استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

رغم الخلافات والانكفاء.. لن تنسحب أمريكا من الخليج!

الجمعة 30 يونيو 2023 05:36 ص

رغم الخلافات والانكفاء.. لن تنسحب أمريكا من الخليج!

رغم التباين وتراجع مكانة وأهمية هذه المنطقة لماذا لن تنسحب أمريكا من الخليج؟

لماذا لا تملك القوى الكبرى الإقليمية والدولية القدرة والامكانيات والقرار السياسي لملء الفراغ الاستراتيجي وتعويض التراجع الأمريكي؟

لن تسمح أمريكا للقوى الكبرى والإقليمية بموطئ قدم. لذلك يُستبعد انسحاب أمريكا من منطقة الخليج العربي على المدى المتوسط.

رغم انخفاض أهمية الخليجي في استراتيجيتها، لن تنسحب أمريكا من الخليج بل ستخفض عديد قواتها والتزاماتها الدفاعية والعسكرية وتحمل الأعباء على الحلفاء.

* * *

سطرت في هذه الزاوية خلال الأشهر الماضية عددا من المقالات عن الخلافات والتباين بين الحلفاء الخليجيين والولايات المتحدة الأمريكية: «أمريكا تخفض أهمية الخليج العربي لمواجهة روسيا والصين»، و«هل نشهد صعود الصين في الخليج العربي على حساب أمريكا»- بعد نجاح وساطة الصين في مصالحة السعودية وإيران وإعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما في عقر دار النفوذ الأمريكي التقليدي في مارس الماضي.

وآخر تلك المقالات قبل أسبوعين «هل تنتهي معادلة النفط الخليجي مقابل الحماية الأمريكية»، ومقال الأسبوع الماضي «لمعادلة ربحية نحتاج تفعيل العلاقات الخليجية-الأمريكية».

وأستكمل موضحاً في مقال اليوم لماذا برغم كل التباين وتراجع مكانة وأهمية منطقة الخليج لماذا لن تنسحب أمريكا من الخليج؟ ولماذا لا تملك القوى الكبرى الإقليمية والدولية القدرة والامكانيات والقرار السياسي لملء ذلك الفراغ الاستراتيجي وتعويض التراجع الأمريكي.

يتساءل الكثيرون بقلق هل ستنسحب أمريكا من المنطقة بعد سلسلة تراجعات ونكسات وهزائم وانسحابات و«تعب من الحروب»، بدأها الرئيس بوش الابن قبل عقدين من الزمن بمغامرات غير محسوبة العواقب و«حرب عالمية على الإرهاب»، وحروب استباقية قادت لهزائم في أفغانستان والعراق. وعلى طالبان والقاعدة. وفي رئاسة أوباما حرب على تنظيم داعش بقيادة 70 دولة.

نتيجة لتلك الانتكاسات شهدنا تنامي فجوة غياب ثقة الحلفاء الخليجيين والعرب بالحليف الأمريكي. بالانسحاب من العراق ما سمح لهيمنة إيران، وانسحاب فوضوي ومرتبك من أفغانستان بعد حرب دامت عشرين عاماً الأطول بتاريخ أمريكا. واستعادة طالبان نفوذها وهيمنتها على كامل أفغانستان.

سبق ذلك إعلان الرئيس باراك أوباما الاستدارة شرقا، ومفاوضات النووي السرية مع إيران دون طمأنة الحلفاء الخليجيين. وتخلي إدارة أوباما عن الحلفاء التقليديين إبان الربيع العربي في مصر وتونس. وأثار قلق الحلفاء الخليجيين استخفاف ترامب بالاعتداءات بصواريخ ومسيرات إيرانية الصنع على منشآت أرامكو في ابقيق وخريص أكبر شركة نفط في العالم.

عطّلت نصف انتاج النفط السعودي 5 ملايين برميل نفط يومياً يعادل 5% من انتاج النفط العالمي اليومي، علّق ترامب، ما حدث كان في السعودية وليس في أمريكا! خاصة لم تتصد أمريكا للعدوان ولم تهب لنجدة السعودية وتزيد عديد قواتها.

كما كاد الرئيس ترامب يورط الحلفاء الخليجيين بمواجهة عسكرية مع إيران بعد اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري في يناير 2020. ما هوى بمؤشر الثقة وجدية وعود الحليف الأمريكي بحماية ودعم الحلفاء الخليجيين كما يكرر الرؤساء والمسؤولون الأمريكيون.

استمرت إدارة بايدن على نهج تراجع مكانة وأهمية منطقة الخليج العربي، برغم ارتفاع أهمية منطقتنا بالقدرة على توفير امدادات الطاقة من نفط وغاز بسبب تداعيات حرب ورسيا على أوكرانيا ومقاطعة امدادات الطاقة.

ورغم تصعيد الحوثيين بقصفهم واستهداف السعودية والإمارات بصواريخ ومسيرات إيرانية الصنع، حذفت إدارة بايدن جماعة أنصار الله-الحوثيين من قائمة التنظيمات الإرهابية التي صنفها الرئيس ترامب في أيام رئاسته الأخيرة.

وتبعها بايدن بتصرف غير مسؤول بسحب بطاريات صواريخ دفاعية من السعودية والكويت ودول أخرى. واشتبك مع السعودية في مواجهة مفتوحة منذ بدء رئاسته شملت انتاج النفط، وحقوق الإنسان. ما عمّق فجوة التشكيك بنوايا وجدية الحليف الأمريكي بتوفير الحماية التي قامت عليها الشراكة الاستراتيجية في معادلة الحماية مقابل النفط بين الطرفين.

لكن حملة إدارة بايدن، وهو شخصياً، ومعه الكونغرس بمجلسيه في تحالف غير مسبوق، وهما قلما يتفقان على أمر، نددا ورفضا بهجوم منسق ضد مجموعة أوبك بلس بقيادة السعودية وروسيا في شهر أكتوبر 2022 بعد قرار خفض انتاج النفط مليونين برميل يومياً-وصف بايدن والبيت الأبيض القرار بقصير النظر ويأتي في وقت حرج للديمقراطيين قبل انتخابات التجديد النصفي ووعده بمراجعة العلاقة مع السعودية. ما زاد من الريبة الخليجية بالتزامات أمريكا!

ويبقى السؤال المهم، تأثير تصعيد الإدارات الأمريكية ضد الحلفاء الخليجيين على مستقبل العلاقات الخليجية-الأمريكية، والسعودية خاصة. شاركت بعدة مؤتمرات وورش عمل وسطرت مقالات بحثية عن مستقبل العلاقات الخليجية-الأمريكية على مدى عام. بما فيه المركز العربي لدراسة السياسات في قطر-في «منتدى دراسات الخليج التاسع»-والمؤتمر الحادي والثلاثين لمجلس العلاقات الأمريكية العربية الأمريكية في واشنطن وندوات عامة في جامعة الكويت وتركيا-وعن «تداعيات حرب روسيا على أوكرانيا على واقع ومستقبل العلاقات الخليجية-الأمريكية -ومنتدى الجزيرة الرابع عشر في الدوحة في نوفمبر الماضي عن «تراجع الثقة بالحليف الأمريكي والحاجة لتصحيح بوصلة العلاقات الخليجية-الأمريكية لمعادلة ربحية».

ما نشهده من مماحكات وتصعيد أمريكي يهدف لاحتواء استقلالية القرار السيادي الخليجي، خاصة السعودي. سيكون بتداعيات لا تصب في مصلحة كلا الطرفين لخدمة الأجندة والقضايا الداخلية التي بمجملها تقتصر على خدمة أولويات الناخب الأمريكي على حساب الحلفاء الخليجيين الموثوقين الذين لا يكلفون دافع الضرائب الأمريكي دولاراً واحداً، بعكس إسرائيل التي تكلف دافعي الضرائب الأمريكيين حوالي 4 مليارات دولار سنوياً.

يتمركز حوالي 30 ألف عسكري أمريكي في قواعدها العسكرية بمعداتهم الثقيلة ومقاتلاتهم في قواعد عسكرية من الكويت إلى مسقط. وخطط أمريكا الاستراتيجية البقاء لردع إيران ومنع فراغ استراتيجي يغري روسيا والصين لملئه، ولضمان أمن الطاقة للحلفاء في أوروبا وحتى للصين والدول الآسيوية، لأهميته للنمو الاقتصادي العالمي.

رغم حالة الشحن والتصعيد وتحول أمريكا لأكبر منتج للنفط في العالم وتراجع حاجتها إلى الطاقة من النفط والغار الخليجي، ورغم انخفاض أهمية ومكانة منطقة الخليج العربي في استراتيجيتها، لكن أمريكا لن تنسحب من الخليج، بل ستخفض عديد قواتها والتزاماتها الدفاعية والعسكرية وستعمد لمشاركة الحلفاء بالأعباء، دون السماح للقوى الكبرى والإقليمية بموطئ قدم. لذلك مستبعد انسحاب أمريكا من منطقة الخليج العربي على المدى المتوسط.

*د. عبد الله خليفة الشايجي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت

المصدر | الشرق

  كلمات مفتاحية

أمريكا إسرائيل الطاقة الخليج انتكاسات انكفاء الصين الفراغ الاستراتيجي تعب من الحروب القوى الكبرى النفط والغاز الخليجي انسحاب أمريكا