4 سيناريوهات لمستقبل فاجنر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

السبت 22 يوليو 2023 08:22 م

سلطت منصة أسباب الضوء على المسارات المستقبلية المحتملة لعمليات مجموعة فاجنر شبه العسكرية، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على خلفية تمرد قائدها يفغيني بريغوزين على موسكو وقيادات الجيش الروسي.

وتتضمن أنشطة فاجنر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقديم الدعم العسكري والتدريب واستغلال الموارد في دول مثل سوريا وليبيا والسودان، وقد أدت عمليات المجموعة دوراً أساسياً في تأمين المصالح الجيوسياسية الروسية والاستفادة من الموارد الطبيعية الثمينة ومواجهة النفوذ الغربي.

ووضعت المنصة المعنية بتحليل أبعاد ومآلات التطورات الإقليمية والدولية من منظور جيوسياسي، 4 سيناريوهات خلال الإطار الزمني 2023-2025 لتداعيات تمرد بريغوزين الذي وقع خلال يونيو/حزيران المنصرم.

ويتمثل السيناريو الأول في احتفاظ المجموعة فاجنر بسيطرتها، واستمرار العمليات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والثاني انقسامها وفقدانها للدعم الروسي الرسمي، الثالث اندماجها مع شركة عسكرية روسية خاصة أخرى، والرابع انسحابها من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

الاحتفاظ بالسيطرة واستمرار العمليات

وفق هذا السيناريو ينجح قائد فاجنر في تعزيز سيطرته على المجموعة التي بدورها ستواصل عملياتها في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا. حيث يركز بريغوزين على حماية إمبراطوريته التجارية، ويواصل تقديم الخدمات شبه العسكرية مقابل السيطرة على موارد طبيعية ثمينة.

وعلى الرغم من الصراع مع فلاديمير بوتين، لم يحسم بعد عملاء فاجنر في سوريا وليبيا والسودان، قرارهم، لكنهم مازالوا يحافظون على تعاقدهم مع المجموعة.

وستسمح قدرة بريغوزين على الاحتفاظ بالسيطرة لمجموعة فاجنر بمواصلة دعم الأهداف الجيوسياسية والعسكرية لروسيا في المنطقة، وهو ما يخفف من التحولات المحتملة في ميزان القوة.

ومع ذلك؛ قد يقود هذا السيناريو أيضاً إلى تحديات ومخاطر محتملة؛ فقد تحقق المجموعة استقلالا جزئيا عن الحكومة الروسية إلى تضارب في الأهداف أو الإجراءات التي لا تتوافق مع السياسات الرسمية الروسية.

قد يسفر ذلك عن تعقيدات في العلاقات بين المجموعة والحكومات التي تدعمها، وكذلك مع الجهات الفاعلة الدولية الأخرى المنخرطة في المنطقة.

انقسام وفقدان الدعم الروسي

وفقا لهذا السيناريو سوف يقود الصراع بين بريغوزين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تفكّك فاجنر، وهو ما سيؤدي إلى إضعاف مكانة المجموعة وقدراتها، وسَيُشكّل فقدان الدعم الروسي على وجه الخصوص تحدياً بالنسبة للمجموعة، لأنَّها تعتمد اعتماداً كبيراً على الحكومة الروسية في التمويل والموارد والدعم السياسي.

بدون هذا الدعم، ستواجه المجموعة خللاً شديداً في قدرتها على العمل بفعالية، والحفاظ على وجودها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقد تواجه فاجنر صعوبات في الحفاظ على عقودها الحالية وتجنيد المرتزقة والوصول إلى الشبكات اللوجستية الضرورية ومصادر التمويل.

تظهر تباينات داخل فاجنر، لكن بريغوزين سيواصل الاحتفاظ بالسيطرة على فصيل واحد بينما ينضم آخرون إلى الجيش الروسي أو يوضعون تحت لواء قيادة جديدة، ويؤدي هذا الانقسام إلى إضعاف نفوذ المجموعة وتراجع كفاءة عملياتها في المنطقة، مسبباً حالة من عدم اليقين وسط عملائها.

نتيجة لذلك؛ سيسعى عملاء وشركاء المجموعة مثل قوات حفتر في ليبيا، والدعم السريع في السودان، إلى البحث عن شراكات أمنية بديلة، من أجل الحصول على الدعم. حيث يؤدى فقدان الدعم الروسي وتفكّك المجموعة إلى خلق فراغ قوة في المنطقة.

وسوف ما يترتب على ذلك حدوث تحولات سريعة في موازين القوى وديناميكيات السلطة؛ فمثلا في سوريا قد تتزايد مساحة نفوذ الميليشيات التابعة لإيران، لملء فراغ غياب فاجنر، في ظل انشغال الجيش الروسي بالعمليات العسكرية في أوكرانيا.

ومع هذا؛ فإن انقسام المجموعة وفقدان الدعم الروسي قد يترتب عليه تداعيات مختلطة. حيث قد ينجم عن ذلك تراجعا في نفوذ وأنشطة المجموعة، وهو ما قد يؤدي إلى تقليل انتهاكات حقوق الإنسان والأعمال المزعزعة للاستقرار، مثلا في ليبيا والسودان ربما يتيح هذا الوضع فرصة لهذه الدول لإعادة تقييم علاقاتها مع الجهات الفاعلة الخارجية والسعي إلى شراكات بديلة.

ومع ذلك؛ فإنَّ غياب المجموعة قد يخلق أيضاً فراغات أمنية وصراعات على السلطة، لاسيما إذا لم تكن هناك بدائل فورية أو ترتيبات أمنية بديلة.

نتيجة لذلك؛ قد تصبح الحكومات والفصائل المعتمدة على دعم المجموعة عرضة للتهديدات الداخلية والخارجية. وفي بعض الحالات؛ قد يصل الأمر إلى تجدد نزاعات أو تقوية المجموعات المسلحة المنافسة.

اندماج مع شركة عسكرية خاصة أخرى

بموجب هذا السيناريو، تندمج كيانات فاحنر مع شركة عسكرية روسية خاصة أخرى، مثل شركة كونفوي التي يقودها “سيرجي أكسيونوف وكونستانتين بيكالوف.

سيعزز هذا الاندماج وجود وتأثير الكيان الجديد المندمج في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسيرث الكيان الجديد علاقات فاجنر ومكانتها الموثوق بها، ما يسمح له بمواصلة تقديم الخدمات شبه العسكرية وتأمين الوصول إلى الموارد الثمينة.

كما قد تواجه دول المنطقة، التي اعتمدت على دعم فاجنر، تحديات في التعامل مع الديناميكيات الجديدة وتقييم موثوقية الكيان المندمج.

ستعتمد الآثار المترتبة على مثل هذا الاندماج على هوية وطبيعة الشركة العسكرية الخاصة الأخرى المندمجة مع فاجنر. إذا حدث اندماج مع شركة تتشارك نفس الأهداف والاستراتيجيات، فقد يؤدي ذلك إلى اندماج سلس واستمرار عمليات المجموعة.

ويعني ذلك أن تأثير الكيان المندمج ونفوذه سيتواصل في الدول، التي تنشط فيها المجموعة، مثل ليبيا وسوريا والسودان. لكن إذا تضمّن الاندماج شركة ذات أولويات أو مناهج مختلفة، فقد يترتب على ذلك تغييرات كبيرة في عمليات المجموعة واستراتيجياتها. وقد تحدث تغييرات في الدول محل التركيز أو إعادة تقييم التحالفات أو حتى إنهاء بعض العقود والعلاقات.

قد يعطي الكيان المندمج الأولوية لمصالح اقتصادية أو أهداف جيوسياسية مختلفة، وهو ما ينجم عنه حدوث تغيير في ديناميكيات القوة في تلك الدول.

وقد يتمتع الكيان المشترك الجديد بقدرة أكبر على ممارسة النفوذ والتورط في انتهاكات حقوق الإنسان أو مواصلة الأنشطة المزعزعة للاستقرار، كما قد يؤدي ذلك إلى إثارة توترات مع دول أو قوى إقليمية أو تنظيمات دولية أخرى، وهو ما يقود إلى مزيد من التدقيق وإثارة صراعات محتملة.

انسحاب من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

في هذا السيناريو، تقرر فاغنر وقف عملياتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب الصراع على السلطة وأوجه عدم اليقين المحيطة بمستقبل المجموعة. يخلق هذا الانسحاب فراغاً أمنياً كبيراً، لاسيما في دول أثبتت المجموعة فيها حضوراً جوهرياً مثل ليبيا والسودان.

يؤدي رحيل مقاتلي فاجنر إلى إضعاف مواقف الجهات الفاعلة المحلية التي كانت تدعمها المجموعة، وهو ما قد يغير ميزان القوى لصالح الفصائل أو الحكومات المنافسة.

قد يترتب على ذلك إضعاف قدرة الجهات المحلية المدعومة من فاجنر على مواصلة الاحتفاظ بالسيطرة على الموارد الثمينة.

قد يؤدي رحيل المجموعة العسكرية أيضاً إلى إعادة ترتيب التحالفات، وهو من المحتمل أن يتسبب في نشوب صراعات جديدة أو تفاقم النزاعات القائمة.

قد يخلق انسحاب المجموعة فرصاً لأطراف خارجية أخرى للتدخل لملء الفراغ الأمني. ربما تسعى قوى إقليمية أو أصحاب مصلحة دوليين إلى توسيع نفوذهم في البلدان المتأثرة، وهو ما يترتب عليه زيادة المنافسة والحروب بالوكالة، وقد يقود ذلك إلى مزيد من زعزعة استقرار المنطقة وتعقيد جهود السلام والاستقرار.

من ناحية أخرى؛ قد يوفر أيضاً انسحاب فاجنر فرصة للبلدان المتأثرة لإعادة تقييم علاقاتها مع الجهات الفاعلة الخارجية والبحث عن شراكات بديلة.

وقد تسعى تلك الدول إلى تنويع مصادر الدعم العسكري والأمني من خلال الانخراط مع شركات عسكرية خاصة أخرى أو منظمات دولية أو تحالفات إقليمية، وقد ينجم عن ذلك ترتيبات أمنية أكثر توازناً واستقلالية.

وسيكون لانسحاب فاجنر تداعيات أيضاً على نفوذ روسيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد يشير الانسحاب إلى تحول ما في استراتيجية روسيا أو أولوياتها، في خطوة يحتمل أن تلقي بظلالها على علاقاتها مع الدول المتأثرة، وقد تحتاج روسيا إلى إيجاد طرق بديلة للحفاظ على مصالحها الجيوسياسية وحماية استثماراتها الاقتصادية في المنطقة.

المصدر | الخليج الجديد+ منصة أسباب

  كلمات مفتاحية

مجموعة فاجنر قائد فاجنر مستقبل فاجنر الشرق الأوسط

المزيد من قوات فاجنر في أفريقيا.. خريطة التداعيات المحتملة في 5 دول

بعد تمردها وأفولها في روسيا.. هل تزدهر فاجنر في أفريقيا وكيف سيكون ذلك؟

استبدال بريغوجين صعب.. تحديات تواجه عملاء فاجنر في أفريقيا