واشنطن بوست: تكثيف للقمع في مصر قبل حسم المعونة الأمريكية

السبت 9 سبتمبر 2023 03:30 م

شنت السلطات المصرية مؤخرا حملة اعتقالات لمعارضين، قبل قرار أمريكي محوري بشأن مصير المساعدات العسكرية للقاهرة، يُنظر إليه على أنه مؤشر رئيسي لكيفية موازنة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في سياستها الخارجية بين المصالح الأمنية والسياسية ومخاوف حقوق الإنسان، بحسب تقرير لكل من كلير باركر وميسي رايان في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية (The Washington Post).

كلير وميسي تابعتا، في التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن "جماعات حقوق الإنسان تقول إن حملة الاعتقالات ترمز إلى تفاقم القمع في عهد السيسي"، الذي يتولى الرئاسة منذ عام 2014 بعد نحو عام من الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا محمد مرسي (2012-2013)، ومن شبه المؤكد أن يخوض انتخابات في فبراير/ شباط 2024 ويفوز بولاية ثالثة.

وأضافتا أن "الاعتقالات أدت إلى زيادة المخاطر المحيطة بمداولات وزارة الخارجية الأمريكية، التي يجب أن تقرر بحلول 14 سبتمبر/ أيلول الجاري ما إذا كانت ستحجب أم لا جزءا من المساعدات العسكرية السنوية لمصر البالغة نحو 1.3 مليار دولار".

وهذا "الموعد الوشيك أدى إلى انقسام المشرعين الأمريكيين، إذ يضغط البعض على إدارة بايدن لحرمان القاهرة من حصة من المساعدات (العسكرية) السنوية تخضع لمتطلبات حقوق الإنسان وتبلغ 320 مليون دولار، بينما يعارض آخرون الضغط بملف حقوق الإنسان؛ نظرا إلى نفوذ القاهرة الإقليمي وموقعها الاستراتيجي الرابط بين أفريقيا والشرق الأوسط"، بحسب كلير وميسي.

وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية، طلب عدم نشر اسمه، للصحيفة إن "المسؤولين (الأمريكيين) يشجعون مصر على تمكين المجتمع المدني وحماية حقوق الإنسان والحريات وإطلاق سراح السجناء السياسيين"، مضيفا أن "التقدم في مجال حقوق الإنسان سيمّكن من إقامة أقوى علاقة ممكنة بين الولايات المتحدة ومصر".

وعادة ما تنفي السلطات المصرية صحة اتهامات محلية وخارجية لها بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وتقول إنه لا يوجد لديها معتقلين سياسيين، وإنما سجناء على خلفية جنائية، بينها أعمال عنف وإرهاب.

"وطن بدون تعذيب"

و"هذا الصيف، أصدر السيسي، وهو جنرال سابق يعاني من أزمة اقتصادية متفاقمة وسخط شعبي، عفوا عن سجناء سياسيين بارزين، بينهم الباحث في مجال حقوق الإنسان باتريك زكي والمحامي والناشط محمد الباقر، وقد أشاد وزير الخارجية (الأمريكي) أنتوني بلينكن بالإفراج عن الناشط أحمد دومة بعد نحو عقد من الزمن خلف القضبان"، كما تابعت كلير وميسي.

واستدركتا: "لكن جماعات حقوق الإنسان تقول إن إطلاق سراح بعض السجناء السياسيين البارزين صرف الانتباه عن حملة قمع أوسع نطاقا على حرية التعبير والنشاط السياسي، والتي تخضع بالفعل لقيود شديدة في مصر".

وأردفتا أنه "في الأسابيع الأخيرة، اعتقلت السلطات شخصية معارضة بارزة (هشام قاسم) ووالد صحفي منفي (أحمد جمال زيادة)، وأعادت اعتقال محمود حسين، المعروف باسم "معتقل التيشيرت" (قميص)؛ لارتدائه قميصا كُتب عليه "وطن بدون تعذيب".

وقال عمرو مجدي، كبير الباحثين في منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية ومقرها نيويورك: "لا أرى أي دليل أو مؤشر على التقدم في مجال حقوق الإنسان في مصر.. لا هذا العام ولا العام الماضي".

و"يأتي قرار واشنطن المرتقب بشأن المساعدات الأمريكية في منعطف حرج بالنسبة للسيسي، الذي من المتوقع أن يترشح لإعادة انتخابه، فيما يواجه المصريون تضخما قياسيا وتزايدا للفقر ونقصا في العملة الصعبة"، وفقا لكلير وميسي.

التطبيع والصين وروسيا

كلير وميسي قالتا إن الولايات المتحدة "تنظر إلى مصر، وهي منذ عقود من أكبر الدول المتلقية للمساعدات العسكرية الأمريكية، كحليف استراتيجي في منطقة مضطربة. وتلعب القاهرة دورا رئيسيا في التوسط بين الفلسطينيين وإسرائيل، ويأمل المسؤولون الأمريكيون أن تقود تحولا إقليميا في دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا".

ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تشن روسيا حربا في أوكرانيا تبررها بأن خطط جارتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.

وتابعت كلير وميسي أن "قرار المساعدة (لمصر) تتعلق به أولويات أمريكية أوسع في الشرق الأوسط، بينها تعزيز التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل ومواجهة التقدم الإقليمي لبكين وموسكو".

وترتبط مصر بعلاقات وثيقة مع الصين وروسيا المنافستين الاستراتيجيتين للولايات المتحدة، كما أنها واحدة من ست دول عربية من أصل 22 دولة، مع الأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان، تقيم علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل.

ووفقا لتصريحات أمريكية وإسرائيلية، تعمل إدارة بايدن، الذي يأمل في إعادة انتخابه لفترة ثانية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، على صفقة ضخمة لتطبيع محتمل للعلاقات بين إسرائيل والسعودية، التي تتمتع بمكانة دينية بازرة في العالمين العربي والإسلامي وقدرات اقتصادية هائلة.

ولا ترتبط الرياض بعلاقات رسمية معلنة مع تل أبيب، وترهن ذلك بانسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

المصدر | كلير باركر وميسي رايان/ واشنطن بوست- ترجمة وتحير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي قمع المعونة الأمريكية مساعدات حقوق الإنسان

رسالة خاطئة في الوقت الخطأ.. إدانة حقوقية لتقديم بايدن مساعدات عسكرية لمصر