استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تضارب المواقف الأوروبية من الوقود الأحفوري

الثلاثاء 27 يونيو 2023 06:06 ص

تضارب المواقف الأوروبية من الوقود الأحفوري

قطع الأوروبيون إمدادات النفط والغاز من روسيا وكانا يصلان إليهم بأسعار تقل بأكثر من 30% عن الأسعار المنافسة.

أوقع قادة الاتحاد الأوروبي بلدانهم في ورطة حقيقية تتعلق بمستقبل إمدادات الطاقة لصناعاتها ومنشآتها ومرافقها وشركاتها ومؤسساتها ومواطنيها.

رفعت أوروبا راية الحرب الشعواء ضد الوقود الأحفوري باسم مكافحة ظاهرة تغيرات المناخ جندت لها طوابير من العلماء لفرض أجندتها على الأسرة الدولية!

* * *

يوم الثلاثاء، 14 فبراير 2023، أقر البرلمان الأوروبي قانوناً يحظر فعلياً، بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل في الاتحاد الأوروبي، اعتباراً من عام 2035 «بهدف تسريع التحول إلى السيارات الكهربائية في إطار سياسة مكافحة التغير المناخي».

لذلك سوف يتعين على شركات صناعة السيارات، بحلول عام 2035، تحقيق خفض بنسبة 100% في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من السيارات الجديدة المباعة، ما يجعل من المستحيل بيع سيارات جديدة تعمل بالوقود الأحفوري في بلدان الاتحاد ال27 بعد هذا التاريخ.

في المقابل، رفضت المفوضية الأوروبية في فبراير/ شباط الماضي طلب 4 مجموعات بيئية لسحب قرارها الذي اتخذته في وقت سابق، بتصنيف الغاز الأحفوري ضمن مصادر الطاقة المستحقة للتمويل المستدام في الاتحاد الأوروبي، ومنح محطات توليد الطاقة التي تعمل بالغاز علامة «مستدامة».

إذ اعتبرت المفوضية محطات توليد الطاقة بالغاز تقنية «انتقالية»، على أن تحقق حداً صارماً لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وأن تحل محل محطات الطاقة الحالية التي تعمل بالفحم؛ ما دفع المجموعات البيئية لرفع دعوى قضائية ضد المفوضية في محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، على أساس أن التشريع يتعارض مع قانون المناخ الأوروبي، كما يهدر التزامات الاتحاد الأوروبي تجاه اتفاق باريس للمناخ.

وكما هي سردية مثل هذه المنظمات غير الحكومية، ف«الغاز لا يعتبر مصدراً مستداماً للطاقة لأنه مصدر عالي الكربون عند الاحتراق، كما أن استخراجه ونقله يؤديان أيضا إلى إطلاق غاز الميثان، وهو أحد غازات الاحتباس الحراري القوية».

ولأن مثل هذه الآراء لا تقيم وزنا لدواعي ومتطلبات التنمية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي، فقد اضطُر أصحاب الدعوى لتضمين صحيفة دعواهم، مسوغات اقتصادية تلقى هوى لدى بيروقراطيي بروكسل هذه الأيام، وتحديداً التنبيه والتحذير من مغبة أن «يؤدي استمرار اعتماد الغاز كمصدر للطاقة في الاتحاد الأوروبي، إلى تفاقم اعتماد بلدانه على الوقود الأحفوري المستورد، ما يعرضها لمزيد من الآثار السلبية لتقلب الأسعار، وأزمات الإمداد، واستمرار الاعتماد على الدول المنتجة للغاز في المستقبل.

الأمر لا يقتصر على الغاز، فقد رفعت منظمات السلام الأخضر من 8 دول أوروبية، دعوى أخرى ضد المفوضية بسبب إدراجها الطاقة النووية ضمن مصادر الطاقة المستدامة. ومع أن الطاقة النووية، على عكس الغاز، هي تقنية صفرية الكربون، إلا أن «غرينبيس» الأوروبية تعارضها بدواعي مشاكل التخلص من النفايات النووية، والسلامة والكلفة.

أيضاً، في اجتماع وزراء البيئة لمجموعة السبع الذي عقد في مدينة سابورو اليابانية منتصف شهر إبريل/ نيسان 2023، اعترض الاتحاد الأوروبي (إلى جانب أمريكا واليابان) على تحديد عام 2030 كآخر موعد لاستكمال التخلص التدريجي من محطات توليد الطاقة العاملة بالفحم.

فاليابان تبني حالياً 4 محطات لتوليد الطاقة بالفحم (3 منها قيد التشييد والرابعة في مرحلة ما قبل التشييد)، وبولندا لن تتخلص من محطات طاقة الفحم لديها قبل 2049. فضلاً عن دول أوروبية شرقية أخرى لا تستطيع مجاراة طموحات وأحلام بيروقراطية بروكسل المسكونة بلوثة المناخ.

وكما لو أن الاتحاد الأوروبي كان يبحث عن ضالته فوجدها في المثل القائل «أُسقِط في يده»، الذي صار، والحال هذه، ينطبق عليه تمام الانطباق، وهو يعضّ أصابع الندم على تصنيع وتنشئة طابور المنظمات غير الحكومية.

فقد أضحت هذه المنظمات التي تحظى برعايته باعتبارها إحدى أدوات ممارسته السياسة الخارجية، تزايد على «بروتوكولات العمل المناخي» لبروكسل. هي التي أوقعته في مصيدة التناقض الذي تؤشر إليه الأمثلة السابقة. فهو يريد – وفي ذات الوقت لا يريد - مكافحة انبعاثات غازات الكربون.

إنما، بعيداً عن مزايدات ومناكفات المنظمات غير الحكومية التي يمكن للمفوضية الأوروبية في بروكسل، في أية لحظة، أن تتحول عنها وتقمعها وتبعدها عن طريقها، فقد أوقع قادة الاتحاد الأوروبي بلدانهم في ورطة حقيقية تتعلق بمستقبل إمدادات الطاقة لصناعاتها ومنشآتها ومرافقها وشركاتها ومؤسساتها ومواطنيها.

فهم من قطعوا إمدادات النفط والغاز الروسيين اللذين كانا يصلان إلى بلدانهم بأسعار تقل بأكثر من 30% من الأسعار المنافسة. وقبل ذلك، اندفعوا لرفع راية الحرب الشعواء ضد الوقود الأحفوري، باسم مكافحة ظاهرة التغيرات المناخية التي جندوا لها طوابير من «العلماء والاختصاصيين» لفرض أجندتها على الأسرة الدولية جمعاء، وعلى أوساط العمل المناخي، بصفة خاصة. فلا غرو أن يقعوا ضحية تناقض وحرج قراراتهم، ومواقفهم من مصادر الطاقة الأحفورية.

*د. محمد الصياد كاتب اقتصادي بحريني

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

أوروبا الفحم الطاقة المواقف الأوروبية الوقود الأحفوري الاتحاد الأوروبي تغيرات المناخ الاحتباس الحراري

دراسة: أوروبا تستطيع التخلص من الوقود الأحفوري بإنفاق 2.1 تريليون دولار