اتفاقيات تركيا مع السعودية والإمارات.. تعاون استراتيجي أم تهدئة للتوترات؟

الأربعاء 26 يوليو 2023 09:53 م

تؤسس الجولة الخليجية الأخيرة التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والاتفاقيات الموقعة خلالها لتعاون استراتيجي مشترك مع السعودية والإمارات بعد سنوات من الجمود في العلاقات.

وشملت جولة أردوغان التي أجراها في الفترة من 17 إلى 19 يوليو/تموز، كلا من السعودية وقطر والإمارات.

 وشهدت زيارته للسعودية تطوير العلاقات في مجالات عدة، أبرزها عقد شراء طائرات بدون طيار مع شركة شركة "بايكار" التركية المصنعة لمسيرات "بيرقدار" الشهيرة، وهي الأكبر في تاريخ الصناعات الدفاعية التركية بقيمة يتوقع أن تتجاوز مليار دولار، بالإضافة إلى عدد من الاتفاقيات الاقتصادية.

كما وقعت أبوظبي وأنقرة اتفاقيات ومذكرات تفاهم تقدر قيمتها بنحو 50.7 مليار دولار.

أما في قطر؛ فقد أكد الجانبان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تأسست بين البلدين.

جذب استثمارات

وتقول منصة "أسباب" في تقرير إن جولة أردوغان تأتي ضمن جهوده لتعزيز الاقتصاد التركي الذي يعاني من انخفاض قيمة العملة إلى مستويات غير مسبوقة، وارتفاع حاد للتضخم، بالإضافة إلى عجز الحساب الجاري التركي الذي سجل 37.7 مليار دولار خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي.

كما بلغ عجز الميزانية في يونيو/حزيران 8.4 مليار دولار، وفقا لوزارة الخزانة والمالية، وهو الأكبر على الإطلاق، متضاعفا بنحو سبع مرات تقريبًا على أساس سنوي.

ويوضح التقرير أن تركيا تدرك أن الرهان على جذب المستثمرين الغربيين لسد احتياجات التمويل المتزايدة سيكون غير كاف، لذلك توجه أنقرة جهودها إلى جذب الاستثمارات من دول الخليج العربي الغنية بالنفط؛ وهو الأمر الذي حفز سياسة خارجية براجماتية لتعزيز العلاقات مع الرياض وأبو ظبي بعد عقد من التوتر.

ويضيف: "كما أن أنقرة تراهن على دعم الدول الثلاث لمشروعات إعمار مناطق الزلزال. وقد وقعت ’القابضة’ (ADQ) الإماراتية، خلال الزيارة، مذكرة تفاهم مع وزارة الخزانة والمالية التركية بشأن الاستثمار في الصكوك لأغراض إعادة إعمار مناطق تركيا المتضررة من الزلازل".

ويشير التقرير إلى أن أردوغان يعمل بخطوات متسارعة لاحتواء الضغوط الاقتصادية قبل انتخابات البلدية في مارس/آذار 2024، لزيادة فرص استعادة الحزب الحاكم بلديتي إسطنبول وأنقرة من المعارضة.

ولذلك؛ فقد تراجع أردوغان عما بات يعرف بـ"النموذج الاقتصادي التركي"، وهو نهج غير تقليدي يتمسك بأسعار فائدة منخفضة ويضع الأولوية لتعزيز النمو، حيث عين أردوغان، بعد فوزه بالانتخابات في مايو/أيار، الاقتصادي التركي المرموق محمد شيمشك وزيرا للمالية وحفيظة غاية إركان محافظة للبنك المركزي التركي.

كما منح الرئيس التركي، الفريق الاقتصادي الجديد الذي يضم أيضا نائب الرئيس جودت يلماز، صلاحية واسعة لتطبيق برنامجا، وصفه شيمشك بالعقلانية والقابلية للتنبؤ، يقوم على أسس اقتصاد السوق ونظام سعر صرف حر ونموذج يستهدف التضخم، بحسب التقرير.

تراجع الدور الأمريكي

ويذكر التقرير أنه في الجانب الآخر، تزايد غضب السعودية و شكوك الإمارات في السنوات الأخيرة بشأن الالتزام الأمريكي في المنطقة كضامن للأمن الإقليمي، بالإضافة الى القيود التي تفرضها الإدارة الأمريكية بين الحين والآخر على صفقات السلاح الأمريكي.

ويلفت إلى أن تلك التطورات دفعت السعودية والإمارات لتنويع وتعزيز علاقاتهما مع القوى الدولية والإقليمية خاصة تلك التي يمكن أن توفر لهما صفقات تسليح حديثة وعمليات انتقال للتكنولوجيا دون شروط مسبقة، وهو الأمر الذي تجلى في العلاقات التي سعت كل من الرياض وأبوظبي للبحث عن بدائل دولية، مثل بكين وموسكو، وإقليمية مثل أنقرة وتل أبيب.

ويتابع التقرير: "تشير صفقة الطائرات بدون طيار التي وقعتها وزارة الدفاع السعودية مع شركة بايكار التركية، والتي تتضمن نقل التكنولوجيا والإنتاج المشترك، إلى تطور لافت لا يرتبط فقط بتعزيز خطط ولي العهد السعودي لتوطين الصناعات الدفاعية في المملكة، ولكن أيضا يؤكد أن العلاقات بين السعودية وتركيا تتجه لطابع أكثر استراتيجية من مجرد علاقات اقتصادية متطورة".

ووفق منصة "أسباب"، لا يقتصر هذا التوجه على الرياض؛ حيث وقعت أيضا مذكرة تفاهم بين مجلس التوازن الإماراتي وهيئة الصناعات الدفاعية التركية لتعزيز التعاون الاستراتيجي في مجال الصناعات الدفاعية.

ويرى التقرير أن تركيا، كعضو في الناتو، تمثل بديلا مناسبا يجنب دول الخليج التوتر المتوقع مع واشنطن في حالة التعاون مع الصين أو روسيا.

شراكة طويلة

من جهة أخرى؛ يقول التقرير إن تطوير العلاقات الاقتصادية مع تركيا يخدم مشروعات الدول الثلاث التي تستهدف تنويع الاقتصاد، وهو أمر يتطلب تعزيز الاستثمارات الخارجية والتجارة خصوصا مع أطراف مثل تركيا يمكنها توفير خبرات ومعرفة في التصنيع والتكنولوجيا.

وتلفت "أسباب" إلى أن حجم التعاون الاقتصادي المعلن عنه في زيارة أردوغان لكل من الرياض وأبو ظبي يؤكد استنتاجًا سابقا لها حول توجه الرياض وأبوظبي لتطوير شراكة طويلة مع أنقرة وليس مجرد تهدئة التوترات.

وتنوه إلى أن السعودية أودعت في مارس/آذار الماضي 5 مليارات دولار في البنك المركزي التركي، كما وقعت تركيا والإمارات في نفس الشهر "اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة" التي تهدف إلى زيادة التجارة الثنائية إلى 40 مليار دولار سنويًا في غضون خمس سنوات.

ويؤكد التقرير أن نمط التعاون الذي تسعى إليه هذه الأطراف يدشن على الأرجح حقبة جديدة بعيدة عن سياسات العداء والصراع.

ومع ذلك؛ ترى "أسباب" أنه مازال من المبالغة النظر إلى الشراكات الناشئة بين تركيا والسعودية، أو تركيا والإمارات باعتبارها "محاور إقليمية" جديدة؛ حيث سيظل التنافس الجيوسياسي كامنا في علاقة السعودية مع تركيا.

وتتابع: "كما ستظل التباينات إزاء بعض الملفات قائمة بين تركيا والإمارات، خاصة مع الصعود الواسع للدور التركي في المناطق التي تعتبرها الدولتين الخليجيتين ضمن مجال نفوذهما الأساسي في الشرق الأوسط".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا الإمارات رجب طيب أردوغان السعودية تركيا والإمارات شراكة استراتيجية

ف. بوليسي: 4 مراحل للسياسة الخارجية ودراما الناتو.. ماذا تريد تركيا حقا؟

مجلس الأعمال الإماراتي التركي.. الطاقة قاطرة شراكات استراتيجية

بزيادة تلامس 31%.. الصادرات التركية للإمارات تسجل 2.5 مليار دولار

بلومبرج: تركيا تترقب حصاد ثمار الاستثمارات الإماراتية نهاية العام