كيف وضعت قطر نفسها على خارطة الوساطة بين أمريكا وفنزويلا؟

الأربعاء 6 سبتمبر 2023 12:57 م

بينما تطور قطر علاقاتها في أمريكا اللاتينية، من الممكن أن تستفيد أيضًا من الاضطلاع بدور الوسيط الموثوق في الخصومات الدبلوماسية، وعلى رأسها في المفاوضات الأمريكية الفنزويلية.

هكذا يتحدث تقرير لمركز "كارنيجي"، مشيرا إلى أنه في ضوء علاقات قطر مع إيران، والدور الذي اضطلعت به تاريخيًا في الوساطة بين الأخيرة والولايات المتحدة، فإن ذلك يمنحها خصوصية في التعامل مع بلدان أمريكا اللاتينية التي تزداد تقاربًا مع طهران.

وينطبق هذا بصورة خاصة على فنزويلا في أعقاب زيارة رئيسها نيكولاس مادورو إلى إيران في عام 2022، حيث وقّع خطة تعاون لمدة 20 عامًا مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

واستضافت قطر، في يونيو/حزيران الماضي، محادثات سرّية بين فنزويلا والولايات المتحدة، وذلك امتدادا لسجل حافل في مساعدة واشنطن في المفاوضات الحساسة، بما في ذلك عملية تبادل السجناء الأخيرة مع إيران والقنوات الخلفية بين أمريكا وحركة طالبان.

ووفق التقرير، ملأ صعود قطر بدور الوسيط في فنزويلا فراغًا خلّفه اتحاد أمم أمريكا الجنوبية وجهات فاعلة إقليمية أخرى تنشغل على نحو متزايد بالأزمات الاقتصادية والسياسية المحلية أو يُنظَر إليها بأنها تسعى إلى تنفيذ جداول أعمال منحازة.

قدّمت قطر نفسها بموقع الوسيط المحايد في فنزويلا مع حد أدنى من التشنّج مع جميع الأفرقاء المعنيين.

ولم تصطف قطر إلى جانب الولايات المتحدة في دعمها لمرشح المعارضة المتصدّر خوان جوايدو لمنصب الرئيس الانتقالي في فنزويلا، ولا إلى جانب إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حين فرضت عقوبات على مادورو، بموجب سياسة "الضغوط القصوى".

حياد استراتيجي

وقد ساهم هذا الحياد الاستراتيجي، مقرونًا بالموارد المالية الطائلة التي تمتلكها قطر وتاريخها في استضافة المفاوضات الأمريكية مع إيران وحركة طالبان، على التوالي، في تعزيز أوراق اعتمادها في مجال الوساطة.

ووفق التقرير، يتيح الاضطلاع بدور الوسيط في المحادثات الأمريكية الفنزويلية لقطر، حلًّا منخفض المخاطر للاستمرار في رأب سمعتها الدولية القائمة على الوساطة الحيادية، والتي أضعفتها سياستها التدخلية أثناء الربيع العربي.

ويسمح أيضًا للبلاد بالتحوّط في رهاناتها الأمنية من خلال إثبات أنها ذات فائدة للولايات المتحدة، وضامنة أساسية للأمن، في حين أنها حافظت على علاقاتها مع إيران التي تُعَدّ من أقرب الشركاء الاقتصاديين والعسكريين لفنزويلا في الأعوام الأخيرة.

ويتبدّل المشهد الجيوسياسي العالمي فيما تُقدِم البلدان، لا سيما تلك الشبيهة بفنزويلا التي تواجه تداعيات العقوبات الغربية، على تنويع علاقاتها الاقتصادية والسياسية بصورة متزايدة.

وقد سلّط صعود مجموعة "بريكس" المؤلّفة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، والتي يبدي أكثر من 40 بلدًا رغبته في الانضمام إليها، الضوء على هذا الابتعاد عن أحادية القطب.

في قمة مجموعة بريكس في أغسطس/آب الماضي، تلقّت السعودية ومصر والإمارات، ودول أخرى من خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، دعوة للانضمام إلى المجموعة.

ويشكّل ذلك، مقرونًا بتحوّل العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو الصين للاضطلاع بدور الوساطة، على النحو الذي أظهره الاتفاق السعودي-الإيراني الأخير، جزءًا من انعطافة إقليمية أوسع نحو شركاء غير غربيين.

وتناقش قطر "التخلّي عن الدولار" في تبادلاتها التجارية مع روسيا، ولكنها لم تُظهر اهتمامًا بالانضمام إلى مجموعة "بريكس"، وأحد الأسباب هو أنها قد لا تكون مستعدة بقدر القوى الإقليمية الأخرى لتعريض ترتيباتها الأمنية مع الولايات المتحدة للخطر.

ويلفت التقرير إلى أنه "ربما تعتقد قطر أن بإمكانها الاستفادة من العلاقات مع بلدان أمريكا اللاتينية من دون الانضمام إلى مجموعة بريكس".

ويضيف: "وقّعت قطر اتفاقات اقتصادية مع البرازيل وغيرها من دول أمريكا اللاتينية، ولا تصبّ هذه العلاقات في مصلحة الطرف الآخر فقط، بل من شأن الدوحة أن تستفيد أيضًا من تطوير علاقاتها مع فنزويلا في مجال الطاقة، فالأخيرة تملك أكبر حقول مثبَتة للنفط في العالم ويمكن أن تستفيد من الاستثمارات وتبادل المعرفة".

ولكن فيما تبدي طهران اهتمامًا متزايدًا بالتعاون الاقتصادي والعسكري مع أمريكا اللاتينية، وفقًا لما كشفته تسريبات البنتاجون في أبريل/نيسان الماضي، قد تصبح قطر أيضًا وسيطًا بالغ الأهمية لها.

وحافظت الدوحة على علاقات مع طهران، وساهمت في تيسير المحادثات لتجديد الاتفاق النووي، والتقى مسؤولون قطريون كبار وزير الخارجية الإيراني هذا العام لتوطيد الروابط.

وساهمت أزمة الخليج في عام 2017 أيضًا في زيادة الانخراط بين البلدَين.

المصدر | الخليح الجديد

  كلمات مفتاحية

فنزويلا قطر وساطة أمريكا أمريكا اللاتينية إيران