العقوبات لا تكفي لإخراج فاجنر من مالي.. فماذا تفعل واشنطن؟

الثلاثاء 4 يوليو 2023 01:14 م

من غير المرجح أن تجبر العقوبات الأمريكية ولا الملاحقات الأوروبية مجموعة فاجنر المسلحة الروسية،  بقيادة يفغيني بريغوجين، على الخروج من دولة مالي، على الرغم مما تتعرض له المجموعة منذ محاولتها الفاشلة للتمرد في روسيا، بحسب أليكس ثورستون الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة سينسيناتي في الولايات المتحدة.

واحتجاجا على سوء إدارة الكرملين لحرب روسيا في جارتها أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022، بحسب بريغوجين، احتلت قوات من فاجنر في 24 يونيو/ حزيران الماضي، مدينتين جنوبي روسيا على مسار زحفها نحو العاصمة موسكو، قبل أن تتراجع بعد 24 ساعة "حقنا للدماء"، وفقا لصفقة توسط فيها رئيس بيلاروسيا ألكساندر لوكاشينكو.

وقال ثورستون، في تحليل بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft) ترجمه "الخليج الجديد"، إنه في أعقاب التمرد المُجهض، إن نهاية مهمة بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام (مينوسما)، التي استمرت 20 عامًا في مالي، "ستمنح فاجنر حرية أكبر هناك، بما فيها ارتكاب مجازر، لاسيما وأن  الدافع وراء قرار السلطات المالية طرد قوات البعثة هو تقريرها مؤخرا عن قتل جماعي في بلدة مورا العام الماضي".

وتابع: "إذا، لم تغير الاضطرابات في روسيا وأوكرانيا مسار فاجنر في مالي، وإذا كان الأمر يتعلق بخيار ثنائي بين موسكو وفاجنر، فمن المرجح أن تنحاز سلطات مالي إلى الأولى، لكن حتى الآن يبدو أن جميع الأطراف حريصة على تجنب هذا النوع من المعضلة".

وبعد إلحاح من باماكو بزعم فشل البعثة الأممية، أنهى مجلس الأمن الدولي، في 30 يونيو/ حزيران الماضي، مهمة بعثة حفظ السلام في مالي، ليغرق في المجهول بلد ما زال عرضة لاضطرابات مسلحة.

وأردف ثورستون: "بدأت كل من فرنسا وألمانيا في التحول منذ العام الماضي نحو شراكات أكبر مع البلدان المجاورة لمالي، ولا سيما النيجر. كما  تركز الولايات المتحدة على حماية الساحل الغربي لغرب أفريقيا من عدم الاستقرار أكثر من التركيز على حل الأزمات في منطقة الساحل".

خيارات واشنطن

و"يبدو أن مالي مستعدة لترسيخ وضعها كدولة منبوذة، إذ يعزز الاستفتاء الدستوري الذي تم إقراره مؤخرا سلطات الرئاسة ويظهر سيطرة المجلس العسكري المشددة على الفضاء السياسي، وقد حصل التصويت بـ"نعم" على 97% من الأصوات، وهي نسبة مساوية لنتائج الانتخابات في أكثر الأنظمة الاستبدادية وقاحة في العالم"، وفقا لثورستون.

وأضاف أنه "من المحتمل ألا يتم التصويت على الاستفتاء في منطقة كيدال الشمالية الشرقية، وهي معقل لحركات التمرد المتكررة، ووسط تدهور العلاقات بين كيدال والمجلس العسكري في باماكو، ربما يتجدد التمرد قريبا".

وأردف أن "القوى الغربية، وبينها الولايات المتحدة، تمتلك في مالي نفوذا ومصداقية محدودة، وتكمن أفضل الخيارات الأمريكية في تشجيع السلطات المالية على عدم إثارة تمرد متجدد في الجزء الشمالي من البلاد، وتشجيع المتمردين السابقين على وقف التصعيد".

ومن الخيارات أيضا، بحسب ثورستون، "حث السلطات المالية بهدوء على إتباع مسار تصعيد مع المسلحين الإسلاميين"، معتبرا أن "تمردا آخر في الشمال (بعد تمردات أعوام 1990 و2006 و2012) سيكون بمثابة كارثة للبلد الذي مزقته النزاعات بالفعل، ويبدو أن الحكومة التي يقودها الجيش واثقة جدا من قدرتها على الرد على أي تمرد جديد".

واعتبر أن "احتمالات تحقيق السلام مع الإسلاميين ضئيلة، ولكن كانت هناك إشارات قوية مؤخرا على أنهم قد يفكرون في إجراء حوار على المستوى الوطني في ظل ظروف معينة".

عقبة فاجنر

ووفقا لثورستون فإن "وجود فاغنر، الذي كرهته واشنطن والمتمردون السابقون في الشمال والإسلاميون على حد سواء، يلوح في الأفق كعقبة أمام كل أهداف بناء السلام".

وزاد بأن "المجلس العسكري، الذي يبدو كيانا له مصلحة ذاتية، يفهم جيدا أن لديه مجالا واسعا للمناورة، على الأقل في العاصمة، طالما أنه يتحكم في عدد قليل من أدوات القمع والمحسوبية".

وأردف أن "المجلس العسكري استخدم وجود فاجنر لتعميق أرباحه من تعدين الذهب في البلاد، مع إثراء مجموعة من الوسطاء الماليين والسعي إلى الحفاظ على وجود فاجنر أكثر سرية مما هو عليه في جمهورية أفريقيا الوسطى".

وقال ثورستون إنه "وسط الجهود الغربية لاحتواء مالي، يوجد اهتمام أمريكي وأوروبي متزايد بقطع التمويل عن فاجنر في أفريقيا، ففي 27 يونيو/ حزيران الماضي، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أربع شركات ذهب ومواطن روسي بتهمة تسهيل عمليات فاجنر في أفريقيا".

وأوضح أن "المواطن الروسي متهم بالعمل عن كثب مع بريغوجين وكبار المسؤولين الحكوميين في مالي بشأن صفقات الأسلحة والتعدين وأنشطة فاجنر الأخرى في البلاد".

وأردف أنه "في 13 من الشهر نفسه، استجوبت السلطات الفرنسية لفترة وجيزة وزيرا سابقا من مالي وشريكا مقربا لكل من المجلس العسكري وفاجنر، بعد أن وردت معلومة عن أنه كان يحمل مبلغا ماليا كبيرا باليورو"

"لكن لا يبدو أن العقوبات ولا التدقيق في تحركات النخب المالية قد أثرت على الحقائق على الأرض في مالي، ويبدو أنه من غير المرجح أن تدفع العقوبات فاجنر إلى الخروج من البلاد، وسيتعين على واشنطن أن تفكر في ما إذا ستتعامل خلال الفترة المقبلة مع الحكومة التي يهيمن عليها الجيش وكيف ستتعامل معها"، بحسب ثورستون.

المصدر | أليكس ثورستون/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمه وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا فاجنر مالي المجلس العسكري الولايات المتحدة الغرب

العثور على ذهب و"رؤوس مقطوعة" بمنزل زعيم فاجنر

قد يستغرق عاما.. بوتين لا يزال يكافح للسيطرة الكاملة على فاجنر

جماعة معارضة تسقط طائرة شحن تابعة لقوات فاغنر الروسية في مالي