استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

القوى العظمى والتجارة الحرة

الخميس 6 يوليو 2023 03:07 ص

القوى العظمى والتجارة الحرة

ما مستقبل التجارة في بيئة صعبة؟ هل يشير الارتفاع الأخير في الحمائية إلى نهاية النظام التجاري المفتوح والقائم على القواعد والذي عزز العولمة؟

التجارة محرك مهم للنمو. نظام التجارة القائم على القواعد ساهم كثيرا في التجارة والنمو بمناطق كثيرة من العالم، لاسيما في أوروبا وشرق آسيا.

في أكتوبر 2022، تم طرح قيود أمريكية جديدة تحد من حصول الصين على أشباه الموصلات المتقدمة والتقنية اللازمة لصنعها لإعاقة قدرتها على الذكاء الاصطناعي.

مؤخرا نشرت أمريكا عقوبات وقوائم سوداء وضوابط تصدير واستيراد وقيود استثمار وحظر تأشيرات وقواعد معاملات تكنولوجيا، فيما وصف بـ«القومية الأمريكية التقنية».

بالنسبة للاقتصادات النامية، يُرجح فرض الفصل التكنولوجي الاختيار بين معسكر أو آخر حيث وجدت الدول التي تتعرض لضغوط أمريكا لقطع العلاقات بشركة التكنولوجيا الصينية هواوي.

* * *

شهد الاقتصاد العالمي، بعد الحرب العالمية الثانية، نمواً غير مسبوق في التجارة العالمية والدخل. يعزى النمو إلى التالي: انخفاض حاد في كلفات المعلومات والاتصالات، والتغير التكنولوجي الذي يسمح بزيادة تجزئة الإنتاج، والتطورات السياسية مثل اندماج أوروبا الشرقية وشرق آسيا في الأسواق العالمية، والتعاون الدولي.

ليس هناك شك في أن نظام التجارة القائم على القواعد قد ساهم بشكل كبير في التجارة والنمو في مناطق كثيرة من العالم، لاسيما في أوروبا وشرق آسيا. ولكنّ بلداناً عديدة لم تشارك في النمو لاسيما في إفريقيا وأمريكا اللاتينية. كما أن مكاسب العولمة لم يتم تقاسمها بالتساوي بين الذين يعيشون في البلدان التي استفادت من التجارة.

ومن المفارقات، أن الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيس مؤسسات بريتون وودز متعددة الأطراف، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ونظام التجارة «الجات»، تأتي في وقت تواجه فيه منافع التعددية، تحديات وشكوكاً حول أداء نظام التجارة الحالي، والسؤال:

ما هو مستقبل التجارة في هذه البيئة الصعبة؟ هل يشير الارتفاع الأخير في الحمائية إلى نهاية النظام التجاري المفتوح والقائم على القواعد والذي عزز العولمة؟

تفيدنا أدبيات التجارة في ظل العولمة، بأن التجارة محرك مهم للنمو. تتجاوز فوائد النظام المفتوح والقائم على القواعد متعددة الأطراف والتعريفات المنخفضة والحواجز التجارية الأخرى. تقلل القواعد من عدم اليقين، وتشجع الاستثمار الذي تشتد الحاجة إليه في الاقتصادات النامية.

إن القوى العظمى التي بنت نظام التجارة الحرة، لديها أولويات أخرى. وهذا يضع معظم اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية في موقف صعب. تعمل الولايات المتحدة والصين على تغيير النظام، وتجعل الدول الأخرى تختار جانباً في تنافس جيوستراتيجي متزايد.

قد تكون أفضل استراتيجية للدول الأخرى هي عدم الانحياز، ليس فقط لحماية مصالحها الخاصة، ولكن أيضاً لتقييد القوى العظمى، وقد تم التأكيد على أهمية حماية نظام تجاري متعدد الأطراف ومفتوح وشامل في تقرير حديث لمنظمة التجارة العالمية، والذي يؤكد أن التجارة المفتوحة هي أفضل طريقة للتخفيف من المخاطر.

ويشير التقرير إلى أنه رغم حرب أوكرانيا، فقد استمرت التجارة العالمية في الزيادة في عام 2022، كما في التجارة في سلاسل التوريد العالمية، وعلى الرغم من أن الخبراء توقّعوا في البداية أن الحرب ستؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتجويع الملايين، فقد استقرت في الواقع الأسعار في الأسواق العالمية.

المشكلة هي أن القوى العظمى تبتعد عن نظام التجارة الحرة الذي أنشأته، إذ يتم إعادة ترتيب أولوياتهم من خلال المخاوف الأمنية العالمية، وشحذ المطالب السياسية والاقتصادية المحلية. وبالنسبة إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية، يتم إعادة تشكيل نظام التجارة العالمي بشكل متزايد من خلال هذه الأولويات.

ومنذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، انتشر النقد المتزايد للعولمة والتجارة المفتوحة عبر البلدان الصناعية، ما أدى إلى استقطاب السياسات داخلها. واستناداً إلى الرأي القائل بأن التجارة تقوّض التماسك الاجتماعي، تم الاستيلاء على المشاعر المناهضة للتجارة وتسريعها من قِبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما فرض رسوماً جمركية على أقرب الحلفاء والشركاء التجاريين لبلاده، بما في ذلك كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، موضحاً الحاجة إلى حماية الأمن القومي والوظائف والتصنيع في الولايات المتحدة الأمريكية.

إن الاقتصادات النامية، التي شكلت استراتيجياتها الاقتصادية، من خلال وعود بالوصول إلى الأسواق، تُخاطر بالاستبعاد من الأسواق. ويمكن أن يُشار إلى السباق بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية بشكل كامل، لتولّي زمام القيادة في مجال التكنولوجيا.

في عام 2015، أطلقت الصين «صنع في الصين 2025»، وهي خطة مدتها 10 سنوات للتطوير السريع لصناعة التكنولوجيا لديها من خلال الإعانات والشركات المملوكة للدولة.

وفي الآونة الأخيرة، نشرت الولايات المتحدة عقوبات وقوائم سوداء وضوابط التصدير والاستيراد وقيود الاستثمار وحظر التأشيرات وقواعد معاملات التكنولوجيا، في ما وصف بأنه «القومية الأمريكية التقنية».

وفي أكتوبر 2022، تم طرح قيود جديدة تحد من قدرة الصين على الحصول على أشباه الموصلات المتقدمة والتكنولوجيا اللازمة لصنعها، لإعاقة قدرتها على الذكاء الاصطناعي.

أما بالنسبة إلى الاقتصادات النامية، فمن المرجح أن يفرض احتمال الفصل التكنولوجي الاختيار بين معسكر أو آخر، حيث وجدت الدول التي تتعرض لضغوط من الولايات المتحدة لقطع العلاقات مع الشركة المصنعة للتكنولوجيا الصينية هواوي بالفعل.

*د. علي توفيق الصادق خبير اقتصادي ومستشار مالي

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

الصين أمريكا العولمة الحمائية التجارة الحرة القوى العظمى القومية الأمريكية التقنية الذكاء الاصطناعي حرب أوكرانيا منظمة التجارة العالمية النظام التجاري المفتوح