استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

طموح الإنسان وجموحه

الأحد 2 يوليو 2023 06:20 ص

طموح الإنسان وجموحه

مع الذكاء الاصطناعي ستختفى عشرات المهن، وقد يصبح مساعدك، أو ربما صديقك، آلة تتحدث إليها بعدما قمت بنفسك ببرمجتها.

كان خبير بشركة أوشين غيت ذاتها قد حذر منذ 2018 من أن غياب التقييم الخارجى قد يُعرض الرحلات لمشكلات «كارثية»، فطردته الشركة من وظيفته.

رغم مفارقة مؤلمة لتجاهل قارب اليونان الذى راح ضحيته مهاجرون فقراء، بينما أُنفقت الملايين على إنقاذ غواصة تايتان، فإن فى قصتها ما يكشف عن نزق مخيف!

تتطور البرمجة لتتحول الآلات لوحوش تختار بنفسها العدو والصديق. وفى غياب أخلاقيات البحث العلمى وفق المعطيات الجديدة يغدو العالم مخيفًا يسعى سعيًا نحو فنائه.

«تايتان» لا تعمل كباقى الغواصات، بل تحتاج لسفينة مساعدة ترافقها وتتواصل معها كل ربع ساعة والرحلة تستغرق عشر ساعات تقريبًا، ومجهزة بأكسجين يكفى 4 أيام.

شركة «أوشين غيت» الأمريكية للأبحاث والسياحة تنظم منذ 2021 رحلات "سياحية" لزيارة حطام السفينة الشهيرة «تايتانيك» على عمق 13 ألف قدم تحت سطح المحيط الأطلسى.

* * *

حياة الأجيال القادمة ستختلف تمامًا عن حياتنا. وما يعتبر اليوم خيالًا علميًا سيكون هو الواقع بعينه. فالذكاء الاصطناعي ستختفى معه عشرات الوظائف، وقد يصبح مساعدك، أو ربما صديقك، آلة تتحدث إليها بعدما قمت بنفسك ببرمجتها.

ولأن بإمكان الإنسان برمجتها كما يريد فمن الوارد أن تتطور البرمجة لتتحول الآلات لوحوش تختار بنفسها العدو والصديق. ومن هنا، ففى غياب أخلاقيات البحث العلمى وفق المعطيات الجديدة يغدو العالم مخيفًا يسعى سعيًا نحو فنائه.

ولنا الدليل فى الغواصة السياحية «تايتان». ورغم المفارقة المؤلمة التى ينطوى عليها تجاهل قارب اليونان الذى راح ضحيته المهاجرون الفقراء، بينما أُنفقت الملايين على إنقاذ الغواصة، فإن فى قصة تلك الغواصة ما يكشف عن نزق مخيف هو الآخر.

والقصة باختصار أن شركة «أوشين غيت» الأمريكية الخاصة تخصصت فى الأبحاث والسياحة (رغم غرابة الجمع بين الاثنين!) تقوم منذ عام 2021 بتنظيم رحلات «سياحية» لزيارة حطام السفينة الشهيرة «تايتانيك» فى الأعماق، أى على بعد 13 ألف قدم تحت سطح المحيط الأطلسى.

وتكلفة الرحلة 250 ألف دولار للفرد الواحد على متن الغواصة السياحية «تايتان». لذلك، فإن «السياح» ليسوا فقط نخبة محدودة للغاية من كبار الأثرياء ممن لهم خبرة بالغوص وإنما لا مانع لديهم أيضًا من المخاطرة بحياتهم من أجل «مجد» يسجل اسمهم! فما من عاقل يقدم على رحلة كهذه إلا ويعلم أنها محفوفة بالمخاطر.

فـ«تايتان» لا تعمل كباقى الغواصات، وإنما تحتاج لسفينة مساعدة ترافقها وتتواصل معها كل ربع الساعة. والرحلة تستغرق عشر ساعات تقريبًا، ومجهزة بأكسجين يكفى لأربعة أيام.

لكن «تايتان» فقدت، هذه المرة، اتصالها بالسفينة المساعدة بعد أقل من ساعتين، فبدأت فرق الإنقاذ سباقها مع الزمن قبل نفاد الأكسجين. وحين مرت الأيام الأربعة ونفد الأكسجين، أعلنت السلطات رسميًا وفاة رواد الغواصة الخمسة، الذين كان من بينهم بالمناسبة صاحب الشركة المالكة. وقيل وقتها إن التكلفة البشرية والمادية الهائلة ستكون عائقًا أمام المزيد من البحث عن الحطام أو المفقودين.

والغواصة قامت بالرحلة نفسها من قبل، لكن فحص «تايتان» للتأكد من سلامتها كانت تجريه الشركة المالكة وحدها، والتى رفضت بإصرار أى فحص من جانب جهة خارجية مستقلة. أكثر من ذلك، كان خبير بالشركة ذاتها قد حذر منذ 2018 من أن غياب التقييم الخارجى قد يُعرض الرحلات لمشكلات «كارثية»، فطردته الشركة من وظيفته.

وهى قالت وقتها إن إجراءات الأمان المطلوبة «تتعارض مع روح الابتكار والتجريب»، بل وإن «ملاحقة جهة خارجية لكل ابتكار جديد قبل اختباره على أرض الواقع يتعارض مع التطور السريع للابتكارات».

وصاحب الشركة، وهو بين المفقودين، قال بنفسه إنك «إذا أردت أن تكون فى أمان، فلتظل فى فراشك ولا تركب سيارتك، ولا تفعل شيئًا على الإطلاق»، وأضاف أن إجراءات الأمان تمثل «إهدارًا صرفًا».

وهو ما دفع أكثر من عشرين خبيرًا لكتابة خطاب مفتوح، العام الماضى، حذروا فيه من أن منهح الشركة بخصوص الاختبارات والفحص يفتح الباب أمام كوارث بالجملة. وبالفعل، واجهت رحلة تايتان «السياحية» العام الماضى مشكلات جمة، إذ ظل الاتصال بها مفقودًا خمس ساعات كاملة، لكن ذلك لم يغير فى الأمر شيئًا.

ومثلها مثل اختراعات أخرى لاتزال فى مهدها، ستصبح تلك الرحلات «السياحية» قليلة التكلفة ومتاحة للناس بعد سنوات. لذلك، يصبح السؤال: أين يقع الخط الفاصل بين البحوث والاختبارات العلمية المفيدة، والجموح الذى يحمل فناء البشرية؟!.

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

  كلمات مفتاحية

غواصة تايتان تايتانيك قارب اليونان زيارة حطام السفينة أوشين غيت الذكاء الاصطناعي