حماية من الصين وباكستان وشراكة مع أمريكا.. الهند تعيد هيكلة الجيش

الاثنين 31 يوليو 2023 08:13 ص

شرعت الهند في عملية إعادة هيكلة عسكرية هائلة، هي الأكبر منذ تأسيسها في عام 1947، لحماية نفسها من تهديدات الصين وباكستان، لاسيما في حال تواطؤ البلدين ضدها، بالإضافة إلى الانخراط في شراكة رئيسية مع الولايات المتحدة المنافس الاستراتيجي لبكين.

تلك القراءة خلص إليها كمران بخاري، الباحث في معهد "نيولاينز (New Lines) للاستراتيجيات والسياسات بواشنطن العاصمة، عبر تحليل في مركز "جيوبوليتيكال فيوتشرز" الأمريكي (Geopolitical Futures) ترجمه "الخليج الجديد".

وأعرب بخاري عن اعتقاده بأن الحاجة إلى معالجة التحديات الناشئة هي الدافع الرئيسي وراء تحرك الجيش الهندي لإنشاء 3 مسارح عمليات جديدة ثلاثية الخدمات، أي مراكز تضم فروع الجيش الثلاثة (القوات البرية والجوية والبحرية).

واعتبر أن الحجم الهائل لإعادة الهيكلة العسكرية، إلى جانب الجمود البيروقراطي المعتاد، يعني أن العملية ستستغرق سنوات عديدة، على الرغم من أن النمو الاقتصادي السريع للبلاد سيساعد في دفع قدراتها الدفاعية في السنوات القادمة.

على حدود الهيمالايا

ووفقا لتقارير إعلامية هندية، فإن القيادة (العسكرية) الجنوبية الغربية في (مدينة) جايبور (شرق)، ستركز على الحدود الغربية مع باكستان، فيما ستركز القيادة الشمالية الثانية في (مدينة) لكناو (شمال غرب) على التهديدات المتزايدة من الصين على طول حدود الهيمالايا، أما المقر الرئيسي للقيادة البحرية في مدينة كاروار (جنوب غرب) فستركز على الدفاع عن الساحل الجنوبي بالإضافة إلى قدرات عرض القوة في حوض المحيط الهندي وما وراءه، كما أضاف بخاري.

ولفت إلى أنه قبل إعادة الهيكلة لم يكن لدى الجيش الهندي سوى قيادتي خدمات ثلاثية، وهما قيادة أندامان ونيكوبار المسؤولة عن المنطقة البحرية المتاخمة لميانمار وتايلاند وإندونيسيا، وقيادة القوات الاستراتيجية المسؤولة عن الترسانة النووية للبلاد.

وزاد بأنه توجد خطط لأوامر مشتركة أخرى يقودها ضباط مسؤولون عن اللوجستيات والتدريب والفضاء والصواريخ والاستخبارات، وسيقدمون تقاريرهم إلى رئيس أركان الدفاع.

تحولات إقليمية ودولية

وتلك التغييرات الهائلة في هيكل ووظائف الجيش الهندي، وفقا لبخاري، تعكس التحولات في الوضع الأمني الإقليمي والعالمي على مدار الخمسة عشر عاما الماضية، فلم يعد التحدي الأمني الرئيسي الذي تواجهه الهند من باكستان كما كان عليه قبل عقود عندما خاضت الجارتان 4 حروب في أعوام 1947 و1965 و1971 و1999.

وأرجع ذلك إلى حد كبير إلى ظهور أزمات اجتماعية وسياسية واقتصادية أضعفت إسلام أباد إلى مستويات غير مسبوقة، إذ بدأت قيادتها العسكرية، التي تهيمن على العديد من عناصر المجتمع والسياسة، مؤخرا محاولة توجيه البلاد نحو تطبيع العلاقات والتجارة مع الهند.

كما تركز باكستان بشكل متزايد على جناحها الغربي أفغانستان، الذي حل في السنوات الأخيرة محل حدودها الشرقية مع الهند كتهديد أمني رئيسي؛ بسبب تصاعد الحركات المتمردة والانفصالية، بحسب بخاري.

وأردف أنه على مدار ربع القرن الماضي، انبثق التهديد الباكستاني للهند إلى حد كبير من "جهات فاعلة إسلامية غير حكومية بالوكالة"، والتي تحولت منذ أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين من كونها مصدر قوة إلى عائق رئيسي لإسلام أباد.

ومع ذلك، قال بخاري إنه لا يمكن لنيودلهي أن تخفض من حذرها كثيرا نظرا لعدم اليقين المحيط بالوضع الأمني في باكستان على المدى الطويل، مضيفا أن الهند تشعر بالقلق أيضا بشأن التهديد من الصين، التي كانت معادية لها بشكل متزايد في الجزء الأكبر من العقد الماضي.

وأفاد بأن نيودلهي تواجه تحديات أمنية من بكين في 3 قطاعات استراتيجية: المناطق الشمالية الغربية والوسطى والشمالية الشرقية على جانبي الحدود الهندية الصينية البالغ طولها 2200 ميل.

وتوقع أن تزداد سخونة الحدود مع اشتداد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين ومع نمو المحاذاة بين الولايات المتحدة والهند، لا سيما بالنظر إلى أن الهند هي المنطقة الوحيدة في العالم التي يتمتع فيها الصينيون بالخبرة والقدرات للعمل عسكريا.

الجناح الجنوبي البحري

ووفقا لبخاري فإن نيودلهي لا تزال بحاجة إلى تخصيص الموارد لجناحها الجنوبي، مع أنها لا تواجه أي تهديدات فورية من المحيط الهندي، وسيكون هذا أمرا حاسما لقدرتها على أن تصبح حليفا عسكريا رئيسيا للولايات المتحدة (المنافس الاستراتيجي للصين) في منطقة المحيطين الهندي والهادئ الأوسع، حتى أن انتقالها من كونها قوة إقليمية إلى قوة عالمية يتطلب قدرات قوة على الجبهة البحرية.

وتابع أن الأمن البحري أصبح بالنسبة للهند محط تركيز أكبر منذ أن أطلقت بكين ما تُسمى بـ"استراتيجية سلسلة اللؤلؤ"، الهادفة إلى بناء أصول عسكرية وتجارية على طول المحيط الهندي.

واستدرك: "لكن هذه الاستراتيجية كانت غير ناجحة إلى حد كبير، وهي أحد الأسباب التي جعلت بكين تحاول إبقاء الهند مركزة على حدودها المشتركة في جبال الهيمالايا، بدلا من جانبها الجنوبي".

وقد تم تصميم هيكل القيادة العسكرية الجديد للسماح للهند بحماية نفسها من أي تهديدات من باكستان والصين، خاصة في حالة تواطؤ البلدين ضد نيودلهي، كما تهدف إلى إعداد نيودلهي لشراكة رئيسية مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين لضمان الأمن الإقليمي، ولكن على الرغم من النمو المتوقع للهند في السنوات المقبلة، ستكون هذه مهمة شاقة لرابع أكبر جيش في العالم"، كما استشرف بخاري.

المصدر | كمران بخاري/ جيوبوليتيكال فيوتشرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الهند الصين باكستان الهيكلة العسكرية الجيش

تفاؤل حذر.. بداية متواضعة لإصلاح علاقات أمريكية صينية شائكة

حذر عربي وقلق هندي من تعاون تركي باكستاني في مجال حيوي

لخفض صراع الهند وباكستان.. هذا ما يمكن أن تفعله السعودية والإمارات