سفينة خفض إنتاج النفط تبحر بدفة سعودية.. ورياح الصين المعاكسة تعيق التقدم

الخميس 27 يوليو 2023 08:19 ص

ألقى تحليل نشره "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" الضوء على إشكالية المعركة المستمرة التي تقودها السعودية في تكتل "أوبك+" لاستمرار خفض الإنتاج من أجل رفع أسعار النفط، وهي المعركة التي تواجه أصعب مراحلها بسبب الرياح المعاكسة للاقتصاد الكلي العالمي، والتي لا تزال تفرض ضبابية على مشهد الطلب.

وأوضح التحليل، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن التعافي لاقتصادي الصيني، الذي جاء أضعف من المتوقع، يلقي بثقله على معنويات السوق، ما جعل نتائج جهود "أوبك+" لرفع أسعار النفط من خلال تعميق تخفيضات الإنتاج لم ترق إلى مستوى التوقعات، حيث تراجعت مكاسب الأسعار بسبب التطورات المقلقة المستمرة في الاقتصاد العالمي الهش وزيادة الإنتاج من قبل أعضاء "أوبك+" والدول خارج التحالف.

تخفيضات تعقبها تخفيضات

وبعدما أعلنت السعودية، أوائل يوليو/تموز الجاري، تمديد خفض الإنتاج الطوعي البالغ مليون برميل يوميًا حتى أغسطس/آب المقبل، يبدو أن الأمور ستستمر لما هو أبعد، حتى سبتمبر/أيلول وما بعده أيضا، وسينخفض ​​إنتاج المملكة من النفط الخام إلى 9 مليون برميل في اليوم فقط لشهري يوليو وأغسطس، وهو مستوى لم يسبق له مثيل منذ عام 2010، باستثناء التخفيضات غير العادية في بداية جائحة فيروس كورونا ، وفقًا للنشرة الإحصائية السنوية لأوبك "2023".

وجاء إعلان السعودية، الذي أعقبه تعهد من روسيا بخفض الإمدادات إلى السوق بمقدار 500 ألف برميل في اليوم والجزائر بمقدار 20 ألف برميل في اليوم في أغسطس، ليعكس مخاوف المملكة من ضعف التوقعات الاقتصادية وكذلك خيبة الأمل من استجابة السوق للتخفيضات السابقة، كما يقول التحليل.

زيادة ثم تذبذب

وبالفعل، وبما يشبه السحر، تم تداول خام برنت وهو المعيار القياسي لسعر ثلثي إمدادات النفط العالمية، بالقرب من 84 دولارًا للبرميل، مرتفعًا بمقدار 9 دولارات للبرميل منذ إعلان 3 يوليو، وهي أول زيادة كبيرة منذ إعلان التخفيضات في مايو/أيار.

واخترقت الأسعار عتبة 80 دولارًا للبرميل في 12 يوليو، لكنها انخفضت مرة أخرى مع تجدد المخاوف بشأن التوقعات الاقتصادية الهشة ، خاصة بالنسبة للصين.

ففي 17 يوليو، أعلنت الصين عن نمو اقتصادي للربع الثاني كان أقل بكثير من التوقعات.

عكست الأسعار مسارها مرة أخرى صعودا، على خلفية الدلائل الوليدة على أن إمدادات النفط بدأت أخيرًا في التشديد (تقليل الكميات) وبعد أن أشارت الصين إلى أنها ستنفذ إجراءات تحفيزية لتعزيز اقتصادها المتعثر.

ومع ارتفاع خام برنت باطراد نحو 83.90 دولارًا للبرميل. استقرت أسعار برنت للعقود الآجلة لشهر سبتمبر عند أعلى مستوى لها في ثلاثة أشهر عند 83.64 دولارًا للبرميل في 25 يوليو، ولكن ا يزال من غير الواضح ما إذا كان يمكن الحفاظ على الزخم الصعودي.

ومع ذلك، يقول التحليل، لا تزال أسعار النفط الحالية أقل بكثير من نطاق 90 دولارًا للبرميل إلى 100 دولار للبرميل الذي توقعه العديد من المحللين وهي أيضًا أقل بكثير من تطلعات "أوبك+" الأعلى للأسعار.

ومن المفارقات أنه على الرغم من التخفيضات الهائلة في المعروض من "أوبك+"، لا تزال أسعار خام برنت الأخيرة تتداول بحوالي 4-5 دولارات للبرميل دون المستويات التي تم تسجيلها في أواخر سبتمبر/أيلول 2022، وهي منخفضة بمقدار 44 دولارًا للبرميل دون مستوى الذروة في عام 2022، التي حدثت في مارس من ذلك العام بعد الغزو الروسي لأوكرانيا مباشرة، حيث بلغت 128 دولارا للبرميل.

عوامل أخرى

ويقول التحليل إنه منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022، خفضت "أوبك+" الإنتاج (جنبًا إلى جنب مع التخفيضات الطوعية من قبل بعض الأعضاء)، على الأقل على الورق، بمعدل مذهل قدره 5.3 مليون برميل في اليوم حتى أغسطس.

ومن نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حتى يونيو/حزيران انخفضت الإمدادات الفعلية من قبل دول "أوبك+"، التي التزمت بخفض مستويات الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل في اليوم مقارنة بالتعهدات بخفض الإنتاج بمقدار 3.66 مليون برميل في اليوم لهذه الفترة، ما يشير إلى عدم الالتزام تماما بالتخفيضات.

وقد أشارت وكالة الطاقة الدولية في "تقرير سوق النفط" الصادر في يوليو إلى أن انخفاض إنتاج الدول الـ19 الأعضاء في تحالف أوبك + المشاركين في التخفيضات قد "قابله إلى حد كبير زيادة الإنتاج من المنتجين الآخرين"، مثل إيران التي ليست جزءًا من الاتفاقات بسبب العقوبات، حيث زادت الإنتاج بمقدار 530 ألف برميل يوميًا في المتوسط من نوفمبر 2022 إلى يونيو.

وفي الوقت نفسه، ارتفع العرض من الولايات المتحدة بمقدار 610 آلاف برميل في اليوم أقوى من ذلك خلال نفس الفترة.

والخلاصة فيما مضى، بحسب التحليل، هو أن المحللين كانوا يتوقعون انتعاشًا اقتصاديًا قويًا في الصين، إلى جانب الانخفاض الحاد في إنتاج "أوبك+"، مما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار فوق 85 دولارًا للبرميل وأقرب إلى نطاق 100 دولار للبرميل في النصف الثاني من العام.

ومع ذلك، أدى عدم اليقين الاقتصادي المطول والنمو المخيب للآمال بشكل خاص في الصين إلى توقعات متباينة للطلب على النفط.

لكن، وفي إشارة أكثر تفاؤلاً، أشار الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو" السعودية أمين الناصر إلى أن الأسعار كانت تحت ضغط الرياح الاقتصادية المعاكسة وأن هناك "علامات ركود في كل مكان"، ومع ذلك، فقد أضاف أن "الصين لا تزال تنتعش" وأشار إلى أنه "متفائل" بشأن نمو الطلب.

كل الطرق تؤدي إلى الصين

بعد رفع القيود المفروضة على فيروس كورونا في نهاية عام 2022، شهدت الصين انتعاشًا في الطلب على النفط مع عودة الأنشطة الترفيهية، وزيادة النقل البري، واستئناف سفر شركات الطيران، خاصة بالنسبة للحركة الجوية الدولية في النصف الأول من العام.

ومع ذلك، ترى جميع منظمات التنبؤ الرئيسية الثلاث أن الاستهلاك الصيني في الربع الثالث يتراجع عن المستويات الأعلى في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران، عندما ساد الطلب المكبوت بعد رفع القيود الوبائية الشديدة في نهاية عام 2022.

ومن المتوقع أن ينتعش الطلب في الربع الرابع مع استمرار التعافي بعد الجائحة.

ومن المتوقع أن يدعم الاستخدام القوي للمواد الأولية البتروكيماوية، التي يغذيها بدء تشغيل المصانع الجديدة، نمو الطلب المرتفع بنحو 600 ألف برميل في اليوم في الربع الرابع ، وفقًا لتقرير "أوبك" لشهر يوليو.

لكن في الوقت نفسه، تسود حالة من عدم اليقين بشأن التوقعات بالنسبة للصين، حيث تقوض الانتعاش في قطاع الخدمات بسبب ضعف ثقة المستهلك وسط ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وتباطأ نشاط التصدير بسبب ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وأوروبا وأجزاء كثيرة من آسيا، والتي ألقت بثقلها على مشتريات منتجات البلاد، وقد يضغط قطاع العقارات المتعثر على النمو.

موجة شراء ضخمة

وما يزيد توقع ضعف الطلب الصيني خلال الفترة المقبلة، هو أن الصين شرعت، خلال الأشهر الأخيرة، في موجة شراء ضخمة للنفط الخام في الأشهر الأخيرة ، مما أدى إلى وصول مستويات مخزون البلاد إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في النصف الثاني من العام، مستغلة تراجع أسعار الخام الروسي والإيراني، لتسجل واردات النفط منهما مستويات قياسية.

واستوردت الصين 2.57 مليون برميل في اليوم من الخام الروسي في يونيو، محطمة بذلك الرقم القياسي المسجل في مايو.

ومع زيادة صهاريج التخزين ، فإن أي تباطؤ في الطلب سيقلل من الواردات في الأشهر المقبلة ، مما يزيل الدعم الرئيسي لارتفاع الأسعار، كما يقول التحليل.

المصدر | معهد دول الخليج العربية في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

خفض انتاج النفط أوبك + اسعار النفط الاقتصاد العالمي اقتصاد الصين الطلب على النفط

لهذه الأسباب.. السعودية مستعدة لتحمل تذبذب أسعار النفط وماضية بسياسة خفض الإنتاج

منافسة سعودية روسية شرسة في ميدان النفط الصيني.. من سيربح الجائزة الكبرى؟