باحث بريطاني: علاقات مصر وإيران لم تكن عدائية وطهران أكثر رغبة بإصلاحها

الخميس 29 يونيو 2023 01:50 م

قال الباحث هشام هليير إن العلاقات بين مصر وإيران لم تكن عدائية أو بغيضة في السنوات الأخيرة معتبرا أن طهران متحمسة لإصلاحها لعدة اعتبارات بينما يبدو موقف القاهرة باردا.

جاء ذلك في مقابلة أجراها "مركز كارنيغي للشرق الأوسط" مع هليير وهو زميل مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة الملكي المتخصّص في دراسات الدفاع والأمن في لندن

وقال الباحث إن ثمة سلسلة طويلة من العلاقات المعقّدة بين مصر وإيران، شهدت ورثة حضارتَين قديمتَين (عمرهما 8,000 و6,000 عام على التوالي) ينخرطون معًا حول قضايا مختلفة وصولًا إلى القرن العشرين. وحدث تزاوج بين العائلتَين الملكيتَين في مصر وإيران، فيما شهدتا صراعات حين لم تكن السلطات السياسية والأنظمة الملكية في كلٍّ من البلدَين هي نفسها.

وأشار إلى أن الرئيس المصري القومي العربي، جمال عبد الناصر، خاض نزاعًا مع شاه إيران الموالي للولايات المتحدة وإسرائيل، محمد رضا بهلوي.

وأردف هليير أنه في سبعينيات القرن الماضي، كانت حكومة الرئيس أنور السادات ونظام الشاه مقرّبَين من بعضهما البعض لكن في العام 1979، وقّعت مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل، ووضعت الثورة الإيرانية حدًّا لحكم الشاه في طهران، ومنحت على إثرها مصر اللجوء للشاه.

ولفت إلى أن العام 1980، شهد قطع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران، وتفاقمت هذه الأوضاع حين دعمت مصر العراق ضد إيران خلال حربهما في الثمانينيات، فيما احتفلت إيران باغتيال السادات في العام 1981.

علاقة منسية

ونوه هليير إلى أن أحداث أخرى وقعت كذلك، ولا سيما خلال مرحلة ما بعد حسني مبارك في مصر، حين عيّنت إيران سفيرًا لدى مصر، وزار الرئيس المصري آنذاك محمد مرسي طهران.

لكن الإطاحة بمرسي في العام 2013 أعادت العلاقات المصرية الإيرانية عمومًا إلى ما كانت عليه ما قبل فترة 2011-2013، أي أنها باتت شبه منعدمة، بحسب الباحث.

وأضاف: "في الآونة الأخيرة، لم تكن العلاقات قاسية أو بغيضة بين الجانبَين. وتسود في الكثير من الأحيان الفرضية القائلة: نظرًا إلى علاقات مصر الوديّة مع دول عدة في مجلس التعاون الخليجي المعادية لأهداف إيران في منطقة الخليج، من الطبيعي أن تكون علاقات القاهرة مع طهران عدائية أيضًا".

واستدرك الباحث: "لكن علاقة مصر بإيران في هذه الفترة لم تكن لا عدائية ولا وديّة، بل يبدو الأمر كما لو أن هذه العلاقة تم تجميدها ونسيانها إلى حدٍّ بعيد".

المصالحة السعودية

وقال هليير إن المصالحة بين السعودية وإيران مهّدت الطريق للمصالحة مع مصر، لأن من غير المرجّح أن تفكّر القاهرة في إعادة الدفء إلى علاقتها مع طهران إذا كانت الرياض تعارض ذلك بشدة.

واستدرك: "لكن رغبة مصر في تطبيع العلاقات مع إيران لا يمكن مقارنتها برغبتها في تجنّب حدوث خلاف كبير مع السعودية".

وذكر الباحث أن طهران من مصلحتها إقامة علاقات طبيعية مع أكبر عدد ممكن من الأطراف في الشرق الأوسط. فاقتصادها المتدهور يقتضي منها التعاون مع مزيدٍ من الشركاء التجاريين، ناهيك عن أن نظامها يواجه معارضة كبيرة، علاوة على تطبيع إسرائيل علاقاتها مع دول عربية عدة في السنوات الأخيرة.

واعتبر أن المصالحة النسبية بين إيران والسعودية ولّدت بعض الزخم في طهران، لكنها عنت أيضًا أن ما من معارضة سعودية لخطوة مصر، حتى لو أن القاهرة لم تكن مهتمة جدًّا بتولّي زمام المبادرة.

ومضى هليير قائلا: "في الواقع، حتى الآن، بدت القاهرة متحفّظة وباردة بعض الشيء حيال التقارب، لكن بعض الدبلوماسيين العرب أكّدوا، بصورة خاصة، أن الجانب المصري مهتمّ في هذا الصدد".

الموقف الأمريكي

ورأى الباحث أن الولايات المتحدة لن تبدي حماسةً كبرى إزاء التقارب. موضحا أنه من جهة، ليس لدى إيران أصدقاء في واشنطن، وهذا أمر مفهوم، نظرًا إلى سجلّها الإقليمي والمحلي. ومن جهة أخرى، تشهد واشنطن عمومًا انقسامًا بين مَن يسعى إلى احتواء إيران بشكل عدائي، وبين مَن يحاول تخفيف حجم الأضرار التي تخلّفها إيران من دون اللجوء إلى التصعيد".

واستطرد: "لستُ أدري إن كانت واشنطن ستعتبر في الواقع أن التقارب النسبي بين مصر وإيران سيغيّر فعلًا ميزان القوى بأي شكل من الأشكال. فعدم تطبيع العلاقات بين مصر وإيران لم يكن يومًا بالحدث الجلل، ولا أعتقد أن علينا افتراض أن تطبيع العلاقات بين الجانبَين سيكون حدثًا جللًا بدوره".

وقال هليير: "يفترض البعض أن مصر، نظرًا إلى ارتباطها العميق بالإسلام السنّي تاريخيًا، ناهيك عن أنها مقرّ جامع الأزهر، قد تجمعها بالضرورة علاقات سيئة مع إيران الشيعية".

واستدرك: "لكن هذا الأمر مثير للسخرية بعض الشيء، إذ إن مصر شهدت منذ أربعينيات القرن المنصرم مساعي معاصرة نحو إحداث نوعٍ من التقارب السني الشيعي.

وأشار إلى أن رجل دين إيراني أرسله إلى القاهرة آية الله حسين البروجردي، وهو شخصية شيعية إيرانية شهيرة، قام بتأسيس جمعية بارزة للحوار بين السنة والشيعة، فضلًا عن أن شيخ الأزهر أصدر في العام 1958 فتوى عن جواز التعبّد بمذهب الشيعة الإثني عشرية.

وتابع هليير: "على الرغم من أن ذلك كان مثيرًا للجدل، أيدّت قيادة الأزهر باستمرار الصداقة السنية الشيعية، التي كانت جزءًا من رسالة عمّان في العام 2005 حول الطائفية، إضافةً إلى بيانات أخرى منذ ذلك الحين. لذا، قد تحدث تطوّرات إيجابية على المستوى الثقافي".

ولفت إلى أن المصريين لن يحبذوا على المستوى الشعبي على الأرجح النهج الإيراني تجاه سوريا ونظام بشار الأسد، لكن نظرًا إلى الخطوات التي اتُّخذت في العالم العربي مؤخرًا نحو تطبيع العلاقات مع دمشق، أشكّ أن يتم التعبير عن هذا الموقف بشكل كبير.

وعلى المستوى الأمني، استبعد الباحث أن تحدث الكثير من المستجدات على المديَين القصير والمتوسط. مبينا أن "البنية الأمنية لمصر، إقليميًا، لا تعتمد على مشاركة إيران، ولا أدري كيف يُمكن أن يحدث ذلك نظرًا إلى علاقات القاهرة الأخرى".

وأضاف: "مع ذلك، ستعارض إسرائيل هذا التطور الأخير بشدة، ولا سيما أن الإسرائيليين كانوا يتطلّعون إلى تشكيل ائتلاف سنّي عربي إسرائيلي في مواجهة إيران".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

مصر إيران العلاقات المصرية الإيرانية السعودية عبدالفتاح السيسي التطبيع