فوائد عديدة لتخفيف قبضة الجيش على الاقتصاد.. فهل تفعلها مصر؟

الاثنين 19 يونيو 2023 01:12 م

أدت سيطرة الجيش المصري على الاقتصاد لأكثر من 70 عاما إلى الأزمة الاقتصادية الحادة والمتفاقمة في الوقت الحالي، لكن مع شراء دول الخليج لشركات حكومية، أصبح أمام البلاد فرصة لتنفيذ الحلول، ويمكن أن يساعد تخفيف قبضة الجيش على الاقتصاد في إنقاذ الوضع، وفقا لوليد أبوهلال وهو خبير وباحث في الشؤون الاقتصادية العربية.

أبوهلال تابع، في تحليل بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE) ترجمه "الخليج الجديد"، أن "الاقتصاد المصري يعاني من مشكلات هيكلية، بدءا من الناتج المحلي الإجمالي المتواضع وغير المناسب لمثل هذه الدولة الكبيرة ذات الموارد الطبيعية والبشرية الهائلة، وكذلك دخل الفرد الذي ينخفض بسبب ارتفاع التضخم".

واعتبر أن "أكبر مشكلة تواجهها مصر حاليا هي تدهور سعر صرف عملتها مقابل الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية الأخرى، ففي عام واحد، انخفض الجنيه بأكثر من 50%، ما أدى إلى تآكل الدخل وزيادة الفقر".

وأضاف أبوهلال أنه "تم اتباع وتعزيز سياسة الخصخصة في الغرب الرأسمالي كنهج اقتصادي. وسيطرة القطاع الخاص على محاور النشاط الاقتصادي في دولة ما مسؤولة بشكل كبير عن النمو الاقتصادي الذي نلاحظه اليوم في البلدان المتقدمة".

وزاد بأن "هذا النمو يتضح في المعدل العالي للإبداع، سواء في الاختراعات أو خفض تكاليف الإنتاج أو فتح الأسواق وغيرها من المزايا التي لا تمتلكها السلطة المركزية. وبالتالي، فإن فشل الاقتصاد المصري ليس نتيجة الخصخصة، بل نتيجة سيطرة الجيش عليه".

أكثر من 70 عاما

و"يعود تدخل الجيش المصري في الاقتصاد إلى عام 1956 بعد تأميم قناة السويس التي كُلف بإدارتها، ثم بدأ ينخرط في أنشطة مثل تصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية، واليوم يدير فنادق وأماكن ترفيه ومصانع ألبان وقطاع المقاولات الكبير. وذلك النمط في الإدارة مستمرة دون تغيير منذ أكثر من 70 عاما"، بحسب أبوهلال.

وأضاف أن "الوباء العالمي (كورونا) أظهر استراتيجية البنك المركزي المصري معيبة وقصيرة النظر، حيث استمر عجز ميزان المدفوعات في التدهور، وحافظ البنك آنذاك على استقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار والعملات الرئيسية الأخرى باستخدام احتياطياته المتبقية من العملات الأجنبية لشراء الجنيه في السوق المفتوحة".

و"من يونيو/حزيران 2020 إلى مارس/آذار 2022، كان الجنيه قادرا على الاحتفاظ بسعر صرف العملة، ولكن لسوء الحظ على حساب رصيد احتياطي العملات الأجنبية المهم، وبعد استنفاد الاحتياطي، مارس البنك ضغوطا على المستوردين الأجانب من خلال طلب خطاب اعتماد وموافقة على جميع طلبات الاستيراد"، كما أضاف أبوهلال.

ومضى قائلا إن "هذا الوضع أدى إلى ضغوط على القطاع الصناعي من حيث النقص الحاد في المواد الخام وقطع الغيار، مما أدى إلى تدمير قطاع التصدير وزيادة الخلل في ميزان المدفوعات، وانفجرت الفقاعة وانخفضت قيمة الجنيه بأكثر من 50% بين مارس/آذار 2022 إلى اليوم، بسبب كل هذه الظروف السيئة والإدارة".

الحلول الممكنة

في ظل تلك الأوضاع، بحسب أبوهلال، فإن "الحكومة المصرية لديها عدد قليل جدا من الخيارات، وهذا هو سبب أنها تتطلع إلى جيرانها الأثرياء في الخليج ولاسيما السعودية، الذين أعلنوا أنهم لن يقدموا شيكات على بياض بعد الآن"، في إشارة إلى الرغبة في الاستثمار المباشر بدلا عن منح القروض والمساعدات.

وأضاف أن "دول الخليج دفعت مصر إلى قبول عرض صندوق النقد الدولي (ضمن اتفاق على قرض جديد)، وطالبت الحكومة بإجراء إصلاحات في مجالات بينها الخصخصة".

وأردف أبوهلال أن "دول الخليج مستعدة لتقديم استثمارات بمليارات الدولارات بشروط أهمها تخفيض قيمة الجنيه وتخفيف سيطرة الجيش والحكومة على الاقتصاد، وهي شروط مماثلة لتلك التي وضعها الصندوق وتباطأت الحكومة في تنفيذها بعد الموافقة على قرض بقيمة 3 مليارات دولار أوائل 2022".

وشدد على أن "مصر تتعرض حاليا لضغوط من أجل اتخاذ قرارات صعبة تثير غضب الناس الذين يعتقدون أن بيع قدرات الدولة بمثابة تنازل عن سيادتها. ومع ذلك، فإن تلك الإجراءات تقوض أيضا مصالح الجيش، الدعم الرئيس للنظام (برئاسة عبدالفتاح السيسي)".

واعتبر أبوهلال أنه "عند النظر بموضوعية، فإن بيع بعض الشركات المهمة إلى الخليج لا يتعارض بالضرورة مع مصالح عامة السكان، بل يحل مشكلة عمرها 70 عاما، لاسيما وأن إدارة القطاع الخاص الجديدة تزيد من فرص المنافسة للسلع المصرية في السوق الدولية".

وختم بأن "الميزة الرئيسية الأخيرة هي أن الحكومة لن تقلق بعد الآن بشأن منح الشركات العسكرية المصرية إعفاءات ومعاملة تفضيلية، وسيؤدي ذلك إلى تحقيق عشرات المليارات من الدولارات من العائدات من تلك الشركات ويساعد في تقليل عجز الميزانية الحكومية".

المصدر | وليد أبوهلال | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر الجيش أزمة اقتصاد خصخصة القطاع الخاص

الحكومة المصرية توافق على إلغاء الإعفاءات الممنوحة لمؤسسات الدولة في أنشطة الاستثمار

السيسي يطالب شركاء مصر في التنمية تفهم ضغوطها الاقتصادية

مأزق مصر المالي.. السيسي ينتظر معجزة لا مؤشر على حدوثها

مصر في أزمات.. 3 مقترحات لإلزام السيسي بأهداف التنمية المستدامة