أردوغان في زيارة للخليج.. تعزيز للعلاقات وبحث عن الاستثمارات

الأحد 16 يوليو 2023 11:56 ص

تترقب دول خليجية، زيارة يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في رحلة تحمل عنوانا واحدا بارزا: الاقتصاد، حيث تتوقع تركيا استثمارات مباشرة من دول الخليج، بنحو 10 مليارات دولار بصفة مبدئية.

وتبدأ جولة أردوغان المكوكية في السعودية الإثنين، قبل المغادرة إلى قطر الثلاثاء، على أن تختتم الرحلة الأربعاء بزيارة الإمارات، التي كان رئيسها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أول من زار تركيا بعد انتخاب أردوغان رئيسا لولاية جديدة.

وتأتي الزيارة في سياق تعزيز العلاقات التركية-الخليجية والتركية-العربية، في مرحلة ما بعد التطبيع الإقليمي بين عدد من الدول خلال العامين الماضيين.

كما أنها تأتي بعد 5 أشهر على كارثة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص، علاوة على تسببه بدمار كبير في جنوب البلاد.

وكانت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية التي أجريت مؤخراً قد حفّزت بعض الجهات على الإبطاء في وتيرة تعزيز العلاقات في انتظار النتيجة التي ستفرزها هذه الانتخابات.

ومنذ أن بذلت أنقرة جهودا دبلوماسية في 2021 لإصلاح العلاقات مع السعودية والإمارات ساعدت الاستثمارات والتمويل من الخليج في تخفيف الضغط على الاقتصاد التركي والاحتياطي من العملة الصعبة.

والأربعاء الماضي، قال أردوغان للصحفيين، إنه سيزور الخليج بصحبة وفد من حكومته، مضيفا: "نرغب في تعزيز العلاقات بيننا من خلال زيارة السعودية وقطر والإمارات".

ولاحقا، قال إنه يأمل في "التوصل لاتفاقات استثمارية خلال هذه الجولة الخليجية"، التي تأتي وسط أزمة اقتصادية طاحنة تعاني منها تركيا انخفضت فيها الليرة إلى مستويات قياسية أمام الدولار الأمريكي.

وأضاف في مقابلة نشرتها وسائل إعلام تركية، أن تلك الاستثمارات قد تنفذ في تركيا أو في أي من تلك الدول الثلاث، لافتا إلى أن "ثمة تعهدات من دول خليجية بضخ استثمارات كبيرة في بلاده، وسنضع اللمسات حولها خلال زيارتنا المقبلة".

كما تشهد الجولة الخليجية، عقد منتدى الأعمال السعودي التركي في 17 يوليو/تموز في جدة، ومنتدى الأعمال القطري التركي في 18 يوليو/تموز في الدوحة، ومنتدى الأعمال الإماراتي التركي في 19 يوليو/تموز في أبوظبي.

وسبق أن تم توقيع صفقات تجارية واستثمارية بمليارات الدولارات بين تركيا وأكبر اقتصادين في دول مجلس التعاون الخليجي، السعودية والإمارات، كما أن أنقرة تربطها بعلاقات قوية مع الدوحة.

وتتسق آمال الاقتصاد التركي مع سياسة الحكومة الجديدة التي أعادت الشأن الاقتصادي إلى النهج التقليدي، من خلال رفع سعر الفائدة وفرض الضرائب ورفع نسبها، والتعويل على الاستثمارات الخارجية بعد تقليل الإنفاق الحكومي، لتكون بلدان الخليج العربي، أولى الدول المستهدفة بجذب الاستثمارات وزيادة التجارة.

أسس هذه السياسة، نائب الرئيس التركي جودت يلماظ ووزير المالية والخزانة محمد شيمشك، ومهّدا لهذه الاستثمارات، خلال زيارة قاما بها إلى الإمارات ومن بعدها قطر.

كما زار شيمشك ومحافظ البنك المركزي حفيظ غاي إركان، السعودية، للهدف ذاته.

وبعد إعادة انتخابه، عين الرئيس التركي يلماز وشيمشك في مجلس الوزراء في إشارة إلى عدوله عن سياسة اقتصادية غير تقليدية استمرت لسنوات وأدت إلى زيادة التضخم وانخفاض قيمة الليرة واستنزاف الاحتياطي من النقد الأجنبي.

وكانت تقارير صحفية، كشفت أن تركيا تتوقع استثمارات مباشرة من دول الخليج في الأصول المحلية، بنحو 10 مليارات دولار بصفة مبدئية، قبل أن ترتفع إلى 30 مليار دولار على فترة أطول في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والدفاع.

يقول الدبلوماسي التركي السابق مدير مركز إيدام للأبحاث ومقره إسطنبول سنان أولجن، إن السبب الرئيسي لجولة أردوغان هو حشد الدعم الاقتصادي من دول مجلس التعاون الخليجي، لمساعدة الاقتصاد التركي المتعثر.

ويضيف في تصريحات لصحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية الناطقة بالإنجليزية، وترجمها "الخليج الجديد"، إن تعزيز العلاقات الاقتصادية سيكون على رأس زيارة أردوغان إلى الخليج، متابعا: "حتى الآن قدمت هذه الدول بعض التمويل للمساعدة في تجديد احتياطيات تركيا الأجنبية المستنفدة".

فيما تشير كبيرة محللي شؤون الخليج في "كريسيس جروب" آنا جاكوبس، إلى أن العلاقات بين أنقرة والسعودية والإمارات تتحسن، لا سيما على الصعيد الاقتصادي.

وتضيف: "تستفيد كل من تركيا ودول الخليج العربية استفادة كاملة من السياق الإقليمي الجديد لخفض التصعيد والدبلوماسية، لاستكشاف الصفقات الاقتصادية غير المسبوقة والحوار السياسي".

وتتابع جاكوبس أن إعادة انتخاب أردوغان في مايو/أيار، وتشكيل حكومة جديدة دفعا هذا الزخم إلى أبعد من ذلك، لافتة إلى أن دول الخليج تعتبر هذا "إحساسًا أوضح بالاستقرار السياسي والاقتصادي" في تركيا.

وتزيد: "يبدو أن هناك أمل كبير في أنقرة بأن دول الخليج العربية يمكن أن تكون مصدرًا ضخمًا للاستثمار الأجنبي الذي تشتد الحاجة إليه، وفي المقابل ترى دول الخليج العربية إمكانات كبيرة هناك".

وتستطرد أنه من المتوقع زيادة التعاون الاقتصادي والتوافق من كلا الجانبين ، لا سيما فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي.

لكن من وجهة نظر دول الخليج، "من المرجح أن تكون القناة الرئيسية للمشاركة الاقتصادية هي أهداف الاستثمار الأجنبي المباشر"، على حد قول أولجن.

ويضيف: "إن تحقيق هذه الأهداف يمكن أن يصبح غير مؤكد، لأنها ستكون مشروطة بديناميكيات السوق وليس فقط بقرارات سيادية".

بينما يرى الباحث في العلاقات الدولية طه عودة أوغلو، أن التحركات التركية الأخيرة تجاه الخليج والغرب "يهيمن عليها الاقتصاد".

ويقول لموقع قناة "الحرة"، إن "الهدف الأساسي من جولة أردوغان الخليجية هي إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية التي تعصف بتركيا"، وذلك من خلال استقطاب استثمارات من الدول الثلاث الثرية بالطاقة للبلاد.

وقبل أيام، قال وزير التجارة التركي عمر بولاط، إن بلاده أطلقت مع مجلس التعاون الخليجي مباحثات استكشافية، في مايو/أيار الماضي، بهدف توقيع اتفاقية تجارة حرة.

ويشير عودة أوغلو، إلى أن الزيارة "التي لن تخلو من الملفات السياسية"، تأتي في إطار تشكيل تحالفات تركية عربية جديدة.

ويقول إن "دول الخليج ربطت في السابق (مسألة) تعزيز العلاقات مع أنقرة بالتنسيق مع مصر والآن العلاقات التركية المصرية وصلت لمرحلة متقدمة جدا".

ويضيف أن "هناك حديثا عن القضايا السياسية وخاصة مع السعودية، التي تلعب دورا كبيرا في ملفات المنطقة، وسيكون هناك تنسيق تركي سعودي خلال المرحلة المقبلة، خاصة بعد التقارب السعودي الإيراني".

ويشير عودة أوغلو إلى أنه من الـ "ممكن أن تلعب (تركيا) دورا كبيرا في إيجاد حلول للملفات الشائكة في المنطقة لا سيما سوريا".

وفي سياق الاقتصاد أيضا، يعتقد المحلل السياسي الإماراتي محمد تقي، أن هذا الملف بات "المحرك الرئيسي" للعلاقات التركية الخليجية الجديدة.

ويضيف: "تركيا لها موقع استراتيجي مهم يربط الشرق الأوسط بأوروبا، وهي من مستهدفات الإمارات للاستثمار فيها بناء على المبادئ العشرة للخمسين عاما المقبلة".

وبالنسبة للإمارات، يعتقد تقي أن تعاونا عسكريا محتملا قد تشهده الزيارة، لا سيما على مستوى الصناعات الدفاعية.

ويضيف أن "العلاقات الجديدة المدفوعة بالمحرك الاقتصادي، ترسم الاستقرار في المنطقة، بعد التراجع التركي الواضع في ملفي سوريا ومصر"، على حد تعبيره.

كما يمكن للزيارة أن تسفر عن بعد آخر يتعلق في بحث أكبر دولتين إسلاميتين بمسائل "الاعتداء على مقدسات المسلمين، وربما يتم إرسال رسالة علنية للغرب بهذا الشأن بعد الضغوطات المجتمعية في دول العالم الإسلامي"، كما يقول تقي.

ويضيف أن "هناك توافقا محتملا بين سوريا وتركيا سياسيا برعاية إماراتية".

أما الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله، فيقول في مقال لشبكة "سي إن إن"، زيارة أردوغان إلى الإمارات والسعودية وقطر حاملا معه هذه النجاحات السياسية.

ويتابع: "يأتي الرئيس التركي لمقابلة زعماء هذه الدول ومعه راية البراغماتية السياسية التي أصبحت سمة أصيلة من سمات شرق أوسط براغماتي وتوافقي قيد التأسيس".

ويزيد: "زيارة أردوغان إلى الإمارات والسعودية وقطر ستشكل ثالث نجاح للرئيس التركي البراغماتي بقدر ما ستؤسس للحظة فارقة في علاقة تركيا الواعدة بدول الخليج العربي، التي تعيش لحظتها في التاريخ العربي المعاصر".

المصدر | الخليج الجديد - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الخليج أردوغان جولة خليجية استثمارات اقتصاد السعودية قطر الإمارات

توقعات بتحقيق مكاسب استثمارية مهمة.. أردوغان يبدأ جولة خليجية

لقاء أردوغان وبن سلمان.. سيارة تركية هدية واتفاقيات تعاون ثنائية