انقطاعات الكهرباء مؤشر على أزمة حقيقية في مصر.. والسيسي: عبء علينا

الأربعاء 16 أغسطس 2023 04:02 م

فاجأ القطع الدوري للكهرباء هذا الصيف المصريين الذين اعتادوا سماع الحكومة تتحدث عن زيادتها لإنتاج الكهرباء على مدى العقد الماضي، وهو ما برره الرئيس عبدالفتاح السيسي بارتفاع أسعار الوقود، وهو ما تسبب في أزمة حقيقية.

وخلال لقائه بأهالي مطروح والسلوم وسيدي براني، غربي البلاد، قال السيسي إن "الدولة اضطرت لتخفيف الأحمال (قطع الكهرباء) خلال الفترة الماضية، مع ذروة ارتفاع الحرارة في الشهرين الماضيين، لأن حجم الوقود المطلوب لتشغيل المحطات، بعد تكلفة الزيادة في الوقود، أصبحت عبئًا علينا".

وتابع أن الحكومة تبيع الكهرباء ووقود السيارات بالجنيه المصري، لكنها تشتري الوقود لمحطات الكهرباء والسيارات بالدولار الأمريكي.

وأضاف: "بالتالي لما يكون عندنا عبء كلنا نساع بعضنا (نساعد بعض)، إحنا مبنخبيش (لا نخفي) عليكم حاجة (شيء)".

وواصل قائلا: "كل تحدي نقدر نعبره مش بجهد الدولة، وإنما بفهم الناس إن التحدي يمكن التغلب عليه بالعمل والصبر".

كما لفت السيسي إلى أن مصر واجهت أزمة كهرباء حقيقية بعد أحداث 2011، مشيرا إلى أن الدولة تمكنت من عبورها بفضل الله.

وانقطاعات الكهرباء الدورية، جنبا إلى جنب مع مستويات تضخم قياسية وضعف حاد في العملة المحلية، كلها أعراض لأسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ تولي السيسي الحكم في 2014، وسط وعود بتحقيق الاستقرار والتنمية.

ومن المتوقع على نطاق واسع فوز السيسي، وزير الدفاع الأسبق الذي أشرف على حملة واسعة النطاق تستهدف المعارضة السياسية، بفترة رئاسة ثالثة في الانتخابات المتوقعة أوائل عام 2024، بدعم من الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، وفق "رويترز".

لكن المتاعب الاقتصادية في البلاد، تثير تذمر كثير من المصريين، الذين يعانون من تراجع مستوياتهم المعيشية بينما تنفق الدولة ببذخ على مشروعات ضخمة.

يقول كريم محروس، وهو من سكان الأسمرات، وهو حي للإسكان الاجتماعي في القاهرة تأسس في عهد السيسي: "احنا بقالنا عشر سنين، دلوقتي بيتكلموا عن تطوير شبكة الكهربا ومليارات اتصرفت على التطوير وخلاص نسينا حاجة اسمها قطع كهربا"، مضيفا أن الكهرباء تنقطع لمدة ساعة في المرة الواحدة.

وأضاف: "لما الكهربا تقطع مرة واتنين في اليوم وفي أماكن تانية مبتقطعش ربع ساعة فده ظلم".

ولم يكن انقطاع الكهرباء مشكلة كبيرة بعد الاضطرابات التي أعقبت تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك في انتفاضة 2011.

لكن الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي تسبب في تحول الرأي العام ضد محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا والمنتمي لجماعة الاخوان المسلمين، قبل أن يقود السيسي عزله في يوليو/تموز 2013.

ويرى معارضو السيسي أصداء ذلك الماضي في انقطاع التيار الكهربائي الذي بدأ في يوليو تموز وتم تنفيذه بحسب جدول زمني منشور منذ بداية أغسطس/آب.

ويقول سكان إنه يحدث في بعض المناطق أكثر من غيرها، مما يغذي الشعور بعدم المساواة.

من جانبها، تقول جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور أحد جماعات المعارضة العديدة المهمشة التي تحاول الضغط من أجل إصلاحات سياسية واقتصادية: "انقطاع الكهربا هو في الحقيقة مظهر من مظاهر فشل السياسات الاقتصادية وفشل في الإدارة، في الحقيقة الانقطاع بتاع التيار الكهربي محصلش من 2013 فهو بيرجعنا شوية لسنين طويلة ورا وللحظة سياسية ما، فالناس عندها شعور إنه إحنا ماشيين في اتجاه معين ممكن يبقى مشابه لاتجاه حصل من سنوات طويلة".

وتضيف: "عندك إحساس كبير بالخطر لأن هناك ما يهدد الآن السلم الاجتماعي والأمن وكل هذا الخوف والترقب والترصد والاستنفار والغضب واليأس بين كل الطبقات".

وبعد 2014، تحرك السيسي بخطوات سريعة لتعزيز إنتاج الكهرباء في مصر وتشييد ثلاث محطات كبيرة تعمل بالغاز، بينما اعتمدت حكومته بشدة على الدعم المالي الضخم من دول الخليج والمقرضين الدوليين في الغرب.

وتقول الحكومة إن تخفيف أحمال الكهرباء ضروري بسبب زيادة استهلاكها مع استخدام مكيفات الهواء في الطقس الحار غير المعتاد.

ويقول مسؤولون إنه إلى جانب المستشفيات والمباني ذات الأهمية، فإن مناطق تشمل الساحل الشمالي والبحر الأحمر مستثناة من قطع الكهرباء لحماية قطاع السياحة الذي يعد مصدرا مهما للعملة الأجنبية التي تحتاجها مصر بشدة بعد نقص حاد في الدولار تكشف أوائل العام الماضي.

ويرى محللون أن انقطاع التيار الكهربائي ناتج أيضا عن تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي الذي يستخدم في تشغيل معظم شبكة الكهرباء وأحد مصادر الدخل المهمة الأخرى للعملة الصعبة.

وسبق أن حذر تقرير من أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي، بالتزامن مع حرارة الصيف الحارقة، ربما تدفع الناخبين إلى مقاطعة واسعة لانتخابات الرئاسة المقررة في عام 2024؛ جراء شعورهم بـ"الإحباط وخيبة الأمل".

وتسبب إعطاء الحكومة الأولوية لصادرات الغاز على حساب احتياجات المصريين الملحة في معاناة وخيبة أمل وإحباط، وبالتالي، فإن أزمة الكهرباء في مصر ليست مجرد قضية زيادة الاستهلاك، بل هي تتويج لسياسات مضللة وفساد واستياء سياسي"، وفقا للتقرير.

وفي مقابل ذلك، بدأت الحكومة في حث السكان على خفض استهلاك الكهرباء في الصيف الماضي مع سعيها لتوفير الغاز للتصدير، عندما كانت أسعار الطاقة العالمية مرتفعة.

وتكافح الحكومة لجمع دولارات عبر خطط متعددة منها السماح للمصريين بالخارج ممن سافروا بدون أداء الخدمة العسكرية الإلزامية بتسوية أوضاعهم بشكل نهائي مقابل سداد مبلغ خمسة آلاف دولار أو يورو في حساب خاص في بنك مصر فرع أبوظبي.

ويلقي السيسي باللوم في المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها مصر إلى حد كبير على صدمات خارجية منها جائحة (كوفيد-19) والتداعيات غير المباشرة للحرب في أوكرانيا.

من جانبه، يقول مصطفى بكري عضو البرلمان المصري المؤيد للسيسي: "يعني أولا دعنا نقول أن الدول لا تخلو من مشاكل طارئة، ولكن الحقيقة المؤكدة أن هناك سعيا دؤوبا لإنهاء هذه المشاكل وتطوير محطات الكهرباء التي عانت في فترة سابقة من مشاكل كثيرة".

ويضيف: "عندما جاء السيسي إلى الحكم في عام 2014 وضع هذه القضية موضع اهتمام، كان هناك ثلاثة أمور مهمة، الأمر الأول هو إنشاء محطات جديدة، الأمر الثاني هو تطوير المحطات القديمة، الأمر الثالث هو إجراء الصيانة الدورية على كل المحطات".

ويتابع بكري: "الاقتصاد المصري نعم يعاني أزمات ومشاكل انعكست على المواطنين وعلى حياتهم المعيشية".

ويزيد: "(نحن) قادرون على إنهاء هذه الأزمات تدريجيا والشعب المصري مستعد أن يتحمل، لكن الشعب المصري لا يفرط في بلده وقد أخذ درسا وعبرة وعظة مما حدث في 25 يناير/كانون الثاني 2011".

وساعد الإنفاق العام على مشروعات البناء في الحفاظ على نمو الاقتصاد، لكن خبراء يقولون إن دور الجيش المسيطر كبّل الإصلاحات وإن عبء الديون المتنامي مدعاة للقلق.

كما تثير المشروعات الضخمة مثل العاصمة الجديدة خارج القاهرة والعاصمة الصيفية في العلمين على الساحل الشمالي، حيث تقضي النخبة تقليديا أكثر أشهر العام حرارة، غضبا شعبيا.

في ذات الوقت يشكو كثير من المصريين من أن حياتهم أصبحت أكثر صعوبة، بسبب إصلاحات الدعم والضرائب والارتفاع الكبير للأسعار.

وقارن محمد إبراهيم، وهو موظف حكومي يعيش في حي الأسمرات بين أسعار السجائر الآن وما كانت عليه خلال حكم مبارك.

وقال: "الوضع قبل كده كان أفضل كتير جدا جدا، فرق ما بين السما والأرض".

ويتولى السيسي السلطة في مصر منذ انتخابات 2014، ويحق له، بموجب تعديلات دستورية دفع بها، الترشح في الانتخابات المقبلة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر الكهرباء انقطاعات الكهرباء الغاز أزمة الوقود الطاقة السيسي انتخابات

السيسي: تشغيل محطات الكهرباء يحتاج وقود بـ350 مليون دولار شهريا

الانقطاع المتكرر للكهرباء.. عبء سياسي على السيسي قبل الانتخابات