استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الجغرافيا السياسية تحاصر تجارة السلع

السبت 1 يوليو 2023 06:08 ص

الجغرافيا السياسية تحاصر تجارة السلع

ما دورالنفط الروسي الرخيص في إعادة ملء احتياطي النفط الاستراتيجي الأمريكي؟

ماذا لو، مع تخفيضات إنتاج أوبك+، لجأت روسيا إلى ربط سعر نفطها بالذهب بهدف مراكمة مزيد من احتياطيات الذهب في مخزونها؟

ينتظر المراقبون ما ستفعله أمريكا، هل ستطلق المزيد من النفط أو تسارع لشراء النفط لتعويض ما استنزفته من احتياطيها الاستراتيجي؟

كان البيت الأبيض يخطط أصلاً لتجديد الاحتياطيات عندما انخفضت أسعار النفط إلى أقل من 80 دولاراً؛ الآن، هو ينتظر لحين هبوطها إلى 70 دولاراً.

عندما تنتهي هذه الأزمة (والحرب) يُتوقع على نطاق واسع أن يكون الدولار الأمريكي أضعف بكثير، والرنمينبي الصيني أقوى بكثير، مدعوماً بسلّة من السلع.

الجغرافيا السياسية تحاصر تجارة السلع والخدمات والاستثمار وتربك سلاسل التوريد وقيمة المنتج النهائية وتقدم أولوية التسلح لمجموعة السبع وتضخم ميزانيات الدفاع.

إذا كان بوسع البنوك المركزية طباعة العملات الورقية بقدر ما تريد، كما يفعل الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي فإنه لا يمكنها طباعة الطاقة والغذاء والسلع.

* * *

يقول الاقتصادي الهنغاري/الأمريكي زولتان بوزار Zoltan Pozsar، الذي شغل عدة مناصب إدارية واستشارية في البيت الأبيض ووزارة الخزانة الأمريكية وفي مؤسسات مالية عالمية، آخرها رئيساً لاستراتيجية أسعار الفائدة قصيرة الأجل لبنك كريدي سويس الذي أنقذه، بالاستحواذ مؤخراً، بنك UBS الاستثماري السويسري:

إن الجغرافيا السياسية باتت تحاصر التجارة في السلع، والتجارة في الخدمات، وتحاصر الاستثمار. فتتبدى انعكاساتها، إرباكات في سلاسل التوريد، وسلاسل القيمة النهائية للمنتَج، وتصدير وتقديم أولوية التسلح لدى مجموعة السبع على بقية الأولويات الأخرى، ومضاعفة الميزانيات العسكرية، في دورة لم يشهدها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

والحال، إن هذه الأزمة ليست مثل أي شيء آخر شهدناه منذ أن فكّ الرئيس نيكسون ارتباط الدولار بالذهب في عام 1971، ووضع نهاية عصر النقود القائمة على السلع الأساسية. لذا، فإنه عندما تنتهي هذه الأزمة (والحرب)، من المتوقع على نطاق واسع أن يكون الدولار الأمريكي أضعف بكثير، والرنمينبي الصيني أقوى بكثير، مدعوماً بسلّة من السلع.

فإذا كان بوسع البنوك المركزية طباعة العملات الورقية «Fiat money» بقدر ما تريد، كما يفعل مجلس الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، فإنه لا يمكنها طباعة الطاقة والغذاء والسلع.

اليوم ليس كالأمس حين كانت الأمور واضحة لقراءة مؤشرات أداء مختلف مواد وعناصر العلاقات الاقتصادية الدولية. فأنت اليوم لا تستطيع تحليل السوق فقط كما كنت تفعل في الثلاثين سنة الماضية، عندما كانت العولمة تتسارع، وعندما كانت رؤوس الأموال تتحرك بحُريّة عبر الحدود، وعندما كان انتقال الأشخاص الطبيعيين عبر الحدود، أي انتقال العمالة، سلساً.

لنأخذ سلعة النفط كمثال. ما هو حادث حقيقة، فيما خص إرباكات الجغرافيا السياسية لتجارة السلع، النفط في هذه الحالة، هو ما يشبه السباق بين نفوط «أوبك+» واحتياطي البترول الاستراتيجي الأمريكي، وبشكل مستقل أيضاً النفط الروسي كمتغير في المعادلة، إلى جانب الذهب أيضاً.

في نوفمبر 2021، أطلق الرئيس الأمريكي جو بايدن 50 مليون برميل من النفط من احتياطي البترول الاستراتيجي. وفي مارس 2022، أطلق مليون برميل من النفط يومياً للأشهر الستة المقبلة. وفي أكتوبر 2022، أفرج أيضاً عن 15 مليون برميل. فكان أن سجل احتياطي البترول الاستراتيجي الأمريكي في نوفمبر/ديسمبر 2022، أدنى مستوى له منذ 40 عاماً، عند 400 مليون برميل.

بالمقابل تتواصل تخفيضات إنتاج «أوبك بلس» لسقف إنتاجها، مع ملاحظة توقف إطلاق أمريكا لاحتياطيها البترولي الاستراتيجي، في ذات الوقت الذي قامت فيه روسيا بإعادة توجيه صادراتها النفطية باتجاه آسيا.

هنا ينتظر المراقبون ما ستفعله أمريكا، هل ستطلق المزيد من النفط أو تسارع لشراء النفط لتعويض ما استنزفته من احتياطيها الاستراتيجي؟...كان البيت الأبيض يخطط أصلاً لتجديد الاحتياطيات عندما انخفضت أسعار النفط إلى أقل من 80 دولاراً؛ الآن، هو ينتظر لحين هبوطها إلى 70 دولاراً.

إنما هذه الأمنية الأمريكية لإعادة ملء الاحتياطيات عندما تنخفض الأسعار إلى 70 دولاراً، لا تتوافق مع السعر الذي تستهدفه «أوبك بلس»، وهو نحو 100 دولار للبرميل.

والذي يفسره مواصلة «أوبك بلس» لسياسة تقليص المعروض في السوق، كما حدث في اجتماعها الأخير (3-4 يونيو 2023) في فيينا، حين قرر وزراء التكتل، «ضبط المستوى الإجمالي لإنتاج النفط الخام للدول الأعضاء في منظمة أوبك والدول غير الأعضاء في المنظمة، إلى 40.46 مليون برميل يومياً، اعتباراً من 1 يناير 2024 حتى 31 ديسمبر 2024»، كما جاء في بيانها الختامي (يبلغ الخفض نحو 3.66 مليون برميل يومياً).

وهناك النفط الروسي الذي له دور أيضاً في إعادة ملء احتياطي النفط الاستراتيجي الأمريكي. فالخام الروسي يتم تداوله بخصم 30 دولاراً على نفط برنت، ما يساعد المشترين مثل الصين والهند وسواهما على تحقيق هوامش ربح كبيرة من خلال تحويل النفط الخام الروسي إلى وقود ديزل وبيعه بنحو 140 دولاراً للبرميل.

أمريكا اضطرت لتغيير موقفها من مستوردي النفط الروسي حتى لو زاد عن السقف الذي حددته مجموعة الدول السبع، كما ورد على لسان وزيرة الخزانة جانيت يلين. إذ يبدو أن هذه الصفقات وفرت باباً خلفياً لإعادة ملء الاحتياطي الاستراتيجي ضمن السعر المستهدف أمريكياً (أخذاً بعين الاعتبار نسبة الحسومات الروسية).

لكن ماذا – بالإضافة إلى تخفيضات إنتاج «أوبك+» - لو لجأت روسيا إلى ربط سعر نفطها بالذهب بهدف مراكمة مزيد من احتياطيات الذهب في مخزونها؟

*د. محمد الصياد كاتب اقتصادي بحريني

  كلمات مفتاحية

أوبك+ روسيا أمريكا تجارة السلع الجغرافيا السياسية النفط الروسي الخام تخفيضات إنتاج