل يخضع لتدقيق متزايد، حيث تواجه السلطات اليونانية تساؤلات متزايدة، حول ما إذا كان يمكنها فعل المزيد لمنع انقلاب السفينة.

واعترفت السلطات اليونانية بأن خفر السواحل حاولوا ركوب القارب، في الساعات التي سبقت غرقه، لتقييم الخطر، لكنهم أكدوا أنهم لم يطلقوا عملية إنقاذ واسعة النطاق، لأن المهاجرين رفضوا المساعدة، ولم يتم تقييم القارب الذي لا يحمل علم أي دولة بأنه في خطر.

وفي وقت سابق، قال رئيس حكومة تسيير الأعمال اليونانية يوانيس سارماس إن "تحقيقا شاملا سوف يفتح بهدف الكشف عما حدث بالإضافة إلى بعض الأمور الفنية التي لها صلة بالحادث" لتحديد سبب غرق القارب.

وكان مسؤولون يونانيون قد نفوا ما جاء في سلسلة من التقارير التي تشير إلى أن القارب غرق بعد الساعة الثانية صباح الأربعاء الماضي، بسبب ربطه بحبل من قبل وحدات خفر السواحل.

وفي البداية، قال خفر السواحل إنه أبقى على "مسافة مناسبة" بينه وبين القارب، لكن صحيفة "كاثيميريني" اليونانية نقلت بعد ذلك عن أحد المصادر قوله إن أفرادا من خفر السواحل ربطوا حبلا بالقارب حتى يتمكنوا من التحقق من الظروف، بعدها قام أشخاص كانوا على متنه بفك ذلك الحبل ليواصلوا الرحلة إلى إيطاليا.

وكانت ناشطة لاجئة أول من أثار مسألة ما إذا كان حبل قد رُبط بقارب المهاجرين، بعد أن قالت إن الأشخاص الذين كانوا على متن القارب أخبروها أنهم يخشون أن يؤدي ذلك الربط إلى انقلاب القارب.

لكن منذ أن وقعت هذه المأساة، هناك نفي للتسلسل الزمني لما حدث والرواية الخاصة به.

وشدد خفر السواحل اليوناني على أنه منذ اللحظة الأولى كان على اتصال مع الطاقم، ولم تُطلب أي مساعدة، كما رفض طاقم القارب المزيد من العروض المتكررة للمساعدة.

وكانت "ألارم فون" وهي منظمة تقدم الدعم للمهاجرين في البحر، قد أرسلت رسالة بريد إلكتروني بعد ظهر الثلاثاء الماضي، تحذر فيها خفر السواحل اليوناني وغيرهم من أن ما يصل إلى 750 شخصا على متن القارب وأنهم يطلبون المساعدة العاجلة.

وقالت المنظمة، التي تدير خطا ساخنا للمهاجرين المعرضين للخطر في عرض البحر، إن من كانوا على متن السفينة أبلغوا في الساعة 15:20 بتوقيت جرينتش الثلاثاء، أن القبطان قد فر على متن قارب صغير.

وبعد 14 دقيقة، قال المهاجرون إن "القارب مكتظ ويتحرك من جانب إلى آخر".

وهذا هو الوقت الذي قال فيه خفر السواحل اليوناني إن متحدثا باللغة الإنجليزية على متن السفينة أصر على أن السفينة "ليست في خطر"، ولا تحتاج إلى مساعدة.

كما أشارت المنظمة إلى أن المهاجرين لم يرغبوا في اعتراضهم من قبل القوات اليونانية، بسبب التقارير المنتشرة عن سوء المعاملة وترحيلهم إلى بلادهم، الأمر الذي تنفيه أثينا باستمرار.

وبعيدا عن أسباب وقوع الكارثة، تم إيواء الناجين مؤقتاً في مستودع بميناء كالاماتا لتتمكن السلطات من التعرف عليهم.

وفي المرفأ الواقع جنوب غربي اليونان، وصفت إيراسميا رومانا من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الوضع بأنه "مروّع بالفعل".

وأضافت أن الناجين "في حالة نفسية سيئة للغاية.. كثير منهم في حالة صدمة ومرهقون".

من جانبه، دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي، إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد مهربي وتجار البشر.

قبل أن يعلن مسؤول بوزارة الملاحة اليونانية، أن 9 أشخاص اعتقلوا بسبب غرق السفينة، أحدهم القبطان.

وقالت السلطات إنهم يواجهون اتهامات بـ"القتل غير العمد بسبب الإهمال وتعريض الأرواح للخطر والتسبب في غرق قارب والاتجار بالبشر".

من جانبها، أعلنت مصر عبر وزارة الخارجية، أنها تتابع مع اليونان غرق مركب هجرة غير نظامية يُقل مصريين قبل يومين، قبالة سواحل البلد الأوروبي، مؤكدة أن المركب انطلق من أمام السواحل الليبية صوب أوروبا.

ونعى البيان "ببالغ الحزن والأسى ضحايا حادث غرق المركب"، موضحا أن "سفارة مصر في أثينا تتابع مع السلطات اليونانية المعنية، على مدار الساعة، عمليات البحث عن المفقودين وانتشال جثامين الضحايا، للتأكد من هوية وأعداد الضحايا من المصريين".

كما أكدت أنها "تتابع أيضاً وضع الناجين ممن تم التعرف على هويتهم لتقديم الخدمات اللازمة لهم".

وأدانت مصر وفق بيان الخارجية "استمرار قيام العصابات المنظِّمة لجرائم الهجرة غير الشرعية باستغلال حاجة البعض ممن يبحثون عن فرص أفضل للحياة والعمل"، مؤكدة أنها "اضطلعت بإجراءات حاسمة على مدار السنوات الماضية، لوضع قوانين رادعة لمواجهة جريمة الهجرة غير الشرعية".

وشددت على "اتخاذ إجراءات لضبط الحدود، تمنع خروج مهاجرين غير شرعيين عبر السواحل المصرية".

فيما تقدم البرلماني المصري كريم السادات ببيان عاجل إلى رئيس مجلس الوزراء، طالب فيه الحكومة ببيان الخطوات التي تتخذها للحد من الهجرة غير الشرعية.

كما طالب السادات حكومة بلاده بالتواصل مع السلطات اليونانية لمعرفة مصير من فقد، ومن نجا في محاولة لتهدئة قلوب أسر وذوي المصريين ممكن كانوا علي متن المركب المنكوب.

جدير بالذكر أن اليونان إحدى الطرق الرئيسية لدخول اللاجئين والمهاجرين من الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا إلى الاتحاد الأوروبي.

ورصدت الأمم المتحدة أكثر من 20 ألف حالة وفاة واختفاء في عرض البحر المتوسط ​​منذ عام 2014، ما يجعله أخطر معبر للمهاجرين في العالم.

ووفقا لبيانات نشرتها المنظمة الدولية للهجرة في وقت سابق من هذا الشهر لقي نحو 3800 حتفهم على طرق الهجرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العام الماضي، في أعلى رقم مسجل منذ عام 2017.

وتقول وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس) إن عبور المهاجرين، عبر وسط البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، قد زاد بأكثر من الضعف في العام الجاري، مقارنة بالعام الماضي.

ويُعتقد أن نحو 50 ألف شخص قد استخدموا الطريق في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، وهو أعلى رقم مسجل منذ عام 2017.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اليونان غرق قارب مصر غرق هجرة هجرة غير شرعية

"تايتنك الفقر".. مصريون يستنكرون تجاهل حكومتهم لكارثة قارب المهاجرين قبالة اليونان

بحالة تحلل.. اليونان تعلن انتشال 3 جثث جديدة من ضحايا مركب المهاجرين

اليونان مرة أخرى.. اتهامات جديدة لأثينا بعد كارثة غرق قارب المهاجرين