استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

صفعة فيتش والانتصارات الأميركية المؤجلة

الجمعة 4 أغسطس 2023 02:32 ص

صفعة فيتش والانتصارات الأميركية المؤجلة

استطاعت أميركا التغلب على أقوى أزمة اقتصادية مرت بها في السنوات الأخيرة، وكادت أن تلقي بها في دائرة الركود.

ما لم تضعه الإدارة الأميركية في الحسبان، أنها ماضية في سياسة التوسع في الاقتراض، وأن العجز المالي يتزايد يوماً بعد يوم.

قرار مؤسسة فيتش، وهي من وكالات التصنيف العالمية المرموقة، كان مفاجئاً لأسواق وبورصات العالم، وغريباً للكثير من المؤسسات المالية والمحليين.

هناك تدهور مالي متوقع داخل الولايات المتحدة على مدى السنوات الثلاث المقبلة وفق توقعات فيتش، فضلاً عن تزايد عبء الدين العام والمتزايد.

جاء استغراب الجميع من قرار فيتش لأن المؤشرات الأخيرة تؤكد أن الاقتصاد الأميركي نجا من الوقوع في الكساد، وأفلت من أزمات مالية واقتصادية محتملة، ومنها الإفلاس.

هل تسير وكالات التصنيف العالمية الأخرى على خطى مؤسسة فيتش وتخفض تصنيف أميركا؟ مما قد يربك حال حدوثه المشهد الاقتصادي الأميركي بالكامل والدولار القوي، والاقتصاد العالمي.

* * *

تلقت الإدارة الأميركية صفعة قوية وصدمة عنيفة لم تكن تتوقعها في هذا الوقت تحديداً، فقد خفضت وكالة فيتش العالمية التصنيف الائتماني للولايات المتحدة لأول مرة منذ نحو 12 سنة، وتحديداً منذ 2011، وهو العام الذي خفضت فيه وكالة "ستاندرد آند بورز" تصنيف صاحبة أقوى اقتصاد في العالم.

قرار فيتش، وهي من وكالات التصنيف العالمية المرموقة، كان مفاجئاً لأسواق وبورصات العالم، وغريباً للكثير من المؤسسات المالية والمحليين.

وقبلها مثل صدمة لإدارة جو بايدن التي راحت تهاجم مؤسسة التقييم الشهيرة، خاصة وأنه لم يسبق القرار أي مقدمات أو إرهاصات، بل العكس هو ما حدث، فقد كانت تلك الإدارة تستعد لإعلان عدة انتصارات اقتصادية ومالية مهمة.

فالولايات المتحدة استطاعت التغلب على أقوى أزمة اقتصادية مرت بها في السنوات الأخيرة، وكادت أن تلقي بها في دائرة الركود، حيث نجحت في خفض معدل التضخم من نحو 10% إلى 3%، وهو ما يمهد الطريق نحو وقف سياسة التشدد النقدي وتجميد سياسة رفع سعر الفائدة على الدولار، بل والنظر لاحقاً في خفض السعر، في محاولة لتقليص تكلفة الأموال لمجتمع المال والأعمال وخفض كلفة القروض الشخصية وقروض البطاقات.

وقبل هذا التطور اللافت، ودّعت الولايات المتحدة حالة القلق من إمكانية تخلفها عن سداد الديون، حيث حدث توافق داخل الكونغرس على تمديد رفع سقف الدين العام، وبالتالي التغلب على واحدة من أعنف الأزمات التي كادت أن تدخل الولايات المتحدة في دائرة التعثر والإفلاس المالي.

كما نجحت الإدارة الأميركية في احتواء أزمة المصارف عبر تقديم ضمانات للمودعين، وهي الازمة التي كادت أن تطيح بالقطاع المصرفي الأميركي قبل شهور مع إفلاس ثلاثة بنوك، واندفاع آلاف المدخرين لسحب أموالهم من البنوك، خاصة الصغيرة.

ومن هنا جاء استغراب الجميع من قرار فيتش، خصوصاً أن كل المؤشرات الأخيرة تؤكد أن الاقتصاد الأميركي قد نجا من الوقوع في دائرة الكساد، والإفلات من أزمات مالية واقتصادية محتملة، ومنها الإفلاس.

لكن وكالة التصنيف كانت لها مبرراتها في قرارها المفاجئ الخاص بخفض تصنيف أميركا، صحيح أنه جرى احتواء أزمة سقف الدين ورفعه من قبل المشرعين بالكونغرس لأكثر من 31.4 تريليون دولار.

لكن في المقابل، هناك تدهور مالي متوقع داخل الولايات المتحدة على مدى السنوات الثلاث المقبلة وفق توقعات فيتش، فضلاً عن تزايد عبء الدين العام والمتزايد.

وما لم تضعه الإدارة الأميركية في الحسبان، أنها ماضية في سياسة التوسع في الاقتراض السريع، وأن العجز المالي يتزايد يوماً بعد يوم، وأن الدين العام بات عصيّاً على الحل والاحتواء بعد أن تجاوزت قيمته 32 تريليون دولار.

وأن الحكومة تتجه لاقتراض تريليون دولار في الربع الجاري من العام 2023، وأن خطة بايدن لإعادة هيكلة الاقتصاد والبنية التحتية وضخ مزيد من الإنفاق في شرايين الاقتصاد وقطاعاته تحتاج إلى مئات المليارات الأخرى من الدولارات، وهو ما يشكل ضغطاً إضافياً على موازنة الدولة والدين العام.

وأن الرئيس الأميركي بحاجة إلى التوسع في الإنفاق العام لتنفيذ المشروعات المدرجة على برنامجه الرئاسي، خاصة وأنه لم يتبقى على الانتخابات المقبلة الكثير.

قرار فيتش الخطير أمر لا يتعلق فقط بالولايات المتحدة، بل بالعالم كله، فأي هزة في الاقتصاد الأميركي تجرّ معها كل الاقتصادات العالمية، كما جرى عقب اندلاع الأزمة المالية في عام 2008.

دليل ذلك ما حدث اليوم في البورصات الرئيسية حول العالم التي شهدت تراجعاً، سواء في أوروبا واليابان وغيرها، حتى التراجع أصاب الصين التي تُعَدّ أكبر مستثمر في السندات الأميركية ولديها احتياطي أجنبي بالعملة الأميركية يتجاوز 3 تريليونات دولار.

كذلك زاد الإقبال على شراء الذهب والمعادن النفيسة وسط احتماء المستثمرين بالأصول الآمنة، وهو ما يدل على خطورة قرار فيتش.

لا أعرف إن كانت وكالات التصنيف العالمية الأخرى ستسير على خطى مؤسسة فيتش وتخفض تصنيف الولايات المتحدة أم لا، لأن ذلك في حال حدوثه قد يربك المشهد الاقتصادي الأميركي بالكامل والدولار القوي، ومعه الاقتصاد العالمي.

*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

أميركا التضخم الركود مؤسسة فيتش الاقتصاد الأميركي جو بايدن التصنيف الائتماني وكالات التصنيف العالمية التشدد النقدي