انفتاح إيطاليا على حفتر.. مكافآت قليلة ومخاطر استراتيجية كبيرة

الأحد 9 يوليو 2023 05:25 م

على إيطاليا الحذر من انخراطها الراهن مع قائد قوات الشرق الليبي اللواء المتقاعد خليفة حفتر، فالتعامل معه ربما يحقق لروما مكافآت قليلة، لكنه يفتح الباب أمام مخاطر استراتيجية كبيرة، وفقا للباحثة فيديريكا فاسانوتي وزميلها أنس القوماتي في تحليل بـ"المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" (ISPI).

ولفتت فيديريكا والقوماتي، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إلى اجتماع رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني مع حفتر في روما، يوم 5 مايو/ أيار الماضي، بحضور وزراء الخارجية أنطونيو تاجاني والدفاع جويدو كروسيتو والداخلية ماتيو بيانتيدوسي.

وحذرا من أن "مشاركة إيطاليا (المستعمر السابق لليبيا الغنية بالنفط) مع حفتر لا تقدم سوى القليل من المكافآت الملموسة وتفتح الباب أمام مخاطر استراتيجية كبيرة، ولمعالجة هذه المخاطر يجب على ميلوني إعادة تقييم نهج روما  في التعامل مع تعقيدات ليبيا وتداعياتها".

وتابعا أنه "في حين أن مشاركة إيطاليا الشاملة مع جميع الأطراف في ليبيا جديرة بالثناء، فمن الضروري الاعتراف بأن الجيش الوطني التابع لحفتر ليس جيشا نظاميا ولا كيانا واحدا داخل الصراع الليبي، بل شبكة غير رسمية من الجماعات المسلحة".

وأردفا أن "هذا التمييز مهم لأن جيش حفتر يعمل تحت تأثير وسيطرة الداعمين الخارجيين؛ مما يعيق قدرته على المشاركة بشكل مثمر في المناقشات الأمنية الثنائية مع المجتمع الدولي أو اكتساب الشرعية بين الليبيين".

و"يتطلب الجيش الوطني الليبي إصلاحا هيكليا عاجلا لتحويله من شبكة غير رسمية من الميليشيات والمرتزقة والمتاجرين بالمهاجرين إلى جيش مؤسسي محايد يخدم الدولة ويعمل مع شركائها"، بحسب فيديريكا والقوماتي.

وقالا إن "المسار العسكري (لجنة 5+ 5) للأمم المتحدة، والذي يتضمن شبكة المليشيات المتنافسة في غرب ليبيا، والتي تتطلب أيضا إصلاحا عاجلا، يمثل خيارا جيدا، لكنه يتطلب مساعدة إيطالية ودولية لضمان إنشاء مؤسسة أمنية فاعلة".

وشددا على أنه "يجب تحفيز حفتر وخصومه السياسيين في جميع المجالات لإجراء مثل هذه الإصلاحات الهيكلية ليكونوا مؤهلين للترشح للانتخابات أو لشغل مناصب سياسية في المستقبل".

ومنذ مطلع العام الماضي، تتصارع على السلطة في ليبيا حكومتان إحداهما كلفها مجلس النواب (شرق) والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة، وهي حكومة الوحدة الوطنية في العاصمة طرابلس (غرب).

ولمعالجة هذه الأزمة ترعى الأمم المتحدة تحركات ليبية للتوافق بشأن القوانين اللازمة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية يأمل الليبيون أن تنهي الصراعات المسلحة والنزاعات السياسية والفترات الانتقالية المتواصلة منذ الإطاحة بنظام حكم معمر القذافي (1969-2011).

نهج دقيق متوازن

"فقط من خلال البحث عن هيكل مؤسسي وتسوية في ليبيا، يمكن لإيطاليا أن تأمل في تعزيز الاستقرار ومكافحة الاتجار بالبشر (ضمن عملية الهجرة غير النظامية إلى دول أوروبية بينها إيطاليا) وحماية مصالحها في مجال الطاقة على المدى الطويل"، وفقا لفيديريكا والقوماتي.

وأضافا أن "المصالح الإيطالية متعددة الأوجه في ليبيا تتطلب نهجا دقيقا يوازن بين الاهتمامات الفورية والأهداف الاستراتيجية طويلة المدى، ففي حين قد يبدو حفتر منقذا لإيطاليا على المدى القصير، فقد كان العامل المحفز لمشاكلها طويلة المدى، مثقلا بتحالفه مع القوى الخارجية التي تحد من قوته، ولاسيما روسيا والإمارات".

واعتبرا أن "تحالف حفتر مع روسيا، والسيطرة على شبكات الاتجار بالبشر، والتأثير على إمدادات النفط الليبية، تمثل مخاطر على مكانة إيطاليا داخل (حلف شمال الأطلسي) الناتو وأوروبا، وتزيد من حدة أزمة الهجرة، وتهدد أمن الطاقة بالنسبة لروما، ولذا على إيطاليا أن تظل يقظة، وأن تضمن ألا تطغى الضغوط الفورية على أهدافها الاستراتيجية الأوسع".

وشددا على أنه "من الضروري أن ننظر إلى ما هو أبعد من حقيقة واجهة الرجل القوي لحفتر، التي تخفي حقيقة ضعفه، فهو ترس في الآلية المعقدة لشبكة مرتزقة أجنبية، ومن خلال العمل خارج أي هيكل حكومي شرعي، فإن حفتر وعصابته من المرتزقة غير قادرين على أداء دور مزود أمن يمكن الاعتماد عليه لليبيا أو العمل كمحاور موثوق لإيطاليا على المدى الطويل".

ويمكن لإيطاليا، بحسب فيديريكا والقوماتي، "الاستفادة من علاقاتها داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي لدعم العمليات السياسية للأمم المتحدة في ليبيا، من خلال تبني نهج جماعي، يمكن إيطاليا من تقليل تعرضها للضغط الأحادي من قبل الفصائل الليبية الانتهازية".

تسوية سياسية شاملة

و"من الأهمية بمكان إعطاء الأولوية للإصلاح الهيكلي وإرساء أساس متين للأمن في ليبيا والمشاركة الثنائية، بدلا من الانخراط مع الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل حفتر خارج مثل هذه العملية"، وفقا لفيديريكا والقوماتي.

واعتبرا أن "هذا النهج سيسهم في الاستقرار على المدى الطويل ويضمن أن مشاركة إيطاليا في ليبيا تتماشى مع احتياجاتها الخاصة والجهود الدولية الأوسع".

وتابعا: "يجب على إيطاليا أن تتعامل مع تعقيدات ليبيا مع حماية أهدافها الاستراتيجية، ومواجهة النفوذ الروسي، وإدارة الهجرة بفعالية، وتأمين مصالحها في مجال الطاقة على المدى الطويل، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تسوية سياسية ومؤسسية شاملة تعزز الاستقرار وتكافح الاتجار بالبشر وتحمي مصالح إيطاليا في المنطقة".

المصدر | فيديريكا فاسانوتي وأنس القوماتي/ المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ليبيا إيطاليا حفتر هجرة طاقة ميلوني

تقرير أممي: حفتر يطرد 20 ألف ساكن في بنغازي من منازلهم