استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

إنكار حُجّية السنة دعوة هدّامة!

الجمعة 30 يونيو 2023 01:25 م

إنكار حُجّية السنة دعوة هدّامة

كيف تُنكر حُجّية السنة النبوية وقد أوجب الله تعالى طاعة نبيه فيما يقرب من مائة آية؟

جاءت السنة شارحة للقرآن ومفسرة له، بل ومكملة له {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}(النحل: 44)

جريمة كبرى ترتكب في الأمة أن تُروّج الدعوة لإقصاء السنة والاكتفاء بالقرآن، وينبغي التصدي لها بالحكمة والموعظة الحسنة والتوعية بأخطارها.

انبرى البعض لتزيين دعوة هدامة بلباس التقوى، ونادوا بالاقتصار على القرآن ونبذ حُجّية السنة، وزعموا أنفسهم قرآنيين من تزيينًا لمنهجهم وانتسابًا إلى القرآن.

ما جدوى الأمر بطاعة الرسول إن كان بوسعنا الاكتفاء بما جاء في القرآن؟! بل معلوم أنه كان يبين بأقواله وأعماله ما ينبغي للناس فعله من الوحي أو باجتهاد أساسه الوحي.

* * *

جاء في الحديث النبوي: (لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا)، وهو منطق بشري معروف، ينتهجه كل من أراد تزييف الحقيقة وتحسين وجه الباطل.

وعلى هذا النهج، انبرى البعض لتزيين دعوة هدامة بلباس التقوى، ونادوا بالاقتصار على القرآن ونبذ حُجّية السنة، وسموا أنفسهم بالقرآنيين من باب تحسين منهجهم والانتساب إلى القرآن. يستدلون بالآية {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}.

وهذا استدلال فاسد لا ريب، فليس معنى أن القرآن تبيان لكل شيء أنه قد أحاط بجزئيات الحوادث والوقائع وفصّل أحكامها، فالقرآن لم يتعرض لكل الجزئيات والتفاصيل، وإنما بيّنها عبر مبادئ كلية وقوانين عامة وأحاط في الجملة بكل الأصول والقواعد الضرورية كأساس لكل نظام وقانون.

فجاءت السنة شارحة للقرآن ومفسرة له، بل ومكملة له {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}، كما جاء في الحديث: (أَلا إِنِّي أُوتيت الْكتاب وَمِثْلَهُ مَعَهُ).

وكيف تُنكر حُجّية السنة النبوية وقد أوجب الله تعالى طاعة نبيه فيما يقرب من مائة آية، فمن ذلك قوله تعالى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا }، وقوله {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

فما جدوى الأمر بطاعة الرسول إن كان بوسعنا الاكتفاء بما جاء في القرآن؟! ثم إنه من المعلوم أن النبي كان يبين بأقواله وأعماله ما ينبغي للناس فعله إزاء الحوادث والوقائع، يستقيه من الوحي أو بالاجتهاد الذي يقومه الوحي، وحكم بين الناس في كثير من قضاياهم بأحكام لم يرد تفصيلها في القرآن الكريم، فكيف تستقيم هذه الحقائق مع هذه الدعوة.

احتجوا لمسلكهم بأن السنة فيها الموضوع والضعيف، وقولهم هذا حجة عليهم، فكيف علمنا بالضعيف والموضوع لولا أن السنة معصومة، كما يقول أبو إسحاق الشاطبي في "الاعتصام".

وكما أن القرآن حفظه الله بنفسه دون أن يكل مهمة حفظه للعباد، فإن سنة النبي من أقوال وأفعال عصمها الله تعالى بأن هيأ أهل العلم الذي اعتنوا بتمييز الصحيح من السقيم ونقحوا السنة من كل دخيل، وتشددوا في قبول الرواة فيما يسمى بعلم الجرح والتعديل، فكان السهو والشك في صدق الراوي كفيلًا برد روايته.

من شأن هذه الدعوة أن تُعطل معظم الأحكام الشرعية لأنها ثبتت في سنة النبي عليه الصلاة والسلام أكثر من القرآن الكريم الذي جاء كما أسلفنا بالقواعد والمبادئ العامة المجملة، وترَك التفصيل لسنة النبي .

فالصلاة على سبيل المثال لم يحدثنا القرآن الكريم عن أنها خمس صلوات في اليوم والليلة، ولا عدد ركعات كل صلاة، ولا كيفيتها وصفتها وما يقال في قيامها وركوعها وسجودها، ولم يحدد شروط الإمامة وغير ذلك من المسائل الكثيرة التي لم تُفصل إلا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد ناظر الصحابي الجليل عمران بن حصين أحد الخائضين في هذه القضية، فقال الرجل: يَا أَبَا نجيد (يعني عمران بن حصين) إِنَّكُم تحدثوننا بِأَحَادِيث لم نجد لَهَا أصلا فِي الْقُرْآن، فَغَضب عمرَان وَقَالَ للرجل: قَرَأت الْقُرْآن؟ قَالَ: نعم.

قَالَ: فَهَل وجدت فِيهِ صَلَاة الْعشَاء أَرْبعا وَوجدت الْمغرب ثَلَاثًا والغداة رَكْعَتَيْنِ وَالظّهْر أَرْبعا وَالْعصر أَرْبعا؟ قَالَ: لَا.

قَالَ: فَعَمَّن أَخَذْتُم ذَلِك، ألستم عَنَّا أخذتموه وأخذناه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ أوجدتم فِيهِ من كل أَرْبَعِينَ شَاة شَاة وَفِي كل كَذَا بَعِير كَذَا وفي كل كَذَا درهم كَذَا. قَالَ: لَا. قَالَ فَعَمن أَخَذْتُم ذَلِك؟ ألستم عَنَّا أخذتموه وأخذناه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟

وَقَالَ: أوجدتم فِي الْقُرْآن: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} أوجدتم فِيهِ فطوفوا سبعا واركعوا رَكْعَتَيْنِ خلف الْمقَام، أَو وجدْتُم فِي الْقُرْآن: لَا جلب وَلَا جنب وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام؟

أما سَمِعْتُمْ الله قَالَ فِي كِتَابه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}؟

إنها جريمة كبرى ترتكب في الأمة أن تروج الدعوة لإقصاء السنة والاكتفاء بالقرآن، وينبغي التصدي لها بالحكمة والموعظة الحسنة والتوعية بأخطارها، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

*إحسان الفقيه كاتبة وباحثة أردنية

المصدر | الشرق

  كلمات مفتاحية

القرآن السنة قرآنيين حجية السنة دعوة هدّامة عمران بن حصين أبو إسحاق الشاطبي إقصاء السنة