الإخوان وإسرائيل.. حضور لافت في تطبيع العلاقات بين مصر وإيران

الاثنين 3 يوليو 2023 08:25 ص

في تحرك مستوحى من أيديولوجية الإخوان المسلمين، تهدف إيران عبر تطبيع علاقاتها مع العالم العربي، وتحديدا مع مصر هذه الأيام، إلى عزل إسرائيل وتخريب "اتفاقيات إبراهيم" التي بادرت بها الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات بين عواصم عربية وتل أبيب، بحسب د. رضا برشيزاده، وهو محلل سياسي وأمني إيراني.

وتعتبر كل من تل أبيب وطهران العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وبموجب "اتفاقيات إبراهيم" لعام 2020 أقامت إسرائيل علاقات مع كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، لتنضم الدول الأربع إلى مصر والأردن وهي الدول العربية الست من أصل 22 التي تقيم علاقات علنية مع الاحتلال الإسرائيلي.

برشيزاده رجح، في تحليل بـ"منتدى الخليج الدولي" (Gulf International Forum) ترجمه "الخليج الجديد"، أن "نوع استجابة القاهرة سيتوقف على مقدار القوة التي تمارسها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط".

وأوضح أنه "إذا كانت واشنطن مستعدة لاستعراض قوتها وممارسة نفوذها في المنطقة، فمن المرجح أن تطبع مصر العلاقات مع إيران مع الحفاظ على السلام طويل الأمد مع إسرائيل (منذ اتفاقية كامب ديفيد 1978)".

واستدرك: "لكن إذا استمر النفوذ الأمريكي في التقلص، وأصبحت الصين وروسيا الوسيطتين الرئيسيتين في الشرق الأوسط، فقد تستسلم القاهرة لضغط طهران وتمنح الحرس الثوري (الإيراني) ووكلائه نوعا من حرية العمل ضد إسرائيل التي لم يتمتعوا بها إلا لفترة وجيزة خلال عهد الإخوان المسلمين".

الإخوان المسلمون

و"تربط طهران والقاهرة علاقة متوترة منذ ثورة 1979 في إيران، بعد أن أوقفت مصر الأعمال العدائية مع إسرائيل إثر اتفاقية كامب ديفيد، التي كانت لعنة على الإسلاميين المناهضين لإسرائيل في إيران، وبعدها منح الرئيس (المصري أنور) السادات حق اللجوء لشاه إيران السابق (رضا بهلوي) ورفض تسليمه للنظام الثوري في طهران"، بحسب برشيزاده.

وأضاف أنه "على الرغم من هذين الحدثين، إلا أن التقارب الأيديولوجي والتعاون بين النظام الإسلامي في إيران ونظيره في مصر، أي جماعة الإخوان المسلمين، هو الذي شكل تهديدا وجوديا لأي حكومة مصرية في السلطة منذ منتصف القرن العشرين".

وقال برشيزاده إن "أيديولوجية الإخوان المسلمين ألهمت الحركة الخمينية في إيران، ولطالما حظي سيد قطب، أحد أكثر منظري الإخوان نفوذا، بشعبية بين الإسلاميين الإيرانيين".

وأردف: "وعلى الرغم من أن الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، لم يعترف صراحة بتأثير جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن المرشد الأعلى الحالي علي خامنئي ترجم أعمال قطب إلى الفارسية. وبحسب محسن كديور، عالم اللاهوت الإيراني البارز، فإن قطب هو الكاتب المفضل لدى خامنئي".

وتابع أن "جماعة الإخوان والنسخة الخمينية من الإسلاموية تستثمران في الأيديولوجية الشمولية للإسلاموية، التي ترى أن الإسلام أسلوب حياة شامل يجب أن يحل محل جميع أساليب الحياة الأخرى، بما في ذلك الديمقراطية الليبرالية (...) كما تشتركان في المشاعر المعادية للغرب وإسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي"، على حد تقديره.

ومنذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، تحتل إسرائيل أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود ما قبل تلك الحرب.

وزاد برشيزاده بأن "الإسلاميون الإيرانيون تعلموا الكثير من إخوانهم السنة في وقت مبكر، فلقد اتبعوا نموذج الإخوان في اختراق المؤسسات الغربية السياسية والثقافية والأكاديمية وتوجيه الرأي العام لإضفاء الشرعية على مواقفهم وكسب النفوذ في الشرق الأوسط".

وأردف: "كما علّمت جماعة الإخوان الثوار الإيرانيين كيفية حمل السلاح، فخلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، تم تدريب العديد من الإسلاميين واليساريين الإيرانيين في معسكرات بمصر وسوريا تحت رعاية ضباط جيش متعاطفين مع جماعة الإخوان، ثم انتقلوا إلى لبنان لتأسيس حركة أمل الشيعية، لتحفيز اللبنانيين ضد إسرائيل والغرب. وهؤلاء المقاتلون الإيرانيون المتشددون هم مَن أطاحوا لاحقا بنظام الشاه في إيران وأحلوا محله نظام إسلامي".

عهد مرسي

و"بعد الثورة الإسلامية وأثناء الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)، ساعدت جماعة الإخوان النظام الإيراني في التهرب من العقوبات الدولية. وكما اعترف يوسف ندا، المعروف باسم "وزير خارجية" الجماعة، في مذكراته، فقد ساعد الإخوان إيران في استيراد الصلب والحبوب خلال الحرب"، وفقا لبرشيزاده.

وأضاف أن "الإخوان والنظام الإيراني حافظا على علاقات ودية طوال عهد (الرئيس المصري حسني) مبارك (1981-2011). وعندما تمت الإطاحة بمبارك من السلطة، وأصبح محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، رئيسا لمصر في 2012، قفز آيات الله في طهران من الفرح ووصفوا صعود الإخوان إلى السلطة بأنه "صحوة إسلامية"، وتواصلوا مع حكومة مرسي، وسعوا إلى تطبيع العلاقات مع مصر بعد ثلاثة عقود من التجميد الدبلوماسي".

وتابع برشيزاده : "ذهب مرسي إلى طهران في أغسطس/ آب 2012 لحضور قمة دول حركة عدم الانحياز، ورد الرئيس (الإيراني) أحمدي نجاد بالمثل بحضور قمة منظمة التعاون الإسلامي بالقاهرة في فبراير/ شباط 2013".

وزاد بأنه "اعتمادا على أجندة وخطابات الإخوان المناهضة لإسرائيل، كانت طهران تأمل في فتح جبهة جديدة ضد إسرائيل في الجنوب، لكن بينما كان مرسي يحاول بحذر السير على خط رفيع بين إيران والعالم العربي وأراد إبقاء خياراته مفتوحة للمستقبل، لم تتحقق رغبات طهران بالكامل".

و"خلال رئاسة مرسي (2012-2013)، زاد عملاء فيلق القدس (الذراع الخارجية للحرس الثوري) بشكل كبير من أنشطتهم في مصر، واستفادوا من الاضطرابات التي أعقبت الثورة، ونقلوا أسلحة دون قيود إلى (حركتي المقاومة الإسلامية) حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة عبر سيناء"، وفقا لبرشيزاده.

واستطرد: "فيما بعد عارضت طهران بشدة الإطاحة بمرسي (في 3 يوليو/ تموز 2013)، وخلال محاكمته، اتُهم مرسي و35 من أعضاء جماعة الإخوان، بين أمور أخرى، بنقل أسرار الدولة إلى النظام الإيراني والتعاون مع الحرس الثوري وحزب الله وحماس لارتكاب أعمال إرهابية".

المصدر | رضا برشيزاده/ منتدى الخليج الدولي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر إيران تطبيع إسرائيل الإخوان المسلمون اتفاقيات إبراهيم

مستشار خامنئي: استئناف العلاقات مع مصر سيضفي توازنا جديدا على المنطقة

تحليل: التطبيع المصري الإيراني صفقة إذابة الجليد القادمة في الشرق الأوسط

ما هي عواقب التطبيع المحتمل بين مصر وإيران على الخليج؟

معهد إسرائيلي يوصى بقبول التطبيع المصري الإيراني وضمان موافقته لمصالح تل أبيب   

بين الصمت والتكهن.. مصالحة مصرية إيرانية مرتقبة