استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

رسالة إلى القيادة الصينية

الاثنين 11 سبتمبر 2023 04:22 ص

رسالة إلى القيادة الصينية

يجب أن تقال كل الحقائق للقيادة الصينية ولا يمنع ذلك اعتبارها صديقة أو إقامة علاقات تعاون اقتصادية معها أو الوقوف ضد أمريكا في صراعها مع الصين.

شراء الصين لشركة تعنى بالاستيطان، والموقف من المقاومة الفلسطينية، ومن الدولة القومية اليهودية، يشكل كارثة، ويخالف القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

إذا كانت الصين لأسباب تخصها لا تقبل بالطرح الفلسطيني، فهذا لا يمنع أن تقوم علاقات صداقة وتعاون بين الصين وشعب فلسطين، والشعوب العربية والإسلامية.

تاريخ الصين مع قضية فلسطين مرّ بمرحلة صداقة حميمة، تأييداً للقضية ودعماً للمقاومة، وكان موقفها الأفضل عالميا حتى اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.

يجب ألاّ تتدخل الصين في الضغط للتسوية، وحلّ الدولتين، لأنه في هذه الحالة تدخل في شأن داخلي، وإثارة نقاط خلاف تسيء لما يمكن أن يقوم ويطوّر من علاقات صداقة وتعاون.

صدر من الصين ما يفيد بالمضي نحو رعاية مفاوضات تسوية مما يشير لاحتمال قوي أنها قطعت شوطاً بهذا التوجه مع حكومة نتنياهو، وإلاّ ما كانت لتعلن عن رغبتها استنادإ لموافقة رسمية فلسطينية فقط.

* * *

كما كان متوقعاً منذ أن صدرت إشارة رسمية من الحكومة الصينية بإبداء الاستعداد لرعاية مفاوضات تسوية على الساحة الفلسطينية، فإن الصين ستواصل الإعداد لهذه الخطوة.

وقد تأكد ذلك من خلال الزيارة التي أعدت لها لرئيس م.ت.ف محمود عباس، لزيارة الصين خلال الأسبوع الفائت، وذلك بعد أن أخذت موافقته على تحركها بهذا الاتجاه.

وقد صدر من الصين ما يفيد بأنها ماضية ضمن هذا التوجه، الأمر الذي يشير إلى احتمال قوي بأنها قطعت شوطاً بهذا التوجه مع حكومة نتنياهو، وإلاّ ما كانت لتعلن عن رغبتها، بالاستناد إلى الموافقة الرسمية الفلسطينية فقط.

وهنا يمكن أن يُستنتج الأمر نفسه إذا ما أُخذ بعين الاعتبار استمرار التباعد بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونتنياهو، مما قد يدفع الأخير للعب بالورقة الصينية، رداً على هذا التباعد.

تاريخ الصين مع قضية فلسطين مرّ بمرحلة صداقة حميمة، تأييداً للقضية ودعماً للمقاومة، وكان موقفها الأفضل عالميا حتى اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.

ثم بدأ بالتراجع النسبي إلى أن انتهى بعودة الاعتراف بدولة "إسرائيل"، وتبني أخيراً مشروع "حلّ الدولتين"، مع علاقات اقتصادية وسياسية قوية مع الكيان الصهيوني.

وقد وصلت تلك العلاقات الأوج في الآونة الأخيرة، من حيث الاتفاقات الاقتصادية والتعاون التكنولوجي، وشراء شركة صهيونية لـ"تحسين مظهر المستوطنات"، كما اعتبار المقاومة عمل تخريبي، أو تأييد سياسة "إسرائيل" كوطن قومي ليهود العالم.

هذا كله يفترض بفصائل المقاومة، ولا سيما الرافضة لاتفاقيات أوسلو أو لحلّ الدولتين، أن تدخل مع الصين بمحادثات جادّة، بعيداً من المجاملة، وذلك لإيضاح الحق الفلسطيني على كامل أرض فلسطين، كما الحق بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وباعتماد استراتيجية المقاومة، كما رفض حلّ الدولتين، أو حلّ الدولة الواحدة.

وهذا الحلّ يعطي للمستوطنين شرعية الوجود في فلسطين، والتفاوض على حق تقرير مصيرها، وذلك عندما يعطي حق المواطنة المتساوية، وهو المستوطن الاقتلاعي الإحلالي غير الشرعي.

ليس ثمة فارق بين تمسك الصين بحقها الكامل في تايوان، وتمسّك الفلسطينيين بحقهم الكامل في فلسطين. وأما الفارق، فبقاء تايوان صينية، ولم تفقد هويتها الصينية، فيما فلسطين احتُلت من مستوطنين، غزاة غرباء، جاء بهم الاستعمار البريطاني، ومكّن لهم من اقتلاع ثلثي الشعب الفلسطيني، والحلول مكانه، وإقامة كيان يستهدف تهويد فلسطين بالكامل، وإفقادها لهويتها، الأمر الذي يجعل التمسّك بالحق الفلسطيني أشدّ إلحاحاً، وواجباً وضرورة.

وإذا كانت الصين لأسباب تخصها، لا تقبل بالطرح الفلسطيني، فهذا لا يمنع أن تقوم علاقات صداقة وتعاون بين الصين والشعب الفلسطيني، والشعوب العربية والإسلامية، ولكن شريطة ألاّ تتدخل الصين في الضغط للتسوية، وحلّ الدولتين، لأنه في هذه الحالة يعدّ تدخلاً في الشأن الداخلي، وإثارة نقاط خلافية تسيء لما يمكن أن يقوم ويطوّر من علاقات صداقة وتعاون.

هنا تجب الإشارة عند تناول موضوع العلاقات والمستقبل، إلى أن موقف الدول العربية وأغلب الدول الإسلامية يختلف عن موقف الشعوب العربية والإسلامية، ويختلف عن موقف فصائل المقاومة والشعب الفلسطيني، لأن الدول سبق لها وتراجعت عن الحق الفلسطيني والعربي والإسلامي في فلسطين، وتخلت عن عدم الاعتراف بما تمّ من اقتلاع وإحلال، وما هو قائم من ظلم فادح للقضية الفلسطينية.

من هنا فإن موقف الدول العربية والإسلامية، كما السلطة الفلسطينية، سوف يتغير بالنسبة لقضية فلسطين، مع نهوض الشعوب وتحرّرها ووحدتها، وهو أمر آتٍ لا محالة.

الظاهر في الموقف الصيني هو الدعوة لحلّ الدولتين، أما مسألة شراء الصين للشركة التي تعنى بالاستيطان، والموقف من المقاومة الفلسطينية، ومن الدولة القومية اليهودية، فيشكل كارثة، من ناحية مخالفة القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

كما يتناقض مع سقف الدول العربية والإسلامية، وحتى دول العالم، فكيف بالنسبة إلى الشعوب. لذلك يجب التراجع عن هذه السياسات، لأنها تضر بالعلاقات الجيدة والمستقبلية، وتفرض أن يُعاد النظر فيها، بالنسبة للسياسة الصينية عموماً.

صحيح أن المقاومة الفلسطينية وحركة التحرّر العربي، وعدد من البلدان الإسلامية تقف ضد أمريكا، في ما يجري من صراع ومواجهة بين الصين وأمريكا أو بين روسيا وأمريكا، وذلك بسبب المظالم الكثيرة التي لحقت بالشعوب العربية والإسلامية من الاستعمار الغربي، ولا سيما البريطاني والفرنسي والأمريكي، كما بسبب السياسات الغربية والأمريكية الراهنين.

وهو موقف لا نقايض عليه، حتى لو قامت سياسات صينية أو روسية في غير مصلحة قضية فلسطين كما هو حادث الآن، فالموقف هنا، والحالة هذه، سيكون ضد أمريكا والغرب..

ولكن على الصين أن تعلم أن موقفها من شركة تجمّل المستوطنات، موقف مخالف للقانون الدولي، ولميثاق هيئة الأمم لأن الاستيطان غير مشروع من حيث أتى.

وكذلك موقفها من المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال من خلال عدم اعتبارها مشروعة وحقاً للشعب الفلسطيني، وهذا ما ينصّ عليه القانون الدولي، وميثاق هيئة الأمم، بل وقرارات صادرة عن الجمعية العامة، بإعطاء الشعب الفلسطيني الحق باستخدام السلاح والمقاومة ضدّ الاحتلال.

أما الاعتراف بحق "إسرائيل" بالتحوّل إلى دولة قومية ليهود العالم، فبدوره يشكل دعماً لحالة استعمار استيطاني اقتلاعي إحلالي، ولا حق لها حتى بالوجود على أرض فلسطين؛ لأن كيانها غير شرعي حتى بموجب قرار التقسيم المخالف للقانون الدولي الذي يعطي الشعب الذي كان يسكن فلسطين ساعة دخول الاستعمار، حقاً حصرياً في تقرير مصيرها.

كما أن ميثاق هيئة الأمم المتحدة لا يعطي الجمعية العمومية صلاحية أو حق تقرير مصير أي بلد من بلدان العالم، وهذا الذي خالفته الجمعية العامة بإصدار القرار 181 لعام 1947 بحق فلسطين.

بل حتى عضوية "دولة إسرائيل" في هيئة الأمم كان مشروطاً بإعادة اللاجئين (قرار 194) وبالعودة إلى حدود قرار 181 لعام 1947، وهما لم يطبقا، بل وتوسعت دولة إسرائيل أكثر حتى احتلت كل فلسطين، وتبنت سياسة عدم الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين.

وبالمناسبة، إن حكومات الكيان الصهيوني منذ 1948 حتى اليوم، لم تعترف بأيّ قرار من قرارات هيئة الأمم المتحدة، بما فيها المجحفة بالحق الفلسطيني، لأن استراتيجية وسياسات المشروع الصهيوني في فلسطين يهدف إلى اقتلاع كل الفلسطينيين من فلسطين واعتبارها "أرض إسرائيل" بالكامل، ويجب أن تتهود وتكون وطناً قومياً ليهود العالم.

هذا المشروع هو الذي يفسّر استحالة قبول الكيان الصهيوني بحلّ الدولتين، رغم إجحافه بالحق الفلسطيني حتى المعطى من قبل القرار 181 لعام 1947، والخاص بتقسيم فلسطين. وقد أُعلن قيام دولة إسرائيل بموجبه دون الاعتراف به كاملاً (نص إعلان بن غوريون لقيام دولة إسرائيل).

بكلمة، يجب أن تقال كل هذه الحقائق للقيادة الصينية دون أن يمنع ذلك من اعتبارها صديقة، أو يمنع إقامة علاقات تعاون اقتصادية معها، أو يحول دون الوقوف ضد أمريكا في صراعها مع الصين.

هذا ويمكن أن يقال لروسيا الشيء نفسه، مع لفت انتباهها إلى خطورة نقل السفارة الروسية إلى القدس، سواء في شرقها أو غربها.

*منير شفيق كاتب ومفكر وسياسي فلسطيني

المصدر | عربي21

  كلمات مفتاحية

الصين فلسطين إسرائيل مبادرات محمود عباس رعاية مفاوضات تسوية حل الدولتين الكيان الصهيوني استعمار استيطاني اقتلاعي إحلالي الدولة القومية اليهودية