أزمة كهرباء مصر.. هل تفصل تيار المشاركة عن انتخابات الرئاسة؟

الأحد 6 أغسطس 2023 03:26 م

حذر باحث اقتصادي مصري من أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي في بلاده، بالتزامن مع حرارة الصيف الحارقة، ربما تدفع الناخبين إلى مقاطعة واسعة لانتخابات الرئاسة المقررة في عام 2024؛ جراء شعورهم بـ"الإحباط وخيبة الأمل"، بحسب تحليل في موقع "ذا كرادل" (The Cradle).

الموقع تابع، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أنه مع ارتفاع الدين الخارجي إلى ما يزيد عن 162 مليار دولار، وتأثير نقص العملة الأجنبية على الواردات وخدمة الدين، أعطت الحكومة المصرية الأولوية لتصدير الغاز الطبيعي على حساب استخدامه في توليد الكهرباء وتوفير حل لانقطاع التيار.

وفي مؤتمر صحفي عقده مؤخرا في مدينة العلمين الجديدة، أقر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بوجود "أزمة كهرباء". ومع ذلك، تصاعد الإحباط العام، على الرغم من محاولات وسائل الإعلام الحكومية التقليل من أهمية القضية، وفقا للموقع.

واستدرك: "لكن بدلا من تقديم حلول فورية، أعلنت الحكومة عن خطة لخفض أحمال الكهرباء حتى نهاية أغسطس/ آب الجاري، زاعمة أن ذلك سيعالج ما قالت إنه زيادة استهلاك من جانب المواطنين.

الأسباب الحقيقية

وعن الأسباب الحقيقية لأزمة الكهرباء، قال خبير الاقتصاد المصري محمد رمضان إن "كل شئ بدأ في منتصف 2022، عندما بدأت مصر تعاني من نقص حاد في العملة الأجنبية؛ مما أدى إلى أزمة اقتصادية، ودفع الحكومة إلى تصدير فوائض الغاز بكميات أكبر في محاولة للحصول على العملة الأجنبية، بالإضافة إلى ترشيد الاستهلاك المنزلي".

واعتبر أن الأسباب هي "ضبابية الاقتصاد مع الانهيار القياسي في قيمة العملة المحلية، وارتفاع التضخم، وندرة العملة الأجنبية، وارتفاع سقف الدين وخدمته، إلى جانب عدم استعداد الدولة للتعامل مع ارتفاع درجات الحرارة؛ مما أظهر عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة التقلبات المناخية المتوقعة منذ فترة طويلة".

رمضان تابع أن "انخفاض أسعار الغاز العالمية أدى إلى ظهور مشاكل أخرى، ففي البداية كانت حصة مصر من الغاز المستخرج من حقل ظهر كافية للاستهلاك المحلي، بينما كانت تُصدر الغاز القادم من إسرائيل بسبب ارتفاع سعره. لكن مع بداية الأزمة الاقتصادية في مصر وحاجة الدول الغربية للغاز، تم اتخاذ قرار سياسي بتوجيه أكبر كمية من الغاز إلى التصدير وترشيد الاستهلاك المحلي".

وسلّط الباحث الاقتصادي، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إلهامي الميرغني، الضوء أيضا على الأسباب الجذرية للمشكلة، فخلافا لحديث الحكومة عن زيادة استهلاك المواطنين، اعتبر أن "الأزمة ناتجة عن سوء التخطيط والإدارة واستبعاد الخبراء في عملية اتخاذ القرار".

وأردف أن "الأزمة الحقيقية تتمثل في انعدام الشفافية والصدق بين الحكومة وشعبها، مصحوبة بتصريحات استفزازية تؤجج مشاعر المواطنين.. للأسف، كشفت الأزمة أكاذيب يعيشها الشعب".

وزاد الميرغني بأن "رئيس الوزراء أعلن بوقاحة أن الكهرباء لن تنقطع عن العلمين الجديدة والساحل الشمالي، منتجع الأثرياء، بينما لا تصل الكهرباء إلى مئات القرى في الريف لأكثر من أربع ساعات يوميا".

واستطرد: "الكهرباء مقطوعة عن المصانع، لكنها متوفرة في المولات (المركز التجارية) والمنتجعات السياحية بحجة أن السياحة مصدر دخل لمصر. وهذه كذبة أخرى لرئيس الوزراء لأن صافي رصيد السياحة لا يتجاوز 6.2 مليارات دولار، بينما تبلغ تحويلات المصريين العاملين بالخارج 32 مليار دولار.. نحن نعيش في ظل الطبقية والفساد وسوء الإدارة".

فساد وسوء إدارة 

رمضان شاطر الميرغني رأيه باعتبار أن "الفساد وسوء الإدارة هما لب المشكلة. وقد أعلنت الحكومة في أغسطس/ آب 2022 عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء وتقليص الوقود اللازم لمحطات التوليد لصالح التصدير للاستفادة من ارتفاع أسعار الغاز عقب الحرب الروسية الأوكرانية (متواصلة منذ 24 فبراير/ شباط 2022)".

وأردف رمضان أنه "خلال هذه الفترة حدث انسحاب غير عادل من حقل ظهر للغاز في البحر المتوسط وضغط على الشركة المنتجة، إيني الإيطالية، لتسريع عملية الإنتاج للاستفادة من ارتفاع الأسعار الذي قد يكون سببا في مشاكل الحقل (أحاديث عن تسرب مياه إلى الحقل تنفي الحكومة صحتها)".

ووصف الميرغني ما حدث في قطاع الكهرباء بأنه "فساد وسوء إدارة وهدر للأصول والموارد، فوزارة الكهرباء حصلت على قروض بمليارات الدولارات، وعندما جاء موعد السداد رفعت الأسعار على المستهلكين وطرحت محطات جديدة للبيع لسداد الديون".

و"مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، تهدد أزمة الكهرباء بزعزعة المشهد السياسي في مصر، إذ يشعر المواطنون بالإحباط وخيبة الأمل، ولا يرون بدائل قابلة للتطبيق بين الأحزاب أو القادة"، بحسب الموقع.

وحذر الميرغني من "ظاهرة خطيرة، إذ قد يمتنع الناس عن المشاركة في الانتخابات جملة وتفصيلا بسبب انعدام الأمل في التغيير".

ويتولى الرئيس عبدالفتاح السيسي السلطة منذ انتخابات 2014، ويحق له، بموجب تعديلات دستورية دفع بها، الترشح في الانتخابات المقبلة في ظل أزمة اقتصادية حادة ومتفاقمة تعاني منها مصر.

و"تسبب إعطاء الحكومة الأولوية لصادرات الغاز على حساب احتياجات المصريين الملحة في معاناة وخيبة أمل وإحباط، وبالتالي، فإن أزمة الكهرباء في مصر ليست مجرد قضية زيادة الاستهلاك، بل هي تتويج لسياسات مضللة وفساد واستياء سياسي"، وفقا للموقع.

المصدر | ذا كرادل - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر كهرباء أزمة ظلام غاز سوء إدارة انتخابات

"القابضة لكهرباء مصر" تستدين 10 مليارات جنيه من بنك الكويت الوطني

انقطاعات الكهرباء مؤشر على أزمة حقيقية في مصر.. والسيسي: عبء علينا

الانقطاع المتكرر للكهرباء.. عبء سياسي على السيسي قبل الانتخابات